خاص الكوثر - العشرات
المسلسل من إخراج وكتابة البريطاني بن روس، ويشارك فيه باحثون من ديانات مختلفة، مع إعادة تمثيل درامي للأحداث التاريخية. يؤدي دور النبي موسى الممثل الإسرائيلي آفي أوزولاي، فيما تجسّد شقيقته مريم ممثلة إسرائيلية أخرى، ويؤدي دور فرعون الممثل الألماني التركي حماد كرتولموش.
يعتمد العمل – وفق صُنّاعه – على آراء باحثين وعلماء دين وآثار، لكنه يقدّم قراءات معاصرة مثيرة للجدل، تتقاطع مع سرديات إسرائيلية واضحة.
من أبرز الإشكاليات التاريخية، اعتماد المسلسل على فرضية أن رمسيس الثاني هو فرعون موسى، وهو أمر غير محسوم تاريخيًا، إضافة إلى الادعاء بأن ابنة فرعون هي من تبنّت موسى، خلافًا للرواية الإسلامية التي تنص على أن زوجة فرعون، السيدة آسيا، هي من وجدته وربّته.
أما على مستوى التناول الدرامي، فيُقدَّم النبي موسى بصورة حادة الطباع، انفعالية، أقرب إلى القائد العسكري منها إلى النبي المربي، مع التركيز المكثف على مشاهد العنف والقتل، لا سيما حادثة قتل المصري، التي لا تُعرض كخطأ أخلاقي بقدر ما تُبرَّر كضرورة في مسار «التحرر والخلاص».
ويرى نقاد أن العمل يحمل إسقاطات سياسية واضحة على الواقع الإسرائيلي المعاصر، أبرزها:
تطبيع العنف باعتباره ضرورة وجودية لبناء الدولة.
تبرير الوسيلة بالغاية عبر إسقاط فكرة الخلاص القومي.
اختزال الجغرافيا في مسار واحد: من العبودية إلى «الأرض الموعودة».
إعادة صياغة الهوية كهوية شعب مهدد يسعى للبقاء.
تعظيم دور النساء بوصفهن العقل الاستراتيجي خلف القائد، بما ينسجم مع الخطاب الإسرائيلي الحديث حول المرأة في المؤسسة العسكرية والسياسية.
في المحصلة، لا يبدو «تشتيت: قصة موسى» مجرد عمل فني يعيد سرد قصة دينية بطرح عصري، بل نموذجًا لـ«القوة الناعمة» التي تعيد إنتاج السرديات السياسية الإسرائيلية تحت غطاء التاريخ والدين.
ويبقى السؤال مفتوحًا أمام المشاهدين:
هل نحن أمام قراءة فنية معاصرة لقصة دينية؟
أم أمام أداة إعلامية ناعمة لتطبيع روايات سياسية راهنة؟