الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة

الإثنين 23 إبريل 2018 - 16:37 بتوقيت مكة
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة

فلسطين - الكوثر: ترجع أصول نشأة "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة"، إلى عام 1959، حين شرعت جماعة قليلة من الفدائيين، بقيادة ، أحمد جبريل، تهيِّئ لعمل عسكري فلسطيني. وحملت، خلال سنواتها الأولى، اسم "جبهة التحرير الفلسطينية".

واتخذت سورية قاعدة لها، حتى عام 1967، وتبنت برنامجاً إستراتيجياً، أطلق عليه "المبادئ الائتلافية"، وهذه المبادئ هي:

1. الشعب العربي الفلسطيني، هو المسؤول الأول عن قضيته، ومن خلفه الشعوب العربية.

2. رفض الوصاية على الشعب الفلسطيني، من أيّ جهة، سواء كانت نظاماً أو حاكماً أو حزباً. وقضية فلسطين قضية قومية، من واجب كلِّ عربي دعمها.

3. تحريم التكتل والنشاط الحزبي، ضمن صفوف الجبهة.

4. الديموقراطية، والاستشارة، والإجماع، ضرورات لتحقيق انتصار المسيرة النضالية.

5. رفض أنصاف الحلول، والحلول الوسطى، للقضية الفلسطينية، أو أيّ مشروع تسوية، القصد منه القضاء على القضية الفلسطينية.

6. شكل الحكم، وكلُّ ما يتعلق به، متروك إلى ما بعد التحرير، ويقره مجلس وطني فلسطيني.

ابتغت الجبهة من هذه المبادئ، تثبيت الشخصية الفلسطينية، والمحافظة عليها من الذوبان، وتقوية الروابط بين أبناء الشعب الفلسطيني.

وفي عام 1965، انقسمت جبهة التحرير إلى ثلاث جماعات قتالية، هي: جماعة الشهيد عبدالقادر الحسيني، ومركزها في الضفة الغربية، وفِرقة الشهيد عبداللطيف شرور، وتعمل في جنوبي لبنان، وفِرقة الشهيد عز الدين القسام، ومركزها في سورية، وعملها في شمالي فلسطين، في سهل الحولة، وطبريا، وقرى الجليل الأعلى.

بدأت الجبهة عملياتها العسكرية الفعلية، عام 1966، وخاصة بعد انطلاقة "حركة فتح"، وسقط أول شهدائها في أواخر العام نفسه. وما لبثت أن انضمت إلى "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، وعملت ضمن صفوفها، حتى أكتوبر1968، حينما انفصل أحمد جبريل عن جورج حبش، معلناً الاسم الجديد: "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة"؛ أمّا انفصالهما؛ فمردّه إلى أن جبهة أولهما، كانت تريد السيطرة على جبهة الثاني، وصرفها عن خطها، الذي اختطته لنفسها؛ إدراكاً منها للعقبات، التي تواجه العمل الفدائي الفلسطيني، وللمؤامرات الرامية إلى القضاء على القضية الفلسطينية.

كانت الجبهة تشدد على نموّ القدرات الفنية، من أجل ضمان تنفيذ العمليات العسكرية على أكمل وجه. وهي تؤمن بارتباط النشاط الفلسطيني المسلح بالجهد العربي الواسع، وخصوصاً جهد الجيوش العربية النظامية؛ ما يعني الاكتفاء بمنح العمل الفدائي دوراً ثانوياً. وهو السبب الذي جعل أحمد جبريل ينسحب، مع عناصره، من معركة الكرامة، في 21 مارس 1968، وترْك قوات فتح بمفردها في المعركة؛ وقد أثر هذا الانسحاب في الجبهة، فيما بعد، جماهيرياً.

يصعب تقدير عدد مقاتلي "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة"، عند انطلاقها، ويظن أنه لم يزد على مائة، حتى حرب 1967. وقد انطلقت الجبهة، مجدداً، بعد معركة الكرامة، وازداد عدد قواتها، فناهز 200 مقاتل. وترجع قِلة عدد مقاتلي الجبهة إلى تشددها في انتقائهم، وإخضاعهم للتدريب الشاق، والانضباط الصارم، بل إن الخط البياني لنموّها، طالما مال إلى تراجع عددهم.

زودت الجبهة مقاتليها بالأسلحة الفردية الخفيفة، التي كانت تحصل عليها من سورية، حتى أوائل السبعينيات، ومن التنظيمات الأخرى، والسوق الحرة. وبعد الخروج من الأردن، حصلت على أسلحة من العراق، ودول أوروبا الشرقية، وكذلك ليبيا. وكانت تدرب عناصرها، في بادئ الأمر، في معسكرات، في سورية، وفّرها لها الجيش السوري، حتى عام 1968. ثم أنشأت معسكراتها الخاصة في الأردن، حتى عام 1971. وبعد ذلك، خرجت من الأردن، وانتقلت إلى لبنان وسورية، حيث استمرت من عام 1971 إلى 1973. ثم تمركزت بعد عام 1973، في جنوبي لبنان، وتحديداً في القطاع الشرقي؛ وأنشأت في هذا البلد معسكرات تدريب خاصة. وقد اشتركت الجبهة في الدورات الفلسطينية الجماعية، في الاتحاد السوفيتي، وبعض الدول الاشتراكية. واتصفوا بسمات بارزة، مثل الكفاءة الفنية المرتفعة، وتحديداً في مجال الهندسة القتالية؛ حتى إن بعض التنظيمات الفدائية الأخرى كانت تستعين بهم في المهام الهندسية، المتعلقة بالعمليات العسكرية. كما امتازوا "بالاحتراف العسكري"؛ ما جعل الجبهة تنجح في تنفيذ العديد من العمليات العسكرية، التي استهدفت الطائرات الإسرائيلية المدنية، والمؤسسات والمكاتب التجارية، في البلدان الغربية، فضلاً عن نجاح عملياتها الانتحارية، مثل "عملية اقتحام مستوطنة كريات شمونا، شمال فلسطين"، في أبريل 1969، والتي تجاوزت، بين عامَي 1967 و1969، 400 عملية قتالية، شملت كلَّ الأراضي العربية المحتلة. وقدرت خسائر العدوّ، في العمليات، بنحو 3500 إصابة، بين قتيل وجريح، وتدمير ما لا يقل عن 280 آلية مختلفة. في حين بلغ عدد شهداء الجبهة 52 شهيداً و30 أسيراً ومفقوداً.

أحمد جبريل - مؤسس الجبهة - القيادة العامة

عقدت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة"، مؤتمرها الأول، في نهاية عام 1968. وأقرت فيه برنامجها السياسي، المسمَّى "الميثاق"، أكدت فيه أن "الثورة المسلحة على العدوان والاستعمار، هي الطريق الوحيد، والحق المقدس لكلِّ الفلسطينيين، وأن القضية الفلسطينية قضية قومية، وأن الثورة الفلسطينية مرتبطة ارتباطاً، عضوياً ومصيرياً، بالثورة العربية، وهي أحد عناصرها. وأن الكيان الإسرائيلي، هو المخلب والرأس، الذي يشكله الاستعمار والإمبريالية، في الوطن العربي".

عَدَّت الجبهة نفسها تنظيماً، لا ينتمي إلا إلى القضية العربية الفلسطينية، التي تستمد طاقاتها من الجماهير العربية، وتنظيماً جماهيرياً مستقلاً، وليس مرتبطاً بأيِّ حزب أو حركة سياسية أخرى.

 كانت الجبهة تحترم القوانين والأنظمة الموضوعة، في كلِّ بلد عربي تكون فيه، ما دامت تلك القوانين، لا تتعارض ودورها في الكفاح المسلح. وترى أيَّ حكم أو نظام، يحاول الحد من قدرتها أو منعها من أداء مهمتها، في صفّ أعداء الثورة.

وعقدت الجبهة مؤتمرها العام الثاني، في سبتمبر 1969، وتبنت فيه "الاشتراكية العلمية". وأكدت في مؤتمرها العام الثالث، في أبريل 1971، تبنّي تلك الاشتراكية، وبرنامج سياسي منبثق منها. وكان مؤتمرها الرابع في أغسطس 1973.

انشق من الجبهة تنظيمان: الأول، باسم "جبهة التحرير الفلسطينية"، وهو لا يزال قائماً (جماعة أبو العباس)؛ والثاني، باسم "منظمة فلسطين العربية"، تزعمها أحمد زعرور، في أغسطس 1969، تستند إلى الفكر القومي الناصري.

في أوائل أبريل 1970، أصدرت الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة بيانها الرقم 192، الذي نددت فيه بالمشروعات الاستسلامية لقضية فلسطين، وموافقة بعض الأنظمة العربية على مشروع روجرز الاستسلامي. واتهمت، في بيانها الصادر في فبراير 1971، النظام الأردني، بالعمل على القضاء على المقاومة، بالتواطؤ مع عدد من الدول العربية، التي لزمت الصمت تجاه ما يجري في الأردن، واكتفت بالتنديد الكلامي. كما هاجم البيان مشروعات الحلول السلمية.

لقد شاركت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة"، في اجتماع المجلس الوطني الرابع، الذي انعقد في القاهرة، خلال الفترة من 10 إلى17 يوليه 1967، وهو أول اجتماعاته، بعد حرب ذلك العام، وأول اجتماع تتلاقى فيه المنظمات الفلسطينية، وتشارك في جميع أعماله، وتوافق على مقرراته، التي تُعَدّ في مجموعها خطة ومنهاجاً للعمل الفلسطيني، في جميع المجالات. وهي تمثّل الأفكار والآراء المشتركة، التي تلاقت عليها، والتزمت بها جميع القوى العاملة، التي تمثّلت في المجلس.

لم تشارك الجبهة في الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني، المنعقدة في القاهرة، خلال الفترة من الأول إلى الرابع من فبراير 1969. وشاركت، بعد ذلك، في جميع جلساته، حتى انضمت إلى الاتجاه المعارض للسياسة المرحلية، والبرنامج السياسي، الذي تبنته منظمة التحرير الفلسطينية؛ فشكلت مع بعض التنظيمات، ما سمِّي "جبهة الرفض الفلسطينية"؛ وذلك في عقب حرب أكتوبر1973. ووقفت موقفاً رافضاً لكافة المشروعات السياسية، التي طرحت لحل القضية الفلسطينية، بل عّدَّتها مشروعات استسلامية؛ لأنها تمنح الشرعية لوجود إسرائيلي.

المصدر: وكالة وفا

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الإثنين 23 إبريل 2018 - 16:37 بتوقيت مكة