رجُل الثورة الصامتة* (القسم الأول)

الخميس 16 نوفمبر 2017 - 21:34 بتوقيت مكة
رجُل الثورة الصامتة* (القسم الأول)

اختلاف الأدوار في السيرة الجهادية العطرة لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، لا يعني ـ على سبيل المثال ـ أنّ الإمام الحسين ( عليه السلام ) رجل ثورة وقتال فقط ، بينما الإمام الحسن ( عليه السلام ) رجل مهادنـة وسلـم ، بل الواقع غير ذلك .

فاضل عباس

حين نستعرض السيرة الجهادية النيّرة لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، فإنّ القلم يعجز عن التعبير عن تضحياتهم العظيمة في سبيل إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى ، ودأبهم على نشر الدين المحمّدي الأصيل ؛ إذ إنّنا نقف أمام مدرسة عظيمة تنوّعت أدوار كلّ فرد من أفرادها ومواقفه ، إلاّ أنّ هدفها واحد ، وهو إقامة حكومة العدل الإلهي وتطبيق السُنّة المحمّدية ، مثل هذا المشروع الإلهي العظيم ، يتطلّب التضحية والفداء بالدم والروح والنفس والأهل ـ أحياناً ـ كما هي كربلاء الحسين ( عليه السلام ) ، وأحياناً أخرى بالكلمة ، والموقف ، والصبر ، والثبات ، كما هي السيرة الجهادية للإمام الحسن ( عليه السلام ) .

والأدوار التي قام بها أهل البيت ( عليهم السلام ) رغم اختلافها الظاهري ـ للوَهلة الأُولى ـ إلاّ أنّها في الحقيقة وحدة متكاملة ومنهجية متناسقة ؛ حيث كلّ عنصر فيها قام بإكمال دَور العنصر الآخر ، وبالتالي هي سلسلة محمدية واحدة تعمل على تحقيق الهدف المنشود ، أَلا وهو إقامة حكومة العدل الإلهي على يدَي صاحب العصر والزمان الإمام الحجّة المهدي ( عجّل الله تعالى فرَجه الشريف ) في آخِر الزمان .

فاختلاف الأدوار في السيرة الجهادية العطرة لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، لا يعني ـ على سبيل المثال ـ أنّ الإمام الحسين ( عليه السلام ) رجل ثورة وقتال فقط ، بينما الإمام الحسن ( عليه السلام ) رجل مهادنـة وسلـم ، بل الواقع غير ذلك ، فالسيرة الحسنية الجهادية غلَب عليها طابع الصلح مع العدوّ لأسباب وظروف اقتضت ذلك ، بينما السيرة الحسينية غلب عليها طابع الثورة والجهاد لأسباب وظروف أخرى مختلفة ، وخير دليل على ذلك عند استعراضنا الحياة الجهادية للإمام الحسن ( عليه السلام ) ، فهي تارة مليئة بالمواقـف ، والبطـولات ، والتضحيات ، وتارة تستلزم الصلح والمسالمة ، ولكن في كلتي الحالتين يبقى الهدف واحد وهو : مصلحة الإسلام العليا .

( ... وقد يعتقد البعض بأنّ الحسن ( عليه السلام ) صاحب الصلح والمهادنة ، والإمام الحسين ( عليه السلام ) له الثورة والتمرّد ، إلاّ أنّه لو عكسنا الشخصين لقام كلٌّ منهما بنفس الدَور ، أي الظروف هي التي حكمت بأنّ كلّ منهما يتبع نهجاً ما ، أي الظروف هي تحكم بالحرب أو السِلم ، بينما الدافع والهدف هو واحد ، هو فقط المصلحة العامّة لا غير ) (1) .

وعلى هذا الأساس نلاحظ بأنّه عند الحديث عن سيرة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، فإنّه يتبادر مباشرة للذهن صُلحه مع معاوية ، وكأنّ حياته ( عليه السلام ) كلّها تُختزل في هذا الصلح ـ وذلك بغضّ النظر عن أهمّيتها ـ وبالتالي هو بعيد كلّ البُعد عن ساحات القتال والمواجهة ، لكن سيرته سلام الله عليه تحدّثنا بغير ذلك .

فقد أعَدّ الجيوش والمقاتلين لقتال معاوية عندما سمحت له الظروف بذلك ، لكن عامل المفاجأة الذي برز في صفوف جيشه ( عليه السلام ) ـ كبروز حالات الخيانة والغدر ـ دفعه نحو الصُلح مع معاوية ، أليس هو القائل ( عليه السلام ) مجيباً أحد أصحابه العاتبين عليه بالصلح : ( والله لو وجدت أنصاراً لقاتلت معاوية ليلي ونهاري ) ؟( 2) .

وفي موقع آخر يردّ ( عليه السلام ) على أحد أعدائه ، وهو ( عبد الله بن الزبير ) ، الذي كان يُعلن مناوءته لآل محمد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فكان ممّا أجابه به قوله ( عليه السلام ) : ( وتزعم أنّي سلّمت الأمر ، وكيف يكون وويحك كذلك ؟ ، وأنا ابن أشجع العرب ، وقد ولدتني فاطمة سيدة نساء العالمين ، لم أفعل ذلك ويحك جُبناً ولا ضعفاً ، ولكنّه باغٍ مثلك ... ) (3) .

ومع كلّ هذا وبعد وقوع الصلح مع معاوية ، استمرّ الإمام الحسن ( عليه السلام ) في مسيرته الجهادية ضده ، بل عمل على تمهيد الأرضية المناسبة للثورة الحسينية الكربلائية ، وشهادته ( عليه السلام ) ، وقتله مسموماً خيرُ دليل على ذلك ، وإلاّ لماذا قُتل الحسن ( عليه السلام ) لو كان رجل مسالمة وصُلح مع العدوّ ؟! فأيّ تأثير له على نظام معاوية ما دام كذلك ؟! .

فالجواب : واضح وبديهي ، هو أنّ الإمام الحسن ( عليه السلام ) هو رجل ثورة ضد الظلم بكلّ ما للكلمة من معنى ، سواء كان ذلك الجهاد بالكلمة أو بالسيف ؛ ولهذا أصبح استمرار جهاد الإمام الحسن ( عليه السلام ) ضد معاوية ونظامه المتغطرس عامل خوف ورعب عليهم ، بل شكّل خطراً يهدّد كيان النظام الأموي ، ما دفع معاوية لوضع حدٍّ له ، فكانت الشهادة المباركة .

وبناءً على ذلك ، هو أنّ الكثير من البحوث والدراسات ، يلاحظ بأنّ غالبيّتها تتناول الجانب الفكري والأخلاقي لأئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، بينما الجانب الجهادي والقتالي يبقى غامضاً في كثير من الأحيان ، ومثال على ذلك سيرة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، حيث أغلَب الدراسات والبحوث التي تناولت حياته المباركة ، تحمِل عنوان " صلح الإمام الحسن ( عليه السلام ) " ـ وذلك بغضّ النظر عن أهمية تلك الدراسات ـ ممّا يوحي بأنّ الحسن ( عليه السلام ) رجل صلح ومهادنة فقط .

ولكن واقع وحقيقة سيرته الجهادية أعظم وأشمل من ذلك ، بل هو كما عند بقية الأئمة ( عليهم السلام ) ، كسيرة الإمامين السجّاد والصادق ( عليهما السلام ) ؛ حيث برزت التكتّلات والتشكيلات السرّية تحت إشرافهم وتوجيهاتهم ، رغم أنّ عصر الإمام السجاد ( عليه السلام ) تميّز بنشر الفكر الأخلاقي والعبادي لمدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وتميّز عصر الإمام الصادق ( عليه السلام ) بنشر فقه وعلوم أهل البيت ( عليهم السلام ) .

ويشير إلى تلك الحقيقة سماحة السيد القائد الخامنئي( دام ظلّه الوارف ) بقوله: إنّ غُربة الأئمة ( عليهم السلام ) لم تقتصر على الفترة الزمنية التي عاشوها في حياتهم ، ولكنّها استمرّت ولعصور متمادية من بعدهم ؛ والسبب في ذلك يرجع إلى إهمال الجوانب المهمّة ، بل والأساسية من حياتهم .

من المؤكّد أنّ هناك كتُباً ومؤلّفات كثيرة قد حظِيَت بمكانةٍ رفيعة وقديرة وذلك لِما حملته بين طيّاتها من روايات تصف حال الأئمة( عليهم السلام )، ولِما نقلته للأجيال المتعاقبة من أخبار تصف سيرتهم ، ولكن عنصر المواجهة والجهاد المرير ، والذي يمثّل الخطّ الممتد للأئمة ( عليهم السلام ) طوال 250 سنة من حياتهم ، كان قليل الذِكر في هذه الروايات التي تضمّنت فقط عناوين أخرى كالجوانب العلمية أو المعنوية من سيرتهم .

يجب علينا أن ننظر إلى حياة الأئمة ( عليهم السلام ) كأسوة وقدوة نقتدي بهم في حياتنا ، لا كمجرّد ذكريات قيّمة وعظيمة حدثت على التاريخ ، وهذا لا يتحقّق إلاّ بالاهتمام والتركيز على المنهج والأسلوب السياسي من سيرة هؤلاء العظماء ( عليهم السلام ) ...

إنّ مواجهة الأئمة ( عليهم السلام ) كانت مواجهة ذات هدف سياسي ، فما هو هذا الهدف ؟ إذن الهدف هو عبارة عن تشكيل حكومة إسلامية ، ولا نستطيع أن نقول إنّه كلّ إمام كان بصدد تأسيس حكومة في زمانه وعصره ، ولكن هدف كلّ إمام كان يتضمّن تأسيس حكومة إسلامية مستقبلية ، وقد يكون المستقبل البعيد أو القريـب .

مثلاً كان هدف الإمام المجتبى ( عليه السلام ) تأسيس حكومة إسلامية للمستقبل القريب ، فقوله ( عليه السـلام ) : ( ما ندري لعلّه فتنة لكم ومتاع إلى حين ) في جوابه للمسيب بن نجيه ولآخرين عندما سألوه عن سبب سكوته ، هو خير دليل وإشارة إلى هذا المستقبل (4) .

ولذا كان هذا البحث المتواضع ليُسلِّط الضوء على الجانب العظيم من سيرة الإمام الحسن( عليه السلام )، أَلا وهو الجانب الجهادي لأعداء الإسلام طيلة فترة حياته المباركة ، وسوف نرى ذلك ـ مع القارئ العزيز ـ من خلال عَرْض أبرز المحطّات الجهادية من سيرته ( عليه السلام ) .

أَوّلاً : الملامح الشخصية للإمام الحسن ( عليه السلام ) :

وُلد الإمام أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب ثاني أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وأَوّل السبطين ، في المدينة المنورة ، ليلة النصف من شهر رمضان المبارك من السنة الثالثة للهجرة .

وأُمّه هي سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .

وُلد ونشأ ( عليه السلام ) في كنف جدّه النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وفي رعاية أبيه علي ، وأُمّه فاطمة ، وهو أَوّل ولَد يولد من سلالة الرسالة ؛ ليحفظ الله به وبأخيه الإمام الحسين ( عليه السلام ) نموّ تلك الشجرة الطيبة ، التي أصلها ثابت ، وفرعها في السماء . ورعاه جدّه العظيم ، بعينه وقلبه ، فهو قطعة من وجوده ، وومضة من روحه ، وصورة تحكيه ، أَورثه هيبته وسؤدده ، حتى فَرِقَ منه أعداؤه ، وأعظمه مخلصوه وأحبّاؤه ، وأَعظِم بإنسانٍ جدّه محمد ، وأبوه علي ، وأُمّه فاطمة ، وأيّ فخر بعد هذا المفتخر ، وأيّ مجدٍ بعده لإنسان . فلهذا كان المقام المقدّس الذي حظيَ به الإمام الحسن( عليه السلام ) على لسان جدّه رسول الله( صلّى الله عليه وآله وسلّم )، والذي يدفعنا لمزيد مِن التأمّل في سيرته المباركة ، بكلّ ما تحتويه من جوانب عظيمة وكمال ذاته وحِكمته، وسدادٍ رساليّ ، والذي نراه ينسجم تماماً مع وصف رسول الله( صلّى الله عليه وآله وسلّم )له وموضعه منه، فيما ورد عنه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حقّه ( عليه السلام ) منها :

عن زينب بنت أبي رافع عن أُمّها قالت : " قالت فاطمة ( عليها السلام ) يا رسول الله ، هذان ابناك فانحلْهما ، فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أمّا الحسن فنحلتُه هيبتي وسؤددي ، وأمّا الحسين فنحلتُه سخائي وشجاعتي ) (5) .

ويقول الرسول الأعظم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أيضاً في حقّه ( عليه السلام ) : ( لو كان العقل رجلاً لكان الحسن ( عليه السلام) ) (6) .

وقد نصّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) على إمامة الحسن المجتبى ( عليه السلام ) بقوله( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( يا علي أنا وأنت وابناك الحسن والحسين ، وتسعة مِن وُلد الحسين أركان الدين ودعائم الإسلام ، مَن تبِعنا نجا ، ومَن تخلّف عنّا فإلى النار ) (7) .

وكان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يوجّه الأنظار إلى إمامة ولَده الحسن( عليه السلام ) ومقامه السامي ، حيث كان ( عليه السلام ) يسأله عن المسائل المختلفة أمام مرأى ومسمع الملأ من أصحابه ، وقد تركّزت أسئلته على : الزهد والسداد ، والكرم والإخاء والمنَعة وغيرها ، وكان الإمام ( عليه السلام ) يجيب عليها بأجوبة مختصرة شافية(8) .

وكان ( عليه السلام ) يكلّف الإمام الحسن ( عليه السلام ) بالمهام الصعبة ، ويبعثه لحلّ الأزَمات ، ويُشركه في المواقف الحرجة ، فقد بعثه إلى أهل الكوفة لعزل الأشعري ، وأمره بإجابة عبد الله بن الزبير في الجَمَل ، وأمره بنقْض حُكم الحكَمَين ؛ لمخالفتهما القرآن . وقد عهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بالإمامة لابنه الحسن ( عليه السلام ) ، في اليومين الأخيرين من حياته ( عليه السلام ) ـ وبعد أن ضربه ابن ملجم ـ حيث أدناه وأوصى إليه قائلاً : ( يا بنيّ إنّه أمرني رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أن أوصي إليك ، وأدفع إليك كتُبي وسلاحي ، كما أوصى إليّ ودفع إليّ كتُبه وسلاحه ، وأمَرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين ... ) (9) .

وأمّا مبايعة الحسن ( عليه السلام ) بالخلافة فقد كانت بعد استشهاد والده( عليه السلام ) ودفْنه ، حيث وقف الإمام الحسن( عليه السلام ) خطيباً بين الناس وقال : ( قد قُبض في هذه الليلة رجل لم يسبِقه الأوّلون ، ولا يدركه الآخِرون بعمل ... ) ، ثمّ خنقته العبرة فبكى وبكى الناس معه ، ثمّ قال : ( أيّها الناس ، مَن عرفني فقد عرفني ، ومَن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمّد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أنا ابن البشير ، أنا ابن النذير ... ) ، ثمّ قام عبد الله بن العبّاس بين يديه ، فدعا الناس إلى بيعته، فاستجابوا، وقالوا : ( ما أحبّه إلينا وأحقّه بالخلافة ! فبايعوه )(10) . وكان عدد المبايعين له أكثر من أربعين ألفاً ، كانوا قد بايعوا أباه على الموت (11) . وبقي نحو سبعة أشهر خليفة بالعراق ، وما وراءه من خراسان والحجاز واليمن (12) .وقد جاءت اعترافات معاصريه ( عليه السلام ) بمؤهّلاته وفضائله لتؤكّد استحقاقه للخلافة ، وخصوصاً أنّ بعض هذه الاعترافات كانت من قِبل شخصيات مخالفة لأهل البيت ( عليهم السلام ) بشكلٍ عام ، والفضل ما يشهد به الأعداء .

قال واصل بن عطاء : كان الحسن بن علي ( عليه السلام ) عليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك (13) .

وقال عنه ( عليه السلام ) مروانُ بن الحكم : أحلَم مِن هذا ـ وأشار إلى الجبل ـ (14) .

وأما مدح معاوية للحسن ( عليه السلام ) فقد كان يقول : أمّا الحسن فابن الذي كان قبله ، إذا سار سار الموت حيث يسير (15) .

فتميّز الإمام الحسن ( عليه السلام ) بخصائص قيادية فريدة ، جعلت معاوية يوصي أصحابه باجتناب محاورته (16)؛ لأنّه ( عليه السلام ) كان أحسن الناس منطقاً في زمانه، وكان معاوية يخشاه ويتخوّف من عودة الخلافة إليه؛ لتمتّعه بخصائص لا يتّصف بها غيره (17) ؛ لذا كبّر عند موته ( عليه السلام ) وقال : والله ما كبّرت شماتة لموته ، ولكن استراح قلبي ، وصَفَت لي الخلافة .

وكان ( عليه السلام ) دائم الارتباط بالله تعالى وأكثر الناس خشية منه ، إضافة لتميّزه سلام الله عليه بالزهد والخير والكرم والحِلم ، وفوق كلّ ذلك كان شجاعاً لا يخشى إلاّ الله تعالى ، فقد قال لمعاوية ( إنّ الخلافة لمَن سار بسيرة رسول الله( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ... وليست الخلافة لمَن عمَل بالجود وعطّـل الحـدود )(18) .

ومن كفاءاته ( عليه السلام ) أنّه وجد أنّ مصلحة الإسلام تكمن في الصلح ، فصالح  معاوية ، وحقَن دماء أنصاره وأتباعه وسائر المسلمين ، ولم يدخل في معركة خاسرة لا تُحسم لصالحه ولصالح الوجود الإسلامي . وعندما يُسأل الإمام الحسن ( عليه السلام ) عن رأيه في السياسة، يقول( عليه السلام ) : ( هي أن تراعي حقوق الله ، وحقوق الأحياء ، وحقوق الأموات ، فأمّا حقوق الله ، فأداء ما طلَب ، والاجتناب عمّا نهى . وأمّا حقوق الأحياء ، فهي أن تقوم بواجبك نحو إخوانك ، ولا تتأخّر عن خدمة أُمّتك ، وأن تخلص لوليّ الأمر ما أخلص لأُمّته ، وأن ترفع عقيرتك في وجهه إذا حادَ عن الطريق السويّ . وأمّا حقوق الأموات ، فهي أن تذكر خيراتهم ، وتتغاضى عن مساوئهم , فإنّ لهم ربّاً يحاسبهم ) (19) .

الهوامش:

* اقتباس وتصحيح شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي ، والمقالة مقتبسة من : مجلة الكلم الطيب ، العدد 21 ، السنة الخامسة 2005 م .

1 ـ جولة في سيرة الأئمة الأطهار ، الشهيد مطهري ، ص39 .

2 ـ الاحتجاج ، للطبرسي ، ص151 .

3 ـ المحاسن والمساوئ ، للبيهقي ، ج1 ، ص60 و 65 .

4 ـ الدروس العظيمة من سيرة أهل البيت ، الإمام الخامنئي ، ص143 ـ 146 .

5 ـ البحار ، 43 ـ 263 ، ج11 .

6 ـ فرائد السمطين ، ج2 ، ص 68 .

7 ـ أمالي المفيد ، ص 217 .

8 ـ تُحف العقول ، ص 158 .

9 ـ أعلام الورى بأعلام الهدى ، ص 207 .

10 ـ الكامل في التاريخ ، ج3 ، ص 170 .

11 ـ شرح نهج البلاغة ، ج16 ، ص30 ـ 31 .

12 ـ أسد الغابة ، ج1 ، ص 491 .

13 ـ تاريخ ابن كثير ، ج8 ، ص 37 .

14 ـ تحف العقول ، ص166 .

15 ـ ابن أبي الحديد ، ج4 ، ص73 .

16 ـ بحار الأنوار ، ج43 ، ص 338 .

17 ـ وفيات الأعيان ، ج2 ، ص 99 .

18 ـ ربيع الأبرار ، ج2 ، ص 837 .

19 ـ الحياة السياسية للإمام الحسن ( عليه السلام ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، ص 7 .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الخميس 16 نوفمبر 2017 - 21:23 بتوقيت مكة
المزيد