خاص الكوثر - مقابلات
وتحدث رئيس جماعة أهل الحرم ورئيس جامعة نعيمية عن الدروس المستفادة من تاريخ العالم الإسلامي منذ بعثة النبي ﷺ وحتى العصر الحاضر، مؤكدًا أن القوة الحقيقية للأمة تكمن في وحدتها.
وأوضح أن ميثاق المدينة يمثل مثالاً واضحًا على هذا الواقع، حيث تمكّنت القبائل المختلفة والأنصار والمهاجرين من تأسيس نظام حدّ من الانقسامات الطائفية وعزز التضامن الاجتماعي، لكنه لفت إلى أن الرغبة في السلطة والمصالح الشخصية والإقليمية أضعفت تدريجيًا الأسس الاجتماعية للأمة، مشيرًا إلى أن الوحدة تبقى السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار الداخلي والخارجي، بينما الانقسام يولّد ضعفاً داخليًا وخارجيًا.
وأكد رئيس جامعة نعيمية وعضو مجلس الإدارة لهيئة الحلال الباكستانية أن التراث الثقافي والتاريخي للأمة الإسلامية، بما في ذلك الإنجازات العلمية والفنية، المدارس الإسلامية الكبرى، المراكز الدينية، والخدمات الفكرية والإبداعية للمسلمين، يمنح الأمة هوية فريدة ومتميزة وأوضح أن إبراز هذه الإنجازات عبر وسائل الإعلام والبرامج الثقافية المختلفة يساعد الشباب على الشعور بأنهم ورثة حضارة إسلامية عظيمة، مما يعزز الوحدة داخل المجتمعات المسلمة ويقلل من الخلافات الدولية عبر التبادل الثقافي.
اقرأ ايضاً
وكما شدد على الدور الحاسم للعلماء والمشايخ وزعماء الأمة والشخصيات الفكرية والثقافية في تعزيز وحدة المسلمين، واصفًا إياهم بـ المرشدين الأخلاقيين للأمة وأوضح أنهم ملزمون بلعب دور عملي لتعزيز التماسك الإسلامي، من خلال إصدار بيانات مشتركة بين مختلف المذاهب وتنظيم حوارات علمية وعامة لتقليل الفروقات الفكرية والانقسامات، مشيرًا إلى أن هذه الطريقة أثبتت فعاليتها في الماضي ويمكن أن تكون مفيدة جداً في العصر الحالي.
التعاون الأكاديمي والإعلامي سبيل لتعزيز الوحدة ومواجهة التطرف
وفيما يتعلق بالبرامج التعليمية والبحثية المشتركة، أوضح رئيس جامعة نعيمية أن التعاون بين المدارس والمنظمات الإسلامية ومراكز البحث يتيح تعزيز الروابط الاجتماعية ومواجهة التطرف بفاعلية وأضاف أن تنفيذ برامج مثل الدورات المشتركة عبر الإنترنت، المقالات البحثية على مستوى الدكتوراه، والبرامج المشتركة في مجالات الشريعة، الاقتصاد الإسلامي، البيئة، والطب الحديث، يمنح الطلاب والباحثين فرصة لفهم المجتمعات الأخرى بشكل أفضل وتقليل سوء الفهم بينهم، وهو ما يقوي العلاقات الدولية ويخلق أجواء تعاون ووحدة ملموس.
وكما لفت الانتباه إلى الإمكانات الكبيرة للإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز الوحدة الإسلامية. وأوضح أن هذه المنصات أصبحت أداة فعالة للغاية، حيث يمكن استخدامها لإنتاج فيديوهات تعليمية، مناظرات عبر الإنترنت، مناقشات حول القضايا الدولية، ومقاطع قصيرة تسلط الضوء على أهمية التعاون والوحدة بين المسلمين وأكد على ضرورة تدريب الشباب على التحقق من صحة المحتوى الرقمي لضمان نقل الرسائل الإيجابية والوحدوية، ومواجهة الأخبار الكاذبة والدعاية المعادية للإسلام.
وتطرق أيضًا إلى المخاطر الناجمة عن انتشار الأخبار المضللة والدعاية الإلكترونية للجماعات المتطرفة، مشيرًا إلى أن هذه الحملات تهدف لإشعال الفتن بين المسلمين، وزيادة انعدام الثقة والخوف والكراهية، وقد تؤدي أحيانًا إلى العنف وتعزيز التطرف والفوضى. وأوضح أن الحلول العملية تشمل: دمج الاستخدام الإيجابي للإعلام الرقمي ضمن المناهج وحملات التوعية العامة، إنشاء مؤسسات للتحقق من الأخبار والفيديوهات والصور، تدريب العلماء والخبراء على مواجهة المحتوى المضلل، وتوفير حماية قانونية ودعم للأفراد والمؤسسات التي تنشر الحقائق بجرأة وأمان.
وفيما يخص المحتوى الإعلامي الإسلامي المشترك مثل الأفلام الوثائقية والبودكاست ووسائل التواصل، أشار إلى أن هذه الوسائل أصبحت لغة الشباب اليوم، ويمكن استغلالها لتسليط الضوء على موضوعات تجمع المجتمعات المسلمة مثل الصدق، التضحية، العدالة، الحقائق التاريخية، دروس حياة الصحابة، قصص النجاح بعد الجهد، والمناسبات الدينية مثل المولد ومحرم وأخلاقيات النبي ﷺ وأكد أن عرض التأثير الاجتماعي للزكاة والخيرات عبر هذه الوسائل يعزز روح الوحدة والتعاطف والمشاعر الجماعية الإيجابية بين الشباب.
أجرت الحوار: الدكتورة معصومة فروزان