الكوثر_ايران
العميد محمدرضا نقدي، مستشار قائد الحرس الثوري، تحدث صباح اليوم خلال فعالية أقيمت في جامعة طهران بمناسبة إحياء ذكرى الشهيد سليماني وآية الله مصباح يزدي، قائلاً: "نحن اليوم في خضم حرب تتجاوز الجانب العسكري، وكما ذكر قائد الثورة في ذكرى ولادة السيدة فاطمة الزهراء (ع)، يجب على الجبهة التنفيذية أن تتعرف جيدًا على هذه الحرب لتتخذ القرارات الصحيحة وتتحرك بحكمة."
وأشار نقدي إلى أن توصيات قائد الثورة تحدد واجبنا، وأضاف: "القوة الثورية تدرك واجبها بشكل أفضل من خلال ندائه وتوصياته. والمحرك الأساسي لهذا التوجه، إلى جانب الولاء والبراءة، هو امتلاك رؤية عميقة لفهم الواقع، فلا يكتفي المرء بالشعارات فقط."
اقرا ايضا:
وحذر مستشار قائد الحرس الثوري من خطورة السطحية في التفكير، واصفًا إياها بأنها من أفتك الأمراض التي أصابت مجتمعنا، وقال: "قبل عدة سنوات، لو تحدثتم في هذه الجامعة عن الاقتصاد المقاوم أو التصنيع المحلي، كنتم ستتعرضون للرفض من الأساتذة والطلاب. في ذلك الوقت، عُرض علينا تصور مفاده أن الاقتصاد الداخلي لم يعد موجودًا في العالم، وأن الجميع يجب أن يتجه نحو العولمة. ولكن، كما يقول كثير من الخبراء، يتم تصوير الواقع بطريقة تجعلنا نتخذ قراراتنا بناءً على صورة مزيفة عنه."
وأضاف: "الولايات المتحدة التي كانت تعتبر نفسها مركز الاقتصاد العالمي، أصبحت اليوم مصدر فرض رسوم جمركية غريبة على الاقتصاد والاستيراد. أولئك الذين كانوا يروجون للعولمة وحرية الاقتصاد، ويقولون إن أي دولة تضع رسوماً على استيرادها تُستبعد من الاقتصاد العالمي، ماذا يقولون اليوم أمام الحرب الجمركية التي شنتها أمريكا؟"
وأوضح نقدي أن بعض الذين اعتقدوا أن إدارة أمريكا إدارة فهيمة وعلمية وواعية، تكشف الوقائع عكس ذلك، مشيرًا إلى تقرير الأمن القومي الأمريكي لعام 2025، الذي أقر فيه المسؤولون الأمريكيون بأنهم فشلوا في استراتيجياتهم في غرب آسيا، أو ما يسمونه "الشرق الأوسط"، وقال: "لقد أجلوا صدور هذا البيان سنة كاملة، ثم أعلنوا أنه بعد الحرب الباردة فشلنا في جميع استراتيجياتنا، بسبب قرارات استندت إلى أمور غير واقعية، أو بالأحرى تخيلات بلا أساس."
وأشار إلى أن أسباب الهزيمة تضمنت إلى جانب التخيلات نقص التمويل، قائلًا: "أنفقوا 8 تريليونات دولار في الشؤون الخارجية، جزء كبير منها في غرب آسيا. وأنفقت الولايات المتحدة وحدها 3 تريليونات دولار في أفغانستان، وكانت النتيجة فرارهم من البلاد، تاركين 85 مليار دولار من الأسلحة هناك، ولم يرافقوا العديد من مرتزقتهم."
وفي العراق، أضاف نقدي، "أنفقت أمريكا مبالغ كبيرة، لكن البرلمان العراقي قرر إخراجها، وفي الانتخابات الأخيرة لم يحصل أي شخص موالٍ لأمريكا على أي من المقاعد الشيعية الـ178."
وتابع نقدي: "أدى التفكير بالعولمة والقرية الكونية إلى ضرب الإنتاج والاقتصاد الصناعي الأمريكي، ودفعت جزءًا من الأفراد للانتقال إلى شرق آسيا، حيث سبقتهم الصين وكوريا واليابان في الإنتاج والكفاءة."
وأشار إلى أن أمريكا اليوم تحاول إقناع حلفائها بدفع تكاليف الأسلحة، مضيفًا: "اليوم الدور على فنزويلا، فإذا لم يحاربوها سيكون الوضع سيئًا، وإذا حاربوها سيكون أسوأ، لأنها تقع بجوارهم، والكراهية ضد سياساتهم اجتاحت العالم من آسيا إلى أمريكا."
وأكد العميد نقدي أن أمريكا والكيان الصهيوني هُزمتا في الحرب الأخيرة معنا، وقال: "الطرف الذي انهزم هو من يطلب وقف إطلاق النار، رغم أننا تكبدنا بعض الخسائر إلا أننا ضربنا ضربات جيدة. يدعون النصر ويستشهدون بسوريا، لكن بعد عام، توصل الذين انتقدوا حضور إيران هناك إلى أن وجودنا كان حكيمًا."
وأوضح أن محاولات أمريكا والكيان الصهيوني لصنع صورة النصر لم تنجح: "لقد منيوا بهزيمة استراتيجية كبيرة. حاولوا زيادة عدد سكانهم لمعادلة الفلسطينيين، وعندما تمكنوا من ذلك واجهوا هجرة عكسية وفرار السكان. اليوم معظم القرى في شمال لبنان ومحيطه خالية. إذا لم يكن هذا هزيمة، فما هي إذًا؟ لقد منيوا بهزيمة حضارية أمام غزة، وأساس فكرهم في العالم فشل، واليوم لم يعد أحد يقبل بتفوق الفكر الأمريكي."
واختتم العميد نقدي قائلاً: "الخيار الذي يفضله اليوم شعوب العالم هو الإسلام. عندما يبقى سكان غزة صامدين تحت النيران والحصار، هل يقبل أحد الحضارة المقابلة لهم؟ لقد تلقى خصومهم هزيمة استراتيجية، لكن الهزيمة الحقيقية كانت حضارية."
وأشار أيضًا إلى اختيار بعض المسؤولين المحليين المعارضين لإسرائيل، واعتبر ذلك مؤشرًا على هذا التحول، مشيرًا إلى تصاعد الاحتجاجات الأسبوعية في بريطانيا دعمًا لفلسطين، مؤكّدًا انتشار فكر الإسلام والمقاومة عالميًا.
وختم بدعوة الطلاب للنظر إلى قضايا البلاد والعالم بعمق وبصيرة.