الكوثر_ايران
الرئيس بزشكيان قال في كلمته "في الدفاع ذي الـ 12 يوما، كشف الشعب الايراني الوطني الشجاع للمعتدين المتكبرين عن وهم حساباتهم . لقد عزز اعداء ايران دون قصد الوحدة الوطنية المقدسة. فعلى الرغم من العقوبات الاقتصادية الاشد والاطول والاثقل، والحرب النفسية والاعلامية، والمحاولات المستمرة لزرع الفرقة، تحول الشعب الايراني بعد اولى طلقات الصاروخية التي اطلقت على ارضهم الى جسد واحد داعم لقواهم المسلحة الشجاعة، وهم اليوم يحافظون على دماء شهدائهم."
اقرأ ايضا:
وفيما يلي النص الكامل لكلمة الرئيس بزشكيان:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السيد الأمين العام،
السيدة الرئيسة،
أيها المندوبون المحترمون،
السيدات والسادة،
شعار هذا العام "ثمانون عامًا، والمزيد من أجل السلام والتنمية وحقوق الإنسان" هو في الحقيقة دعوة للتضامن ونظرة مشتركة نحو مستقبل أكثر إشراقًا. إن اعتقادنا وديننا ودعوة جميع الأنبياء (ع) تقوم على أساس مساواة جميع البشر في الحقوق. ما يجعل الإنسان أكثر جدارة هو التقوى: أي الصدق، والحكمة، والنقاء، وحب الخير للآخرين.ان أساس جميع الأديان السماوية وضمير البشرية هو هذه القاعدة الذهبية: "لا تُحِبَّ لِغَيْرِكَ مَا لَا تُحِبُّهُ لِنَفْسِكَ". قال السيد المسيح (عليه السلام): "عامل الآخرين كما تحب أن يعاملوك"؛ وقال النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"؛ والحكيم هيلل لخص جوهر التوراة بقوله: "ما كرهته لنفسك فلا تفعله بغيرك"؛ وفي تقاليد الشرق أيضًا يكون هذا المبدأ هو التعليم المركزي؛ كما أن المدارس الأخلاقية العلمانية توصلت إلى نفس النتيجةعبر العقلانية القائمة على الضمير.
ايها السادة،هل عالمنا هكذا؟ لننظر إلى العامين الماضيين؛ العالم كان شاهدا خلال العامين الماضيين على الإبادة الجماعية في غزة؛ كان شاهدا على تدمير المنازل وانتهاك السيادة ووحدة الأراضي في لبنان؛ كان شاهدا على تدمير البنى التحتية في سوريا؛ كان شاهدا على الهجوم على شعب اليمن؛ كان شاهدا على التجويع القسري لأطفال هزيلين بين أحضان أمهاتهم؛ كان شاهدا على الغدر الخاطف بحق سيادة الدول، والاعتداء على وحدة أراضي البلدان، واستهداف قادة الشعوب بشكل صريح؛ وكل هذا بدعم كامل من أكثر الحكومات تسليحا في العالم وبذريعة الدفاع عن النفس! هل ترضون هذه الأفعال لأنفسكم؟من هو مخلّ الاستقرار في المنطقة والعالم؟ من هو التهديد ضد السلام والأمن الدولي؟ من هو المنتهك للقاعدة الذهبية الأخلاقية للإنسان؟
ايها السيدات والسادة،لقد شاهدتم جميعًا كيف تعرضت بلادي في شهر يونيو الماضي لعدوان وحشي يناقض المبادئ الراسخة للقانون الدولي. إن الغارات الجوية التي شنتها كل من كيان الاحتلال الإسرائيلي واميركا على مدن إيران وبيوتها وبناها التحتية - وذلك بالتحديد في وقت كنا نتقدم فيه على طريق المفاوضات الدبلوماسية - مثلت خيانة عظيمة للدبلوماسية وعامل إضعاف للجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار والسلام.هذا العدوان الصارخ، إضافة إلى استشهاد عدد من القادة والمواطنين والأطفال والنساء والعلماء والنخب العلمية في بلدي، تسبب بضربة قاصمة للثقة الدولية وآفاق السلام في المنطقة.
إذا لم نقف في وجه هذه الخروقات الخطيرة للقواعد، فإن هذه السوابق الخطيرة ستمتد إلى العالم أجمع: الهجوم على المنشآت النووية الخاضعة للضمانات والرقابة الدولية، والمحاولات العلنية لاغتيال قادة ومسؤولي حكومات دول أعضاء في الأمم المتحدة، والاستهداف المنهجي للصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام، وقتل البشر لمجرد امتلاكهم المعرفة والتخصص وتحويلهم إلى "أهداف عسكرية". هل ترضون هذه الأفعال لأنفسكم؟
على أولئك الذين ارتكبوا هذه الجرائم أن يعلموا أن إيران، هذه الحضارة الأقدم المستمرة في العالم، قد صمدت دائمًا بثبات أمام عواصف التاريخ. لقد أثبتت هذه الأمة مرارًا بروح عظيمة وإرادة خالدة أنها لا تخضع للمعتدين؛ واليوم أيضًا تقف شامخة أمام المعتدين، معتمدة على قوة الإيمان والتماسك الوطني.
في الدفاع ذي الاثني عشر يومًا، كشف الشعب الإيراني الوطني الشجاع للمعتدين المتغطرسين عن وهم حساباتهم. لقد عزز أعداء إيران - دون قصد - الوحدة الوطنية المقدسة. فعلى الرغم من أشد العقوبات الاقتصادية وأطولها وأثقلها، والحرب النفسية والإعلامية، والجهود المستمرة لبث الفرقة، تحول الشعب الإيراني بمجرد إطلاق أول رصاصة على أرضه إلى جسد واحد داعم لقواته المسلحة الشجاعة، وهو اليوم يحافظ على دماء شهدائه.
أتقدم هنا باسم الشعب الإيراني بخالص الشكر لجميع الشخصيات والشعوب والحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية التي وقفت إلى جانب إيران في هذه الحرب.السيدات والسادة،اليوم، بعد ما يقرب من عامين من الإبادة الجماعية والتجويع الجماعي واستمرار نظام الفصل العنصري داخل الأراضي المحتلة والاعتداء على الجيران، يتم الترويج لخريطة "إسرائيل الكبرى" الوهمية والمهزأة بوقاحة من قبل أعلى المستويات في هذا الكيان.
هذه الخطة تشمل العديد من أراضي المنطقة. هذه الخريطة تمثل الأهداف والنوايا الحقيقية للكيان الصهيوني التي تم تأكيدها مؤخرًا من قبل رئيس وزرائه. لا أحد في العالم في مأمن من النوايا العدوانية لهذا الكيان.
من الواضح أن الكيان الصهيوني وأنصاره لم يعودوا راضين حتى عن التطبيع السياسي؛ إنهم يفرضون وجودهم بالقوة العارية ويسمون ذلك "سلام من خلال القوة". لكن هذا ليس سلامًا ولا قوة؛ بل هو عدوان قائم على الاستبداد والبلطجة...
أما نحن، فنريد إيراننا القوية إلى جانب جيران أقوياء في منطقة قوية بمستقبل مشرق. نحن ندافع عن رؤية مشتركة ومفعمة بالأمل في مواجهة المشروع العملاق الذي يفرض الإبادة الجماعية والتدمير وعدم الاستقرار على المنطقة؛ رؤية تضمن الأمن الجماعي من خلال آليات حقيقية للتعاون الدفاعي والاستجابة المشتركة للتهديدات؛ رؤية تحافظ على الكرامة الإنسانية والتنوع الثقافي كقيمة أساسية؛ رؤية تحول التنمية الجماعية إلى حقيقة من خلال الاستثمار المشترك في البنى التحتية والمعارف الحديثة؛ رؤية ترى أمن الطاقة والاستخدام العادل للموارد الحيوية كركن لاستقرار اقتصادي؛ رؤية تحمي البيئة للأجيال القادمة؛ رؤية تعتبر سيادة الدول وسلامة أراضيها مبادئ غير قابلة للتفاوض؛ رؤية لا تبحث عن سلام يعتمد على القوة، بل تقوم على "قوة من خلال السلام".
في هذه المنطقة القوية، لا مكان للقتل وسفك الدماء. لذلك لطالما كان بلدي من أشد الداعمين لإقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. لكن أولئك الذين يمتلكون أكبر الترسانات النووية، والذين ينتهكون معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية انتهاكًا فاضحًا، يجعلون أسلحتهم أكثر فتكًا وتدميرًا يومًا بعد يوم، لطالما عرّضوا شعبنا للضغوط باتهامات واهية لأعوام.
في الأسبوع الماضي، حاولت ثلاث دول أوروبية، بعد أن فشلت في إخضاع الشعب الإيراني الصامد بخيانة استمرت 10 أعوام ثم بدعم العدوان العسكري، بناءً على أوامر من اميركا، من خلال الضغط والاستعراض بالقوة والإكراه وإساءة الاستخدام الصارخة، إعادة قرارات مجلس الأمن الملغاة ضد إيران.
في هذا المسار، تخلوا عن النوايا الحسنة، وتجاوزوا المتطلبات القانونية، وصوّروا الإجراءات التعويضية القانونية الإيرانية تجاه انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي وخيانة وفشل أوروبا المطلقين بأنه "انتهاك فاضح"، وقدّموا أنفسهم كاذبين كـ"أطراف ذات سجل حسَن" في الاتفاق، ووصفوا الجهود الصادقة لإيران بأنها "غير كافية". وكل هذا كان من أجل تدمير نفس الاتفاق النووي الذي كانوا يعتبرونه أكبر إنجاز للدبلوماسية متعددة الأطراف.
هذا الإجراء غير القانوني، الذي واجه معارضة من بعض أعضاء مجلس الأمن أيضًا، لا يملك شرعية دولية ولن يلقى قبولًا من المجتمع الدولي.
أعلن مرة أخرى في هذه الجمعية أن إيران لم تكن ولن تسعى أبدًا لصنع قنبلة نووية.
السيدات والسادة،ترحب الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالسلام والاستقرار. نحن نؤمن بأن مستقبل المنطقة والعالم يجب أن يُبنى على أساس التعاون والثقة والتنمية المشتركة. في هذا الإطار، تدعم إيران عملية السلام بين جمهورية أذربيجان وجمهورية أرمينيا، وتأمل أن تكون هذه النتيجة مستدامة وأساسًا لتحسين العلاقات بين هذين البلدين الجارين؛ وتأمل إيران أن تؤدي الجهود لإنهاء الحرب في أوكرانيا إلى اتفاق عادل ودائم بين روسيا وأوكرانيا.
ترحب إيران بالاتفاق الدفاعي بين البلدين الشقيقين المسلمين، المملكة العربية السعودية وباكستان، كبداية لنظام أمن إقليمي شامل بالتعاون بين دول غرب آسيا الإسلامية في المجالات السياسية والأمنية والدفاعية.
وأخيرًا، تدين إيران العدوان الإجرامي لكيان إسرائيل على قطر الذي أدى إلى استشهاد عدد من المواطنين الفلسطينيين والقطريين، وتعلن دعمها وتضامنها مع حكومة وشعب قطر.
السيدات والسادة،
لا يتحقق الأمن الحقيقي من خلال القوة، بل من خلال بناء الثقة والاحترام المتبادل والتكامل الإقليمي والتعددية القائمة على القانون الدولي. على هذا الأساس، أدعو الجميع إلى: ممارسة "الاستماع" لبعضنا البعض بدلاً من رفع الأصوات؛ ومراجعة الأسس الفكرية للاستقطاب والعنف السياسي الذي لا يكتفي اليوم بإصابة المجتمع الدولي، بل يجر التوتر والاضطراب إلى داخل المجتمعات أيضًا؛ وبدلاً من التفسير المتحيز للمفاهيم والروايات، ألا نرضى للآخرين بما لا نرضاه لأنفسنا، كقاسم مشترك لجميع المعتقدات والثقافات.
دعونا نعيد بناء هيئات وآليات القانون الدولي ونتعهد بإنشاء نظام للأمن والتعاون الإقليمي في غرب آسيا.السيدات والسادة،نحن الإيرانيين قمنا بتوسيع قوتنا في عالم؛ ليس بإنتاج واستخدام الأسلحة النووية وقتل مئات الآلاف من البشر في القرن العشرين، وارتكاب الإبادة الجماعية وتجويع أطفال غزة في القرن الحادي والعشرين؛ وليس حتى بالإمبراطوريات التاريخية لإيران، بل بثقافة محبة الآخر ورسالة التعاطف العالمي التي نشرها عظماء مثل مولوى وحافظ وسعدي الذي قال منذ 800 عام:
"بني آدم أعضاء جسد واحد
هم في الخلقة من جوهر واحد
إذا أصيب عضو تداعت سائر الأعضاء
وإن لم تأسَ على ألم الآخرين
لا يستحق أن يطلق عليك اسم إنسان"
المجرمون الذين يتفاخرون بقتل الأطفال لا يستحقون اسم الإنسان، وبلا شك لن يكونوا شركاء موثوقين. إيران، مستندة إلى تقاليدها العريقة في محبة الآخر، هي شريك دائم ورفيق موثوق لجميع الدول المحبة للسلام؛ صداقة وشراكة لا تقوم على المصلحة العابرة، بل على الكرامة والثقة ومستقبل مشترك.
نحن أهل إيران الأبطال، بصمودنا في وجه العابثين خارجين عن القانون، تجاوزنا بفخر الظلم والتمييز والمعايير المزدوجة وسنواصل تجاوزها، واليوم نحول الأزمات إلى فرص، ونحول هذا الإنجاز التاريخي للشعب الإيراني إلى منصة للانطلاق نحو مستقبل مفعم بالأمل.هلموا معنا لنحول التهديد إلى فرصة.