شاركوا هذا الخبر

الطاقة النووية في خدمة الصحة: كيف تسهم تقنية PET في تشخيص الأمراض بدقة عالية؟

في عالم اليوم، باتت التكنولوجيا النووية تلعب دورًا محوريًا في إنقاذ الأرواح، ويُعد "الفحص بالتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني" (PET) من أكثر أدوات الطب النووي تطورًا، حيث أحدث ثورة في التشخيص المبكر للأمراض.

 الطاقة النووية في خدمة الصحة: كيف تسهم تقنية PET في تشخيص الأمراض بدقة عالية؟

الكوثر_ايران

 امتلاك التقنية النووية أصبح رمزًا للقدرة العلمية والاستقلال الصناعي ومؤشرًا على قوة الدول الحديثة. وفي عالم تخطت فيه العلوم المتقدمة الحدود التقليدية للتنمية، لم تقتصر أهمية المعرفة النووية في إيران على ضمان الطاقة المستدامة والآمنة، بل أصبحت أداة فعالة لتعزيز الصحة العامة وإنتاج الأدوية المتطورة، حيث بات لهذه التقنية دور بارز في الأساليب التشخيصية الحديثة.

اقرأ أيضا:

 

استخدام الطاقة النووية في النظام الصحي

أفضت التكنولوجيا النووية إلى تطوير فرع حيوي من فروع الطب الحديث يُعرف بـ"الطب النووي"، والذي يؤدي اليوم دورًا محوريًا في التشخيص المبكر والعلاج المستهدف وتقييم حالات مرضية معقدة. ويتيح استخدام النظائر المشعة وتقنيات التصوير الجزيئي للأطباء الوصول إلى معلومات دقيقة حول النشاط الخلوي والتمثيل الغذائي للأنسجة دون الحاجة إلى إجراءات جراحية أو تدخلات عنيفة.

وتُعد تقنية التصوير الجزيئي إحدى أبرز وسائل التصوير الدقيق وغير التوغلي، حيث تمكّن الأطباء من رؤية ما يحدث على المستوى الخلوي والجزيئي داخل الجسم بشكل مصوّر. ومن أهم إنجازات هذا المجال، تقنية "التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني" أو PET Scan.

ما هو PET Scan؟

تقنية Positron Emission Tomography، أو اختصارًا PET، تُعد من أحدث أساليب التصوير الطبي النووي، وقد بدأ تطويرها منذ سبعينيات القرن الماضي وتُستخدم اليوم على نطاق واسع في المراكز العلاجية المتقدمة. وتعتمد هذه الطريقة على حقن مادة مشعة مثل FDG (وهو نوع من السكر الموسوم إشعاعيًا) في الوريد، حيث تميل هذه المادة إلى التراكم في الخلايا ذات النشاط الأيضي المرتفع، كخلايا السرطان أو الأجزاء النشطة من الدماغ والقلب. ويقوم جهاز PET برصد الإشعاعات الصادرة من هذه المواد وتحليل الإشارات لتقديم صور دقيقة عن النشاط الخلوي في مناطق مختلفة من الجسم.

التفوق التشخيصي لـ PET مقارنة بوسائل التصوير الأخرى

تتفوق تقنية PET على غيرها من تقنيات التصوير مثل الأشعة المقطعية CT أو التصوير بالرنين المغناطيسي MRI، لكونها تركز على الوظائف الخلوية بدلاً من الشكل البنيوي للأنسجة. ولهذا السبب، تُعد من الأدوات الأكثر دقة في التشخيص المبكر للأمراض مثل السرطان، واضطرابات الدماغ، والأمراض القلبية.

دور PET في تشخيص الأورام الخبيثة والسرطانات

تُعد تقنية PET/CT، التي تجمع بين التصوير الوظيفي والبنيوي، أداة فعالة للغاية في تشخيص وتحديد مراحل أنواع عديدة من السرطان، منها سرطان الرئة، والثدي، والأمعاء، والغدد اللمفاوية، والدماغ، والغدة الدرقية. وتشمل مزاياها:

تحديد دقيق لموقع الورم ومدى انتشاره

تقييم استجابة الجسم للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي

الكشف المبكر عن احتمالية عودة المرض بعد العلاج

تحديد أنسب نقطة لأخذ العينة دون الحاجة إلى جراحات غير ضرورية

وقد أظهرت دراسات دولية أن استخدام PET أدى إلى تغييرات جوهرية في المسار العلاجي لأكثر من ثلث المرضى، وساعد الأطباء في اتخاذ قرارات علاجية أدق.

استخدام PET في تشخيص أمراض الدماغ والأعصاب

في مجال الأعصاب، تُعد PET من القلائل القادرة على كشف أمراض مثل الزهايمر، واضطرابات الذاكرة، والصرع في مراحله المبكرة. وتُظهر هذه التقنية نشاط الدماغ بدقة، مما يمكّن الأطباء من تحديد مناطق الخلل بدقة، وهو أمر بالغ الأهمية في التخطيط للجراحات الخاصة بمرضى الصرع.

استخدام PET في تشخيص أمراض القلب

كذلك تُعد PET أداة فعالة في تشخيص أمراض القلب والأوعية الدموية، خاصة في تحديد مواضع انسداد الشرايين التاجية وتقييم حالة أنسجة القلب بعد النوبة القلبية. وتساعد هذه المعلومات الأطباء على اتخاذ قرارات دقيقة بخصوص التدخلات العلاجية مثل القسطرة أو جراحة "الباي باس".

دور PET في تتبع استجابة الجسم للعلاج السرطاني

بفضل PET/CT، يمكن تتبع انتشار الورم داخل الجسم ومراقبة تأثير العلاج مع مرور الوقت، ما يساعد في تفادي العلاجات غير المجدية أو الجراحات غير الضرورية، وضبط الخطط العلاجية بحسب استجابة المريض.

أمان وسرعة التصوير بتقنية PET

رغم استخدام نظائر مشعة في تقنية PET، إلا أن جرعة الإشعاع منخفضة، ما يجعل المخاطر على المريض محدودة للغاية. كما أن هذه الطريقة سريعة من حيث الزمن؛ إذ لا يتعدى وقت التصوير نصف ساعة، ويمكن الحصول على التقييم الأولي في نفس اليوم.

وجود 250 مركزًا للطب النووي في إيران

تشير الإحصائيات العالمية إلى تنامي استخدام PET في أوروبا، حيث تتصدر الدنمارك القائمة بـ 691 فحصًا لكل مئة ألف نسمة، تليها هولندا وإيطاليا. ويعكس هذا التوجه العالمي المتزايد أهمية التكنولوجيا النووية في تحسين جودة الرعاية الطبية ودقة اتخاذ القرار العلاجي.

أما في إيران، فقد تم تركيب أول نظام PET/CT عام (2010) في مركز أبحاث الطب النووي بجامعة طهران للعلوم الطبية، ويبلغ عدد المراكز النووية الفعالة اليوم أكثر من 250 مركزًا في مختلف المحافظات.

الصناعة النووية ضرورة لتعزيز الصحة العامة

إن فحص PET، الذي يعتمد على نظائر مشعة يتم إنتاجها بفضل المعرفة النووية، ليس سوى مثال واحد على الآلاف من التطبيقات السلمية والإنسانية للطاقة النووية في المجال الطبي، مما يبرهن على أن هذه التكنولوجيا أصبحت أداة أساسية في خدمة الصحة العامة. ويُظهر التوسع في استخدام هذه التقنية حول العالم، ونمو مراكزها في إيران، حجم القدرات الكامنة للمعرفة النووية في النهوض بصحة المجتمع، وأهمية تطوير البنى التحتية والتعليم في هذا المجال. إن مستقبل النظام الصحي، لاسيما في مجالي التشخيص والعلاج الدقيق، يعتمد إلى حد كبير على الاستفادة الذكية والآمنة من هذه التكنولوجيا الحديثة.

أهم الأخبار

الأكثر مشاهدة