شاركوا هذا الخبر

استراتيجية الإمام الجواد (ع) في تقريب قلوب الناس إلى الإنسانية؛ الجهاد العلمي للإمام

قال حجة الإسلام الرافعي: وقد روي عن الإمام الجواد (عليه السلام) روايات كثيرة في أهمية حسن الأخلاق، ويقول: إنك تقرب الناس إليك بالأخلاق الحميدة والأساليب الصحيحة.

استراتيجية الإمام الجواد (ع) في تقريب قلوب الناس إلى الإنسانية؛ الجهاد العلمي للإمام

الكوثر_مناسبات

اليوم هو ذكرى استشهاد سيدنا جواد الائمة (ع). من أجل شرح ووصف الحياة العلمية والدعوية للنجم التاسع الساطع في الإمامة والولاية الإمام محمد تقي (عليه السلام) والمعروف بالإمام الجواد (عليه السلام) من المناسب أن نلقي نظرة شاملة وأعمق على مختلف جوانب حياته المثمرة. ولد الإمام الجواد (ع) في المدينة المنورة سنة 195 هـ، وتولى في شبابه مسؤولية الإمامة المهمة بعد استشهاد والده الجليل. ورغم قصر مدة إمامته إلا أنه كان مصدراً للكثير من الخير والبركات للمجتمع الإسلامي، وكان له دور كبير في حفظ ونشر تعاليم أهل البيت (ع) الطاهرة.

اقرأ ايضا:

ذكرى شهادة الامام محمد الجواد (عليه السلام)

القناعة مفتاح السعادة الحقيقية| أفلا يتدبرون


ومن أبرز مظاهر شخصية الإمام الجواد (عليه السلام) إتقانه وتمكنه من العلوم الإسلامية المختلفة. ورغم صغر سنه، إلا أنه في مناظراته العلمية مع كبار علماء عصره وباحثيه، قدم حججاً مقنعة قوية وعبارات بليغة أبهرت وأدهشت الجميع. ولم تثبت هذه المناظرات عمق علم الإمام (عليه السلام) فحسب، بل أتاحت الفرصة أيضاً لإثبات شرعية المذهب الشيعي في مواجهة الفرق والمدارس الأخرى.
ومن الأمثلة على ذلك مناظرته الشهيرة مع يحيى بن أكثم رئيس قضاة البلاط العباسي، وهي من الحوادث التاريخية التي تدل بوضوح على عظمة الإمام الجواد (عليه السلام) العلمية. وفي هذه المناظرة طرح يحيى بن أكثم أسئلة معقدة وصعبة في علم الفقه والحديث، إلا أن الإمام (عليه السلام) أذهل الجميع بأجوبة دقيقة ومدروسة وشاملة، وأثبت تفوقه العلمي. وكان لهذه المناظرة أثر كبير في رفع وعي الناس وتوجههم نحو دين أهل البيت (ع).
إضافة إلى المناظرات كان الإمام الجواد (ع) يجيب دائماً على أسئلة الناس والعلماء الفقهية والعقائدية. وأجوبتهم التي وصلت إلينا على شكل روايات وأحاديث تعتبر كنزاً ثميناً من كنوز المعرفة الإسلامية. وهذه الأجوبة لا تقتصر على شرح الأحكام الدينية والقضايا الفقهية فحسب، بل تهتم أيضاً بالقضايا العقائدية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية، وتقدم التوجيه اللازم لسعادة الإنسان وخلاصه.
ومن خلال تربية الطلبة المتميزين والملتزمين، لعب الإمام الجواد (عليه السلام) دوراً هاماً في نقل التعاليم الإسلامية إلى الأجيال القادمة. وكان هؤلاء الطلبة الذين وفدوا على الإمام (عليه السلام) من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، بعد أن نالوا العلم والحكمة، ينشرون تعاليمه في مجتمعاتهم، فيشعلون بذلك سراج الهداية والمعرفة في نفوس الناس.
إضافة إلى نشاطه العلمي، اهتم الإمام الجواد (عليه السلام) أيضاً بتعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية. ومن خلال التأكيد على أهمية العدالة، واللطف، والصدق، والأمانة، والصبر، والشكر، وتجنب الخطيئة، سعى إلى إصلاح المجتمع وتربية الناس المؤمنين والملتزمين والمسؤولين. وكان يدعو الناس دائمًا إلى احترام حقوق بعضهم البعض، ودعم المحتاجين، ومساعدة المظلومين، ومحاربة الظالمين، وبالتالي تمنى مجتمعًا صحيًا وديناميكيًا وتقدميًا. ورغم القيود التي فرضتها عليه الحكومة العباسية، فقد ظل الإمام الجواد (عليه السلام) على اتصال دائم بالناس

وقال حجة الإسلام والمسلمين الدكتور ناصر رفيعي: إن الإمام الجواد (عليه السلام) هو أول إمام تولى منصب الإمامة بعد استشهاد والده الجليل الإمام الرضا (عليه السلام) وهو طفل في السابعة من عمره. كان إمامًا لمدة ثمانية عشر عامًا واستشهد وعمره خمس وعشرون عامًا. فهو أصغر الأئمة سناً.
وأضاف: إن الإمام الرضا (عليه السلام) رزق بالأولاد وهو في السابعة والأربعين من عمره، ولذلك كان كثير من الناس يقولون له إنه لن ينجب بعد ذلك. فيقول الإمام: والله لا يذهب هذا الليل وهذا النهار حتى يرزقني الله ولداً أميز به بين الحق والباطل. عندما ولد الإمام الجواد (عليه السلام) قال الإمام الرضا (عليه السلام): ما ولد لنا أحد أكثر بركة منه.
وتابع رفيعي: "إن من أهم مهام أهل البيت (عليهم السلام) محاربة الانحرافات المنتشرة في المجتمع، وفي عصر الغيبة تكون هذه المهمة على عاتق العلماء". ومن الانحرافات التي كانت موجودة في زمن الإمام الجواد (عليه السلام) والتي وقف الإمام ضدها وحاربها هي الانحرافات العقائدية.
وأضاف أستاذ الحوزة العلمية: "لا يوجد انحراف أسوأ من الانحراف الفكري الذي يدمر معتقدات الإنسان. واليوم، يسعى العدو إلى تدمير معتقدات الشباب عبر الفضاء الإلكتروني والبرامج الفضائية". ومن الفرق التي نشأت في زمن الإمام الجواد (عليه السلام) فرقة الوقفية. اعتقدت هذه الفرقة أن الأئمة لا يزيدون على سبعة، واعتبرت الإمام الكاظم (ع) هو آخر الأئمة المعصومين. ولذلك عندما ولد الإمام الجواد (عليه السلام) سماه الإمام الرضا (عليه السلام) مولوداً مباركاً، لأن الوجود المقدس للإمام التاسع حال دون نمو الفرقة الوقفية المنحرفة.
وأضاف: قال الإمام الرضا (عليه السلام) عن ابنه الحبيب: "أنت مثل عيسى ابن مريم وموسى ابن عمران". قال عيسى عليه السلام في المهد: أنا نبي، والإمام الجواد عليه السلام أيضاً أصبح إماماً في صغره. لقد وقف موسى بن عمران في وجه أذى السحرة، كما وضع الإمام الجواد (عليه السلام) حداً لأذى أبيه الحبيب الذي قال إن الإمامة انقطعت ولن ينجب. كما أن الوجود المقدس للإمام الجواد (عليه السلام) أثبت إمامة الإمام الرضا (عليه السلام).
قال الرافعي: كان الإمام الجواد (عليه السلام) عالماً بالعلوم، وكانت من أبرز معالم حياته. بالإضافة إلى مواجهة الانحرافات الفكرية، كان مهتماً أيضاً بالتعامل مع الانحرافات الأخلاقية والسياسية والعلمية وغيرها. وفي التعامل مع الانحرافات الأخلاقية تجدر الإشارة إلى أن العباسيين في عهد الخلفاء العباسيين كانوا يشجعون الموسيقى والغناء وشرب الخمر كثيراً. ولم يسمح الإمام للموسيقار مأمون بالعزف في حفل زفافه.
وتابع: بما أن الإمام الجواد (ع) يعتبر أصغر أئمة الشيعة، فإن صغر سنه عند استشهاد أبيه أدى إلى شك عدد من أصحاب الإمام الرضا (ع) في إمامته. ولكن الإمام بعلمه العميق أنقذ كثيراً من الشيعة والمريدين من الضلال والتيه.
قال رفیعي: حدثنا عبد العظيم الحسني (عليه السلام)، عن الجواد (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت الصادق (عليه السلام) يقول: عقوق الوالدين من كبائر الذنوب، لأن الله وصف الفاسقين بالظلمة والشقاء، وتوعدهم بأشد العذاب.
وقال: "إن الروايات الواردة عن حضرة عبد العظيم عن الإمام الجواد (عليه السلام) كثيرة، وسأذكر في هذه المقالة حديثين يبينان أهمية حسن الأخلاق". قال عبد العظيم الحسني (عليه السلام): قلت لجواد (عليه السلام): حدثني عن آبائك بحديث. قال الإمام: حدثني أبي عن جده، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: إنك لن تجذب الناس إليك بالمال والعقار، ولكن تقربهم إليك بأخلاقك وحسن خلقك. يقول: طلبت منك التوضيح أكثر. قال: بئس الزّاد إلى المعاد، العدوان على العباد.

مزيد من الصور

أهم الأخبار

الأكثر مشاهدة