في تلك السنة حجَّ الإمام عليٌّ (عليه السلام) من اليمن، وكان قد بعثه رسول الله (صلی الله عليه وآله) في ثلاثمائة فارس، فأسلم القوم على يديه. ولمَّا قارب رسول الله (صلی الله عليه وآله) مكَّة من طريق المدينة، قاربها علي (عليه السلام) من طريق اليمن والتحق بالركب النبوي قبل حلول وقت مراسم الحج وأدرك الحج معه (صلی الله عليه وآله). ولما أتمّ المسلمون بمعية الرسول (صلی الله عليه وآله) مراسم حجّهم قفلوا راجعين إلى ديارهم.
نزول آية التبليغ
لمَّا قضى رسول الله (صلی الله عليه وآله) نُسكه وقفل إلى المدينة، وانتهى إلى الموضع المعروف بغدير خُمٍّ من الجحفة التي تتشعب فيها طرق المدنيين والمصريين والعراقيين يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجّة، نزل عليه الوحي في آية الإبلاغ بقوله: ﴿يَا أيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ وَإن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس﴾. وأمر الله تعالى النبي (صلی الله عليه وآله) أن يقيم علياً (عليه السلام) علماً للناس ويبلغهم ما نزل فيه من الولاية وفرض الطاعة على المسلمين. وكان أوائل القوم قريبين من الجحفة فأمر رسول الله (صلی الله عليه وآله) أن يردّ من تقدّم منهم ويحبس من تأخّر عنهم في ذلك المكان.