إن الظاهر من بعض الروايات أن الكعبة لم تكن موجودة كمعلم حال نزول آدم (عليه السلام) بل الذي خط حدودها آدم (عليه السلام) بتعليم من جبرئيل (عليه السلام)، ويظهر من نفس تلك الرواية أن البيت خرج دون تدخل آدم (عليه السلام) في بنائه.
وكما ذكر في "الكافي" أن جبرئيل انطلق بالنبي آدم عليه السلام إلى مكان البيت وأنزل الله عليه غمامة فأظلت مكان البيت وكانت الغمامة بحيال البيت المعمور فقال: "يا آدم خط برجلك حيث أظلت عليك هذه الغمامة فإنه سيخرج لك بيتا من مهاة يكون قبلتك وقبلة عقبك من بعدك". ثم أخرج الله له تحت الغمامة بيتا من مهاة وأنزل الحجر الأسود وكان أشد بياضا من اللبن وأضوء من الشمس، إلا أنه اسودّ، لأن المشركين تمسحوا به فمن نجس المشركين اسودّ الحجر.
ثم تهدمت الكعبة بفعل سيول الطوفان الذي حصل أيام نبي الله نوح (عليه السلام) ولم يبق منها إلا القواعد التي غطتها الرمال والحصى، ثم جدد بناءها ورفع القواعد فيها إبراهيم وابنه اسماعيل (عليهما السلام) كما هو المستفاد من قوله تعالى: ﴿وَإذ يَرَفع إبرَاهيمُ القَوَاعدَ منَ البَيت وَإسمَاعيل﴾ (البقرة:127).
وهدم جزء من الكعبة المشرفة قبل مبعث الرسول (صلى الله عليه وآله) بخمس سنوات بفعل السيول أيضا فعزمت قريش على هدمها وإعادة بنائها واشترطت ألا تدخل في بنائها مالاً حراماً فقصرت بهم النفقة الطيبة وأعادوا بناءها وأحدثوا التغييرات فيها، حيث زادوا ارتفاعها إلى (18 ذراعاً) وبنوا لها سقفاً خشبياً وجعلوا لها باباً واحداً ورفعوه عن مستوى الأرض كي يدخلوا من أرادوا ويمنعوا من أرادوا.
وأسهم النبي محمد (صلى الله عليه وآله) في بنائها وأخمد الفتنة التي أوشكت أن تقع بين قبائل قريش بسبب الحجر الأسود، فاقترح اقتراحه الحكيم الذي أرضى به الجميع ثم وضع الحجر الأسود في مكانه بيديه الشريفتين.
وفي جمادي الآخرة سنة 64هـ قام عبد الله بن الزبير بهدم الكعبة حتى ألصقها بالأرض، فلما بلغ ابن الزبير بالهدم إلى القواعد أدخل الحجر في البناء حتى رفعها، وجعل لها بابين باباً شرقياً وباباً غربيباً وصيّر على كل باب مصراعين، وجعل رفعها إلى ثماني عشرة ذراعاً، وقبل هذا كان الحصين بن نمير قد أقبل على رأس جيش يزيد عام 62هـ وأراد ابن الزبير الذي كان متحصناً داخل البيت الحرام، ورمى الكعبة بالمنجنيق فاضَّر بها، ثم تلت ذلك حملة عبد الملك بن مروان التي نفذها الحجاج الثقفي عام 73هـ لقمع ابن الزبير وقام الحجاج بهدم الكعبة ورفعها إلى سبعة وعشرين ذراعاً.
المؤرخون أحصوا عدد السيول التي اجتاحت الكعبة والحقت اضراراً بها فكانت سبعين سيلاً, وقد ذكروا لبعضها أسماء خاصة كسيل أم نهشل، وجحاف والمخبل في أيام عبد الملك بن مروان، وسيل ابن حنظلة في أيام المأمون.
المصدر: وكالة الحوزة