خاص الكوثر - إبدأ رحلتك
تناولت الأستاذة مواهب الخطيب أن التحول الثقافي الذي قاده النبي محمد ﷺ لم يقتصر على الجانب الديني فحسب، بل مثّل مشروعاً متكاملاً لإعادة بناء الإنسان والمجتمع. فالقرآن وصف المرحلة السابقة بـ«الجاهلية الأولى»، في إيحاءٍ بإمكانية تكرار أنماط الانحراف الحضاري في عصور لاحقة، وهو ما يفتح باب المقارنة مع مظاهر “جاهلية معاصرة” في الخطاب والسلوك.
واستدلت في هذا السياق بتقدير دولي لشخصية النبي محمد ﷺ بوصفه أحد أبرز من أسهموا في صياغة قوانين أحدثت تحولاً في الثقافة الإنسانية، استناداً إلى خطاب يشير إلى احترام التشريعات التي نظّمت الأخلاق والعلاقات الاجتماعية. مؤكدة أن جوهر الرسالة تمحور حول «إتمام مكارم الأخلاق» عن قول النبي ﷺ "إانما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، باعتبارها قاعدة ثقافية جامعة.
إقرأ أيضاً:
وتابعت الأستاذة الخطيب: كما يبرز اعتماد الإسلام على أدوات حديثة في زمنه، أبرزها “القلم” والتدوين، في مجتمع كان يعتمد على المشافهة، حيث جرى توثيق الوحي، وتخريج كتّاب، وإرسال المبلّغين إلى الأقاليم المختلفة، ما أرسى نموذجاً لنقل المعرفة بطريقة منظمة ومستدامة. كذلك اعتمد المنهج النبوي على استيعاب بعض الأعراف القائمة وتقويمها لا اقتلاعها بالكامل، مثل تنظيم ثقافة الحجاب، وإعادة توجيه شعائر الحج لتصبح مساحة للتبادل الثقافي والإنساني بين الشعوب.
واختتمت الأستاذة مواهب الخطيب قولها: واعتمدت عملية التحول أيضاً على التدرّج في تغيير السلوكيات السلبية، مثل ظواهر العنف الاجتماعي ووأد البنات وشرب الخمر، بحيث جرى الانتقال من الإقرار بالتقاليد إلى إصلاحها خطوةً خطوة ضمن إطار أخلاقي وتشريعي متماسك. وبهذه الآليات، تمكّن المشروع الإسلامي من إحداث قطيعة حضارية مع الجاهلية، وبناء ثقافة جديدة قابلة للامتداد عبر العصور.