الإمام الخميني.. تصدير الثورة أم تصدير النموذج؟

الأحد 5 فبراير 2017 - 14:00 بتوقيت مكة
الإمام الخميني.. تصدير الثورة أم تصدير النموذج؟

شكلت مسألة "تصدير الثورة" مادة أساسية للاعلام المعادي للجمهورية الإسلامية في جانبه العربي (البعثي الصدامي سابقاً والخليجي حالياً على وجه التحديد)، للدلالة على تهمة "التدخل في الشؤون الداخلية" التي نسمعها كل صباح ومساء من ابواق الدعاية المعادية لإيران الثورة الإسلامية.

والغريب ان هذه التهمة لا نجدها بوضوح في وسائل الاعلام الغربية التي تكتفي في أغلب الاحيان بالايحاء الى شياطينها الصغار واذيالها في المنطقة، لتدق الأخيرة الطبول وتنفخ في الأبواق!

ولا أدري لماذا العرب فقط من جيران إيران وحتى غير جيرانها من يعزفون هذا اللحن الممل وهذه الاسطوانة المشروخة دون سواهم، لماذا لا نسمع تصدير الثورة من حكام أفغانستان وتركمانستان وباكستان واذربيجان وتركيا أوحتى من مسؤولي كردستان العراق.. لماذا المغرب السني يخاف تصدير الثورة وأذربيجان الشيعية لا تخافه؟!

فهل سعت إيران وتسعى الى تصدير ثورتها.. وما المقصود بتصدير الثورة.. هل هو"التشيع" أم "الثورة الإسلامية ضد الطغاة" أم "الامبراطورية الفارسية".. وهل المقصود به نموذج المقاومة كثقافة عابرة للأيديولوجيات والاديان والانتماءات المذهبية والجغرافيا؟

قبل الاجابة على هذه التساؤلات لابد من الاشارة الى ان أول من أطلق تهمة محاولات إيران الجمهورية الإسلامية بتصدير الثورة، هو النظام العراقي السابق، الذي وبسبب التلاحم القائم بين الشعبين المسلمين في إيرانوالعراق، كان هو الآخر كنظام الشاه يواجه حركة إسلامية قوية يقف على رأسها أحد أكبر مفكري العالم الإسلامي، الامام الشهيد االسيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) وكانت الساحة العراقية التي يمتد التحرك الإسلامي فيها الى زمن الحرب العالمية الأولى وقبل تشكيل الدولة العراقية، مهيأة للثورة وإسقاط نظام البعث حتى قبل الثورة الإسلامية في إيران، حسب بعض الناشطين والحركيين العراقيين.. لكن الله هيأ لإيران ما لم يهيئه لغيرها.. مع تباين في مستوى دموية النظامين الحاكمين آنذاك.

 

اذاً، كانت التهمة الاولى من نظام صدام حسين،وكان أمراً طبيعياً لانه يريد اتهام المعارضة الجماهيرية بالعمالة للخارج.

 

المنظومة الخليجية كانت هي الأخرى مرتعبة من الثورة وتخاف "صدورها" خاصة الى المناطق المتفاعلة مع الثورة، الشيعة والسنة الحركيين المتأثرين بفكر الاخوان المسلمين وحزب التحرير على كثرتهم في الكويت والامارات وحتى السعودية.

كانت اغلب البلدان المحيطة بإيران جزءاً من المنظومة الغربية (الاميركية) التي افقدتها الثورة أحد أهم حلفائها واركانها في المنطقة.. فكان من الطبيعي ان تتم محاصرة الثورة بتهمة الحدّ من تصديرها!

ولكي لا نبخس العملاء حقهم!! يجب ان لاننسى ان اية ثورة جماهيرية وتحررية،واية فكرة تنسجم مع فطرة الانسان وعقله الباطن ومشاعره لابد ان تجد لها اصداءاً خارج نطاق منطلقها الجغرافي وحدودها الوطنية، خاصة اذا كانت شعاراتها بالاساس انسانية وعالمية وأممية.. قد يجد بعض الاعراب صعوبة في هضم ذلك، لانهم لم يجربوا ثورة على مدى تاريخهم ولم يفكروا بأكثر من سيارة فارهة ودار واسعة وزيجات متعددة واكل الكبسة..! في حين ان مثل هذه الأمور تعتبر بديهة لمن قرأ تاريخ العالم والأمم والشعوب.. الثورة الفرنسية، الثورة البلشفية، الثورة الفيتنامية، الثورة الجزائرية، الثورة المصرية.. الى ان نصل الى ثورات الربيع العربي التي عملت المنظومة الرجعية العربية (الخليجية بالتحديد) الى خنقها واجهاضها والالتفاف عليها.. فلماذا تكون الثورة الإسلامية استثناءاً في ذلك؟!

 

ورغم كل التهم التي يوجهها الاعراب الى إيران، لم تكن الجمهورية الإسلامية يوماً معتدية على أحد او متآمرة على بلد، بالعكس كانت دائماً تمدّ يد السلام والتعاون وتواجه بالصدود والتآمر والخيانة.. فصدام حسين وحكام البلدان الخليجية حاربوا الثورة قبل النتصارها (اخراج الامام الخميني (رض) من العراق ورفض الكويت استقباله وتصريحات فهد بن عبدالعزيز ضد ثورة الشعب الإيران، لم يكن حينها ملكاً بل كان ولياً للعهد) ثم الحرب العدوانية التي شنها نظام صدام بمساعدة الانظمة الخليجية والاردن والسودان ومصر واليمن ومعهم الاميركان والفرنسيين.. الخ،وما تلاها من جرائم ومؤامرات ارتكبت بحق الإيرانيين والجمهورية الإسلامية بعد تغول المنظومة الخليجية على الواقع العربي.. بل وصل بها التآمر حتى على القوى التحررية العربية التي لم تجد غير إيران الخمينية داعماً لها في مواجهة العدوالصهيوني المحتل، مثل حزب الله والجهاد وحماس وباقي قوى المقاومة في المنطقة.

يبقى السؤال الاساس الذي ينتظر الاجابة.. ما المقصود بتصدير الثورة ؟

الجواب: ان إيران ليست بحاجة الى اراضي تضيفها الى مساحتها التي تزيد عن مليون و600 الف كيلومتر مربع ولابحاجة الى ثروات نفطية اوغازية اومعدنية اومحاصيل زراعية، فهي من اكبر المصدرين اقليمياً وعالمياً..

كما ان رجالها من الحكمة بمستوى يدركون معها ان زمن الاحتلال والامبراطريات والانشلوس (ما قامت به السعودية في اليمن والبحرين والكويت والامارات وارادته في مصر مؤخرا) فقد انتهى، لذلك هي تعمل على تصدير نموذجها المقاوم.. ثقافة لاتنظر الى ديانة اومذهب اوحتى ايديولوجيا سياسية..إيرانوانطلاقاً من رؤيتها في الحرب بين جبهة المستضعفين والمستكبرين، تدعم قوى المستضعفين، حسب امكانياتها في مواجهة مؤامرات المستكبرين والشيطان الاكبر المتمثل اليوم بالولايات المتحدة الأميركية واذنابها.. هي تصدر ثقافة "لا" بوجه الطغاة..وثقافة "نحن نستطيع" في وجه التبعية والتخلف.. هي تصدر ثقافة "الأنا" في مواجة الآخر و"الذات" في مواجهة الاستلاب.

الثورة الإسلامية لم تطلب سوى عدم الانجرار خلف اعداء الأمة والانساينة،ولم تبغ الّا الكرامة للأنسان مسلماً كان اوغير مسلم.. الثورة الإسلامية تريد قوة قي المنطقة (مسلمين وغير مسلمين) تستطيع ان تقتلع الغدّة السرطانية (اسرائيل) من أرض فلسطين الحبيبة التي باعتها أنظمة الخيانة من عرب وغير عرب، لتعود هذه الأرض المباركة الى أهلها مسلمين ومسيحيين ويهود ودروز..

 

الثورة الإسلامية تريد شعوباً حرّة وبمستوى المسؤولية.. شعوب لاتفكر فقط بالاستهلاك على حساب ثرواتها وذخائرها وهي عاجزة عن تصنيع دراجة هوائية او عبوة معجون اسنان!

وهذا بعض معاني تصدير الثورة يا عرب!

بقلم: مروة أبومحمد

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 5 فبراير 2017 - 13:54 بتوقيت مكة