المجتمع في فكر المرجعية الدينية العليا

الأحد 29 يناير 2017 - 11:15 بتوقيت مكة
المجتمع في فكر المرجعية الدينية العليا

لا يقتصر اهتمام المرجعية الدينية على نشر وتوضيح مباني الفقه وأصوله، ولَم يقف المرجع الديني عند حدود الافتاء، بل كان طيلة حياته مطلعاً عارفاً بأحوال المجتمع بشتى مشاربه وقومياته ومذاهبه، وتعدى الى اكثر من ذلك في الاهتمام ورعاية خصوصيات الأقليات والقوميات الاخرى.

فنرى اهتمام المرجعية الدينية الواضح في رعاية المجتمع العراقي، وتوجيهه توجيهاً سليماً نحو واجباته تجاه دينه ووطنه، أو حقوقه التي نص عليها الدستور والقوانين الشرعية، وبات من المسلمات ان يكون للمرجعية الدينية دور رئيسي وأساسي في صيانة المجتمع، والحفاظ على وحدته، وتمتين العلاقة والروابط بين افراده، فلم يقتصر الدور العلمائي على الفقه والعلوم الدينية فقط، بقدر ما كان دوراً شاملاً بكل نواحي الحياة، والدليل على ذلك نجده في التقسيم الواضح في الرسائل العملية من (عبادات ومعاملات) في معالجة الأمور الدينية والدنيوية لديمومة بناء المجتمع الاسلامي.

المرجعية الدينية وخلال خطبة صلاة الجمعة الماضية من الصحن الحسيني المطهر، ركزت وباهتمام لافت على الاسرة، والتفكك الواضح في المجتمع العراقي من جهة، والى الاسرة من جهة اخرى، خصوصاً وان الاسرة تمثل نواة المجتمع وقلبه النابض، حيث اشارت المرجعية الدينية الى ان المجتمع يعاني من أزمة خطيرة الا وهي التفكك الاسري، إذ ان العراق يعد من الدول التي تتميز بروابط أسرية وعشائرية واجتماعية قوية ومميزة، وتدعم الروابط سواء بين العائلة نفسها، أو بين الجيران، وبين العشيرة وبين عموم أبناء المجتمع الواحد، ولكن رغم هذا الارث الكبير، الا ان هناك حالة من التفكك الاسري نشهدها في المجتمع، وهنا لا بد من تحمل الجميع لمسؤوليته تجاه هذه الظاهرة الخطيرة، والوقوف عند أسبابها، والعوامل المسببة لهذا التفكك، وإيجاد الحلول الناجعة لهذه الظاهرة الخطيرة.

المرجعية الدينية لفتت الانتباه الى هذه الظاهرة الخطيرة والتي أخذت بالتمدد، وبدات تهدد كيان المجتمع عموماً، وحملّت الجميع مسؤولية رعاية والاهتمام بالاسرة، عبر تشريع القوانين التي تكفل وتحمي الاسرة من الضياع، كما ينبغي على الآباء ان يتحملوا مسؤوليتهم الشرعية في بناء الاسرة بناءً صحيحاً، وديمومة رعايتها والاهتمام بها ومراقبة ومتابعة الأسرة من قبل الآباء، فلا تبرير لأولي الامر بأنهم يسعون الى كسب أرزاقهم، وترك الاهتمام والرعاية لابنائهم وأسرهم، كما ينبغي على الام ان تسعى الى الحفاظ على الاسرة في غياب الأب، وحمايتها من التفكك والانحراف، كما ينبغي على الأبوين تقنين الانترنت في المنزل، وان يكون فقط للضرورات، فان الاستخدام السئ لسوائل التواصل الاجتماعي أدى الى قطع أوصال الاسرة وتفككها.

اعتقد من الضروري الإسراع في ضبط إيقاع وحركة الاسرة، والحفاظ على الموروث من التقاليد والعادات الأصيلة، وزرع هذه العادات في الأبناء، كما ينبغي ان تضع الدولة استراتيجية واضحة لتنمية الاسرة، وذلك من خلال توفير الظروف المادية والمعنوية والتي تكمن في سياسة تعليمية وتربوية ملائمة للمبادئ والثوابت الوطنية، وان تسعى الاسرة الى رسم خطة تربوية ملائمة لأبنائها، بداية من تنظيم عملية الإنجاب، والتحضير المادي والمعنوي للأفراد، وتربيتهم بطريقة تمكنهم من التأقلم مع الأحوال الإيجابية والسلبية، حتى يتمكنوا.

بقلم:محمدحسن الساعدي

المصدر:شفقنا

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 29 يناير 2017 - 11:15 بتوقيت مكة