الكوثر - مقابلات
كما أكد الدكتور صابر أبومريم أنّ إدراك المسلمين لعدوهم المشترك وبناء تعاون سياسي واقتصادي وعسكري حقيقي، كان الطريق الوحيد لتحويل العالم الإسلامي من ساحة صراعات إلى قوة فاعلة تفرض إرادتها على الساحة الدولية.
وتطرّق الأمين العام لمؤسسة القدس في باكستان، الدكتور صابر أبومريم، إلى صورة الواقع الراهن للعالم الإسلامي وما يحيط به من أزمات، قبل أن يتحدث عن السبل التي كانت يمكن أن تؤدي إلى وحدة حقيقية تضمن للأمة قوتها واستقرارها.
رأى أبومريم أن العالم الإسلامي واجه في ذلك الوقت العديد من المشكلات، وأخطرها المؤامرات الصهيونية التي أعاقت مسيرة الوحدة الإسلامية. وأوضح أنّ الأمة كانت محاصرة بمشكلات داخلية وخارجية في آن واحد. وعندما طُرح موضوع وحدة المسلمين، برز أنّ هناك مشتركات عديدة كانت يمكن أن تؤدي دورًا إيجابيًا في تحقيق هذه الوحدة: العقيدة المشتركة، الإيمان بالله ورسوله وكتابه، الكعبة المشرفة، والقدس الشريف أولى القبلتين. وكانت هذه المرتكزات، بحسب قوله، محل اتفاق بين جميع المسلمين من جاكرتا إلى طنجة.
وحين سُئل عن أبرز القضايا التي كشفت حجم الأزمة، أشار إلى أنّ القضية الفلسطينية بقيت الأهم، حيث ما زال الاحتلال الصهيوني جاثمًا منذ عقود، في مقابل نضال ممتد للشعب الفلسطيني منذ أكثر من قرن. وفي السياق ذاته، توقف عند الحرب على اليمن وما خلّفته من مأساة إنسانية، ثم عند تداعيات الإرهاب في سوريا والعراق حيث نشأت "داعش" وانتشرت موجات العنف التي هزّت الأمن الإقليمي وأضعفت وحدة الأمة.
وأضاف أنّ الوضع غير المستقر في أفغانستان واستمرار قضية كشمير بلا حلّ كانا دليلًا آخر على أنّ المنطقة الإسلامية كانت واقعة في براثن عدم الاستقرار والتآمر. وحول جذور هذه الأزمات، أوضح أبومريم أنّ التفرق وغياب الوحدة كانا السبب الأساس، ما أنذر بمزيد من التحديات المعقدة مستقبلًا إن لم يُتدارك الأمر.
إقرأ أيضاً:
وشدّد على أنّ الوحدة كانت السلاح الوحيد القادر على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. فلو أقامت الأمة وحدة حقيقية، لكانت مواردها البشرية والطبيعية وموقعها الجغرافي ستجبر القوى الكبرى على الرضوخ لها. لكن، كما قال، الانقسامات الداخلية والطائفية والسياسات الضيقة كانت قد أضعفت هذا الحلم، ولن تتحقق الوحدة إلا حين تعرف المسلمون على عدوهم المشترك واستعدوا لمواجهته، وأقاموا بينهم أجواء التعاون والتكامل سياسيًا واقتصاديًا وعلميًا وعسكريًا. عندها فقط كان يمكن حتى للبلدان الضعيفة أن تحقق التقدم ويصبح العالم الإسلامي أكثر قوة واستقرارًا.
وفي تفسيره لغياب الوحدة حتى ذلك الوقت، تحدث عن عقبات كبرى، أبرزها ضعف التعاون بين الدول الإسلامية وانعدام الثقة، فضلًا عن عدم تشخيص العدو المشترك بدقة. وذكّر أنّ القوى الاستعمارية، كالولايات المتحدة وبريطانيا، حكمت العالم الإسلامي لقرون وزرعت بذور الخلاف قبل أن تنسحب. وما الانقسامات الراهنة، برأيه، لم تكن إلا نتاج تلك المؤامرات. وأعطى أمثلة على ذلك خلافات دول الخليج التي أضرت بالقضية الفلسطينية، ما استفادت منه واشنطن وتل أبيب.
وأضاف الدكتور صابر أبومريم أنّ تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل قسم الموقف الإسلامي الموحد، حتى أنّ بعضها اصطف آنذاك إلى جانب إسرائيل في جرائمها بغزة. وتابع موضحًا أنّ بعض الدول العربية انساقت وراء السياسات الأمريكية حفاظًا على عروشها، فتبنت خطاب العداء تجاه إيران، على الرغم من أنّ إيران لم تسعَ يومًا إلى الإضرار بأي بلد عربي. وأكد أنّ لو أنّ هذه الدول أقامت تعاونًا إيجابيًا مع طهران واستفادت من قدراتها، لأمكن إفشال مخططات العدو. لكن نتيجة الموقف السلبي، فُرضت سياسات القوى الاستعمارية على المنطقة.
وأضاف الأمين العام لمؤسسة القدس في باكستان: "لو فهم المسلمون أنّهم بدلًا من أن يكونوا أدوات ضد بعضهم، يمكنهم أن يكونوا درعًا لبعضهم، لشهدنا استقرارًا أكبر."أما عن الحلول، فأكد د. أبومريم أنّ المطلوب كان إنشاء قوة دفاعية مشتركة، وسوق اقتصادية إسلامية، وسياسة خارجية مستقلة. واعتقد أنّ وحدة العالم الإسلامي كانت قادرة على تحدي هيمنة القوى الكبرى.
فإذا وحدت الدول المنتجة للنفط سياساتها، لاضطر الغرب إلى الانصياع. ولو أوقفت هذه الدول إمدادات النفط إلى إسرائيل احتجاجًا على المجازر في غزة، لاقترب حل القضية الفلسطينية بصورة عادلة. كما أنّ الوحدة، برأيه، كانت ستمكّن من طرح قضايا كفلسطين وكشمير بقوة أكبر على الساحة الدولية، وهو ما لم يكن ليؤدي فقط إلى تعزيز السلام، بل إلى فتح آفاق التنمية كذلك.
أجرت الحوار: الدكتورة معصومة فروزان