الكوثر - إيران
وجاء في هذا البيان : ان يوم الـ 5 آب/أغسطس يُعيد إلى الأذهان إقرار الوثيقة الهامة "إعلان حقوق الإنسان الإسلامي والكرامة الإنسانية". ونحن إذ نبارك هذه المناسبة لكافة الأحرار والمطالبين بالعدالة حول العالم، نأمل أن تُلهم هذه الوثيقة القيّمة- المبنية على تعاليم الإسلام السامية في مجال الحقوق والكرامة الإنسانية -إقامة نظام دولي عادل، يُحقق حقوق الإنسان كقيمة إلهية وإنسانية أصيلة، لا كأداة سياسية بأيدي الأقوياء.
وأضاف البيان: في مثل هذا اليوم من عام 1990، قامت الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي بإقرار إعلان حقوق الإنسان الإسلامي والكرامة الإنسانية (المعروف بإعلان القاهرة)، في خطوة أساسية لتقديم نموذج حقوقي مستند إلى التعاليم والقيم الإسلامية. هذا الإعلان يشكل مراجعة فكرية لمحتوى الخطاب الغربي لحقوق الإنسان الذي يقوم على الفردانية والليبرالية والإنسانوية.
وتابع البيان: بعد قرابة 18 عاما، وفي عام 2008، اقترحت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن يُدرج تاريخ إقرار الإعلان 5 آب/ أغسطس في تقويم الدول الإسلامية كـ"يوم حقوق الإنسان الإسلامي والكرامة الإنسانية"، وهو ما اعتُبر نقطة تحول في مساعي العالم الإسلامي لمواجهة تمدد الثقافة الغربية والترويج للحكم المستند إلى القيم الدينية والتعليم الإسلامي.
وأكد البيان أن إعلان حقوق الإنسان الإسلامي ينصّ على أن حقوق الإنسان تنبع من الكرامة والقيمة الذاتية للإنسان، وبأن للأمة الإسلامية رسالة عالمية، فبالرغم من التقدم العلمي المادي، لا تزال البشرية بحاجة ماسّة إلى الإيمان والروحانية لحماية حقوقها وحضارتها.
وأوضح المقر في بيانه أن: التقدّم المادي والخطاب الغربي لحقوق الإنسان أثبتا اليوم أكثر من أي وقت مضى عجزهما عن ضمان الكرامة والحقوق والسعادة البشرية. ويتجلى هذا الواقع المرير في التعاون والدعم العلني الذي تقدمه بعض الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة- التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان - للكيان الصهيوني، حيث تُرتكب مجازر بشعة بحق المدنيين الأبرياء، وخاصة النساء والأطفال.
وأشار البيان إلى أنه منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى الآن، استشهد أكثر من 60 ألف مدني بريء في غزة، 70% منهم نساء وأطفال، وأُصيب أكثر من 149 ألفا آخرين، في حين استُخدم التجويع كسلاح جماعي ضد الأطفال. كما شنّ الكيان الغاصب خلال هجوم استمر 12 يوما على الأراضي الإيرانية، عدوانا أدى إلى استشهاد 1100 مواطن إيراني، بينهم 102 امرأة (بينهن امرأتان حاملتان)، وعشرات الأطفال والمراهقين، و14 عالما وأستاذا جامعيا.
إقرأ أيضاً:
وأضاف البيان: لقد تعمّد هذا الكيان الإجرامي استهداف البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات، والمراكز العلاجية، ومحطات الإسعاف، وحتى سيارات الإسعاف، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، وبدعم مالي وتسليحي وسياسي شامل من بعض الدول الغربية التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان. إن هذه الجرائم تمثل وحشية غير مسبوقة حتى في أحلك فترات التاريخ، وتعكس تفكير الغرب المتغطرس الذي يرى في نفسه الحق في القتل والعدوان، ويستغل الكيان الصهيوني لتنفيذ "الجرائم القذرة" نيابة عنه، كما أقرّت بذلك المستشارة الألمانية.
وتابع البيان: إن نفاق وادعاءات الدول الغربية حول حقوق الإنسان بلغ حدا لا يمكن إخفاؤه خلف شعارات براقة. فعلى سبيل المثال، في الوقت الذي يكرم فيه الكونغرس الأمريكي بنيامين نتنياهو - زعيم عصابة إجرامية صهيونية مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية - يقوم بترشيح رئيس أمريكا، المجرم الدولي الذي لا يتردد في اثارة الحروب، وتنفيذ الاعتداءات والاغتيالات على اراضي الدول الاخرى، واللجوء الى العقوبات القسرية غير القانونية، وانتهاكات حقوق الانسان و حقوق المرأة والطفل والسجناء والمهاجرين، وحتى انسحاب بلاده من الاتفاقيات الدولية والترتيبات والآليات الدولية لحقوق الإنسان وتغير المناخ، ومقاطعة مقرري حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة والقضاة الدوليين، وما إلى ذلك إلى جائزة نوبل للسلام.
سقوط أخلاقي للحضارة الغربية
وجاء في البيان: في واقع الامر، إن هذه العروض الهزلية السخيفة تمثل آخر محاولات نظام فكري يسعى لإخفاء وجهه الملطخ بالدماء خلف قناع الديمقراطية وحقوق الإنسان. فكيف يمكن تصديق أن دولة تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان تكرّم مجرما يقتل الأطفال بين أحضان أمهاتهم؟ هذا التناقض يفضح الانحدار الأخلاقي للحضارة الغربية، ويعكس انقلاب المفاهيم في الخطاب الغربي، حيث باتت كلمة "السلام" تعني الحرب، و"حقوق الإنسان" تبريرا للجرائم.
وأضاف البيان: من المؤسف أن مدّعي حقوق الإنسان سعوا دائما لفرض قيمهم الليبرالية والعلمانية التي تحكم مجتمعهم على العالم تحت ستار حقوق الإنسان، متجاهلين ثقافات الأمم الأخرى، بما في ذلك الدول الإسلامية. وبالتالي فان ازدياد ظاهرة الإساءة للأديان والمذاهب ونشر الكراهية ضد المسلمين، والدعم الحكومي لتلك الممارسات بذريعة حرية التعبير، يؤدي الى تصعيد التوتر والكراهية والإسلاموفوبيا والعنف ضد المسلمين، ويمثل خطرا يهدد السلم والأمن والتعايش بين الشعوب وأتباع الديانات السماوية.
وشدد البيان على أن السياسات والمواقف غير المبدئية للدول المدعية لحقوق الإنسان أدّت الى تعريض الكرامة الإنسانية في عصرنا لمخاطر جسيمة، وتهديد السلم والاستقرار العالمي، وتزداد سوءا يوما بعد يوم ، أبرزها: الهيمنة الثقافية والسياسية والاقتصادية، الحروب، قتل الأبرياء، فرض العقوبات الظالمة، دعم الجماعات الإرهابية، الكوارث البيئية، وتزايد الفقر.
وبالإضافة إلى هذه الحالات، أشار البيان إلى أن استمرار جرائم الكيان الصهيوني الواسعة والوحشية في غزة ورفح، واعتداءاته الإرهابية المتكررة في دول أخرى، إلى جانب الدعم اللامحدود من الحكومات التي تدّعي حقوق الإنسان، وعجز الآليات الدولية عن منعه؛ يمثل تحديا حقيقيا لتحقيق السلام والعدالة وحقوق الإنسان والأمن الإنساني.
و ختم مقر حقوق الإنسان، بيانه، مؤكدا: لقد حان الوقت للدول الإسلامية والشعوب الحرة في العالم أن تتكاتف وتتشارك أكثر من أي وقت مضى في آلامها وأحزانها وتهديداتها المشتركة، وتتوحد على قضية فلسطين الحرة. إن الوحدة هي سر انتصار ورفعة الأمة الإسلامية وشعوب المنطقة، تماما كما كان إقرار إعلان حقوق الإنسان الإسلامي ثمرة للوحدة والإجماع.