خاص الكوثر - الوجه الآخر
وقال الدكتور أبو لحية إن القرآن الكريم عندما يركّز على قضية ما، فإنما يدلّ على خطورتها، مضيفًا أن حديث القرآن عن بني إسرائيل لم يقتصر على ذكر التاريخ، بل أشار إلى أدواتهم وأساليبهم في الفساد، بدءًا من صناعة العجل الذهبي في عهد السامري، وصولًا إلى تحريف الدين وقتل الأنبياء واتخاذ الأحبار أربابًا من دون الله.
وأشار إلى أن التغلغل الإسرائيلي لم يكن حديثًا، بل بدأ منذ عصر النبي محمد صلى الله عليه وآله، حيث أشار القرآن إلى وجود بعض المسلمين الذين كانوا "يُصغون" لبني إسرائيل ويأخذون عنهم. وأضاف: "ورد في الحديث أن النبي غضب حين رأى أحد الصحابة يحمل صحيفة من التوراة، وقال: أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟ لقد جئتكم [بها] بيضاء نقية."
وأوضح أن هذا التسرّب العقائدي أدّى إلى نشوء ما سمّاه بـ"الدين الملقّح بالإسرائيليات"، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الروايات التي دخلت التراث الإسلامي حملت بذور أفكار ملوثة، مثل الجبرية، والاستبداد، وعدالة الحاكم المطلقة، بل حتى تبرير الظلم باسم القضاء والقدر.
وأضاف الدكتور أبو لحية أن بعض النخب الدينية للأسف تبنّت هذه الرؤى، ما مهّد لتحويل الدين إلى أداة تبرّر الاستبداد وتشرعن الهيمنة السياسية، وقال: "من هنا نفهم لماذا وصف القرآن اليهود بأنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا، لأنهم لم يكتفوا بالعداوة الظاهرة، بل اخترقوا البنية الفكرية والدينية."
وختم بالتحذير من خطورة الصهيونية التي أصبحت اليوم تتجسد ليس فقط في الاحتلال، بل في الفكر والسياسة والتعليم والإعلام، مؤكدًا أن مشروع المقاومة الحقيقي يبدأ من تحصين الوعي الإسلامي من الاختراق الصهيوني الفكري والديني.