الإمام الهادي(ع)...وكرامات ما بعدها كرامات

الإثنين 27 أغسطس 2018 - 07:57 بتوقيت مكة
الإمام الهادي(ع)...وكرامات ما بعدها كرامات

كل واحد من الأئمة (عليهم السلام) معجزات كثيرة ، وقد حفظ الرواة للإمام الهادي (عليه السلام) أكثر من مئة معجزة ، وتقدم في الأيام القليلة الماضية عددٌ منها ، ونورد فيما يلي عدداً آخر :

1-عرف الإمام (عليه السلام) ما في ضميره فاستبصر

في إثبات الوصية ( ١ / ٢٣٧ ) : "وروى احمد بن محمد بن قابنداذ الكاتب الإسكافي قال : تقلدت ديار ربيعة وديار مضر ، فخرجت وأقمت بنصيبين ، وقلدت عمالي وأنفذتهم الى نواحي أعمالي ، وتقدمت أن يحمل اليَّ كل واحد منهم كل من يجده في عمله ممن له مذهب ، فكان يردُ علي في اليوم الواحدُ والإثنان والجماعة منهم ، فأسمع منهم وأعامل كل واحد بما يستحقه. فأنا ذات يوم جالسٌ إذ ورد كتاب عامل بكفرتوثي يذكر أنه قد وجه إليَّ برجل يقال له إدريس بن زياد ، فدعوت به فرأيته وسيماً قسيماً قبلته نفسي ، ثم ناجيته فرأيته ممطوراً ورأيته من المعرفة بالفقه والأحاديث على ما أعجبني ، فدعوته الى القول بإمامة الإثني عشر (عليه السلام) فأبى وأنكر عليَّ ذلك وخاصمني فيه!
وسألته بعد مقامه عندي أياماً أن يهب لي زَوْرَةً الى سر من رأى لينظر الى أبي الحسن (عليه السلام) وينصرف فقال لي : أنا أقضي حقك بذلك.
وشخص بعد أن حملته ، فأبطأ عني وتأخر كتابه ، ثم إنه قدم فدخل إليَّ فأول ما رآني أسبل عينيه بالبكاء ، فلما رأيته باكياً لم أتمالك حتى بكيت ، فدنا مني وقبل يدي ورجلي ثم قال : يا أعظم الناس منةً ، نجيتني من النار وأدخلتني الجنة.
وحدثني فقال لي : خرجت من عندك وعزمي إذا لقيت سيدي أبا الحسن (عليه السلام) أن أسأله من مسائل ، وكان فيما أعددته أن أسأله عن عرق الجنب ، هل يجوز الصلاة في القميص الذي أعرق فيه وأنا جنب أم لا؟ فصرت الى سر من رأى ، فلم أصل إليه وأبطأ من الركوب لعلة كانت به ، ثم سمعت الناس يتحدثون بأنه يركب ، فبادرت ففاتني ودخل دار السلطان فجلست في الشارع ، وعزمت أن لا أبرح أوينصرف. واشتد الحرُّ عليَّ فعدلت الى باب دار فيه ، فجلست أرقبه ونعست فحملتني عيني فلم أنتبه إلا بمقرعة قد وضعت على كتفي ، ففتحت عيني فإذا هومولاي أبوالحسن (عليه السلام) واقف على دابته ، فوثبت فقال لي : يا إدريس أما آن لك؟ فقلت : بلى يا سيدي. فقال : إن كان العرق من حلال فحلال ، وإن كان من حرام فحرام. من غير أن أسأله ، فقلت به وسلمت لأمره ".
أقول : قول الإمام (عليه السلام) : أما آن لك يدل على أنه رأى منه آيات قبل أن يجيبه على ما في نفسه. لكنه لم يذكرها في هذا الحديث.

2- النصراني الكاتب مع الإمام الهادي (عليه السلام)

في الخرائج ( ١ / ٣٩٦ ) : ( عن هبة الله بن أبي منصور الموصلي ، قال : كان بديار ربيعة كاتب لنا نصراني وكان من أهل كفرتوثا ، يسمى يوسف بن يعقوب ، وكان بينه وبين والدي صداقة. قال : فوافى ونزل عند والدي فقال ما شأنك قدمت في هذا الوقت؟ قال : قد دعيتُ إلى حضرة المتوكل ، ولا أدري ما يراد مني ، إلا أني قد اشتريت نفسي من الله تعالى بمائة دينار ، قد حملتها لعلي بن محمد بن الرضا ، معي! فقال له والدي : وفقت في هذا. قال : وخرج إلى حضرة المتوكل وانصرف إلينا بعد أيام قلائل فرحاً مستبشراً ، فقال له أبي : حدثني بحديثك.
قال : سرت إلى سر من رأى وما دخلتها قط ، فنزلت في دار وقلت : يجب أن أوصل المائة دينار إلى أبي الحسن بن الرضا (عليه السلام) قبل مصيري إلى باب المتوكل ، وقبل أن يعرف أحد قدومي. قال : فعرفت أن المتوكل قد منعه من الركوب وأنه ملازم لداره ، فقلت : كيف أصنع؟ رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا! لا آمن أن ينذر بي فيكون ذلك زيادة فيما أحاذره. قال : فتفكرت ساعة في ذلك ، فوقع في قلبي أن أركب حماري وأخرج من البلد ، ولا أمنعه من حيث يريد ، لعلي أقف على معرفة داره من غير أن أسأل أحداً. قال : فجعلت الدراهم في كاغدة وجعلتها في كمي ، وركبت فكان الحمار يخرق الشوارع والأسواق يمر حيث يشاء ، إلى أن صرت إلى باب دار ، فوقف الحمار ، فجهدت أن يزول فلم يزل ، فقلت للغلام : سل لمن هذه الدار؟ فقيل : هذه دار ابن الرضا (عليه السلام) فقلت : الله أكبر ، دلالة والله مقنعة!
قال : فإذا خادمٌ أسودُ قد خرج فقال : أنت يوسف بن يعقوب؟قلت : نعم. قال : إنزل فنزلت ، فأقعدني في الدهليز ودخل ، فقلت في نفسي : وهذه دلالةٌ أخرى! من أين يعرف هذا الخادم إسمي وليس في هذا البلد أحدٌ يعرفني ولادخلته قط!
قال : فخرج الخادم وقال : المائة دينار التي في كمك في الكاغذ هاتها. فناولته إياها وقلت : هذه ثالثة ، ثم رجع إليَّ وقال : أدخل ، فدخلت إليه وهو في مجلسه وحده ، فقال : يا يوسف أما بَانَ لك؟ فقلت : يا مولاي ، قد بان من البراهين ما فيه كفاية لمن اكتفى. فقال : هيهات هيهات ، أما إنك لا تسلم ، ولكن سيسلم ولدك فلان وهو من شيعتنا. يا يوسف ، إن أقواماً يزعمون أن ولايتنا لا تنفع أمثالك. كذبوا والله ، إنها لتنفع أمثالك ، إمض فيما وافيت فإنك سترى ما تحب!
قال : فمضيت إلى باب المتوكل ، فنِلت كلما أردت ، وانصرفت.
قال هبة الله : فلقيت ابنه بعد هذا وهومسلم حسن التشيع ، فأخبرني أن أباه مات على النصرانية ، وأنه أسلم بعد موت والده وكان يقول : أنا بشارة مولاي (عليه السلام."

ملاحظات

١. هذا المسيحي من الموصل من كفرتوثا ، وهي قرب رأس عين على الحدود العراقية السورية. وكان شخصية لأن المتوكل طلب حضوره للتحقق من قضية أو لتكليفه بأمر مهم. وكان يعرف إمامة أهل البيت وخصائص الإمام (عليه السلام) وينذر له ، ويعتقد أنه بنذره يؤمِّن نفسه من خطر المتوكل. وهذا من مؤشرات انتشار التشيع في بقاع العالم الإسلامي ، وقد ورد أن أحد العمال الشيعة هناك دعا شخصاً الى التشيع ، وأرسله ليرى الإمام الهادي (عليه السلام) فرآه واستبصر.
٢. لاحظ أن المتوكل كان منع الإمام الهادي (عليه السلام) من الركوب ، أي الخروج من سامراء والمشاركة في مناسباتها الإجتماعية ، فهويخاف أن ( يفتن ) به الناس!
٣. يظهر أن يعقوب بن يوسف كان يخاف من المتوكل إن هو أسلم وأعلن تشيعه. ومع ذلك بشره الإمام (عليه السلام) بأن الايمان به نوع من الولاية وأنه ينفعه : إنها لتنفع أمثالك. ثم بشره بأنه يرزق ولداً يكون مؤمناً ، فكان كما أخبر (عليه السلام).
وفي الحديث دليل على أن ولاية أهل البيت (عليه السلام) قد توجد بدرجة ما في غير المسلم وأنها تنفعهم في الآخرة.

3-معرفة الإمام (عليه السلام) باللغات

"عن أبي هاشم الجعفري ، قال : كنت بالمدينة حين مرَّ بنا بَغَا أيام الواثق ، في طلب الأعراب ، فقال أبوالحسن : أخرجوا بنا حتى ننظر إلى تعبئة هذا التركي ، فخرجنا فوقفنا ، فمرت بنا تعبئته فمر بنا تركي ، فكلمه أبوالحسن (عليه السلام) بالتركي فنزل عن فرسه فقبل حافر فرس الإمام (عليه السلام)! فَحَلَّفْتُ التركي فقلت له : ما قال لك الرجل؟ قال : هذا نبي؟! قلت : ليس هو بنبي. قال : دعاني باسم سميت به في صغري في بلاد الترك ما علمه أحد إلى الساعة".
 
عن علي بن مهزيار قال : أرسلت إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) غلامي وكان صقلابياً فرجع الغلام إلي متعجباً ، فقلت له : ما لك يا بني؟ قال : وكيف لا أتعجب! ما زال يكلمني بالصقلابية كأنه واحد منا !"

المصدر: كتاب "الامام الهادي(ع) عمر حافل بالجهاد و المعجزات"

إقرأ أيضا:من كرامات الإمام الهادي(ع)...قصة زينب الكذابة

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الإثنين 27 أغسطس 2018 - 07:55 بتوقيت مكة