التقديس و المقدس...لماذا تدعون و للأمور تخلطون؟

الجمعة 26 يناير 2018 - 16:08 بتوقيت مكة
التقديس و المقدس...لماذا تدعون و للأمور تخلطون؟

عندما يقع الخلط بين المفاهيم سواء عند القائل او السامع تكون النتائج سلبية وتقاطعية وجدلية ، ومن بين التقاطعات التي يقع بها الانسان هو الموقف وصاحب الموقف والتقديس والمقدس.

سامي جواد كاظم

عندما يقع الخلط بين المفاهيم سواء عند القائل او السامع تكون النتائج سلبية وتقاطعية وجدلية ، ومن بين التقاطعات التي يقع بها الانسان هو الموقف وصاحب الموقف والتقديس والمقدس ، الموقف القابل للقدح او المدح يكون الكلام خاص بالموقف ،أما الذي صدر عنه الموقف فانه يتحمل تبعية الموقف فقط لان هذا الشخص إن حكم عليه حسب موقفه فانه غدا قد يصدر منه موقفا بخلاف السابق ، فعندئذ لمن سيوجه الكلام للشخص نفسه مدحا وهو الذي بالامس نال منا قدحا ؟

الامر ذاته بالنسبة للتقديس ، فإن هذه الظاهرة موجودة بحد ذاتها ، أما الحديث عن الإفراط أو من الذي يستحق او لا يستحق فهذا شق ثان من النقاش، ولكن المصيبة أن الطرف الآخر لا يناقش الشخص الذي يقدس بخصوص مقدساته بل ينتقد ويجرح بالمقدس الذي يقدسه وهنا تبدآ المهاترات والتي تصل حتى الى القتل .

المسلمون لديهم مقدسات ، وهذا أمر طبيعي سواء كانت كلها بحق أو بعضها ، المهم أنها موجودة ، هذا جانب وجانب آخر هو أن هنالك البعض منهم من يريد أن يفرض مقدساته على الاخرين بالقوة وهنا المشكلة ، والبعض ممن لا يؤمن بهذه المقدسات لا يحترمها بل يتهجم عليها وهنا ايضا مشكلة، ومشكلة اخرى ان الذي لا يقدس ولا يفهم المقدس ويلفق أكاذيب عليهما هنا تقع الطامة الكبرى .

التعميم ، هذه الظاهرة الاكثر سوءا والتي تصدر ممن لا إطلاع لديه بما يكفي عن التراث الاسلامي حتى يعمم آرائه على الاسلام . واكثر من يعتمد التعميم علمانيو شمال أفريقا أي المغرب العربي ، فتراه يشرّح الاسلام على مشرحة البخاري وإبن تيمية ، وهذا الحيز هو حدوده ، ولأنه لا يعلم ماذا يعني علم الحديث وعلم الرجال فان قريحته تتفتح للنيل من الاسلام سيما اذا وجد قنوات راعية لهكذا أفكار. ولاحظت بالاونة الاخيرة قناة الحرة اتجهت هذا الاتجاه بعقد لقاءات واعادة نشر اقوال هذه الطبقة من العلمانيين .

الغاية لدى المسلم والعلماني واحدة وهي إحترام الانسان والنهوض به ثقافيا وماديا ، ولكن الاسلوب إ.ختلف فبدلا من أن يكونا أسلوبين بخطين متوازيين فانهما يتقاطعان، وحقيقة هنالك كثير من الافكار المتقاطعة لدى من يدعي التنوير ، فعبارة فصل الدين عن السياسة او الدين لله والوطن للجميع فانها اشبه بان يقول قائل انا ارى البندورة ( الطماطة) افضل من نظرية فيثاغورس!!!

انا لا أبالغ، هذه حقيقة ، لاحظوا عبارة الدين لله والوطن للجميع ، فهم يعرفون الدين هي علاقة الفرد مع الله أي العبادة ، والوطن رقعة جغرافية يعيش عليها المواطن فهل الذي يعبد الله لا وطن له ام الذي لديه وطن لا يحق له ان يعبد الله ؟ سؤال يطرح نفسه بقوة من هو المشرع للقانون لديهم وماهي الامتيازات التي يحملها ومن هو الذي منحها له؟ ومؤكدا المانح له هو الافضل منه فلماذا لا يكون المانح هو المشرع ؟ وهذا الذي يمنح الامتياز من منحه امتياز منح الامتياز ؟ وهكذا دواليك ، من جانب آخر، إن الذي يضع القانون يجب أن تكون مساحة التفكير وفق المنطق أوسع من مساحة العقل ، أي أن هنالك امورا لا تحدث وفقا للعقل ولكنها طبقا للمنطق ممكن حصولها فعليه المشرع عندما يشرع قانون وفق المنطق تجد ممن يعتمد العقل فقط يستهجن هذا القانون .

يقول سيد القِمني(1) أن الاسلام بكامله لا يصلح لهذا الزمان ، وإعتمد على الاحكام الشرعية للعبيد وملك اليمين ، وهذه الافكار تدور بمساحة ضيقة جدا ، فحكم اليمين جاء وفق موضوع الحكم الذي كانت أدواته متوفرة في حينها ، أضف الى ذلك عندما نقرأ هذه الاية في القران فانها تعطينا الصورة التشريعية والاجتماعية لما كان عليه المجتمع في ذلك الوقت ، إضافة الى ما لا أعلمه من أبعاد أخرى قد يعلمها المتخصصون في هذا المجال ، ولانه شحيح في الاطلاع على ثقافة المذاهب الاخرى سيما الامامي فانه لا يعلم بان الائمة عليهم السلام كانوا يحثون على عتق رقاب العبيد، حتى أن البعض منهم تزوج من أمة وأعتقها لوجه الله فتصبح حرة، بل إن بعض العقوبات لبعض الاخطاء عتق رقبة أي تحرير عبد .

المسلم عقائده مقدسة ولكن العلماني لديه غلو في تقديس رأيه أضعاف ما يقدس المسلم لعقائده، بل يتهجم على المسلم بأسوأ مما قد يصدر من مسلم متزمت بحقه .

(1) ) هو مفكر مصري علماني ، يحذر الناس من الإسلام و يقول أن كل من يعتقد أن الإسلام هو دين صالح لكل زمان و مكان فهو إرهابي. يقول إن القرآن قابل للنقد.

المصدر: موقع الدكتور النفيس

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الجمعة 26 يناير 2018 - 16:08 بتوقيت مكة
المزيد