بدأ التحقيق فى العلوم القرآنية، والغور فى معارف هذا الكتاب السماوي عند المفكرين والمحققين المسيحيين، منذ أمد بعيد نسبيا، وتبنى عدد من المستشرقين التحقيقات القرآنية تبعا لطبيعة مطالعاتهم فى الثقافة الشرقية والاسلامية، فيما خاض آخرون غمار التحقيق فى القرآن ككتاب مقدس لتخصصهم فى مجال العلوم الاسلامية والدينية. والأهم من كل ذلك هو دراسة المعارف القرآنية من قبل رجال الكنيسة بهدف التقريب بين الاديان الالهية، والتعمق إلى جوهر الاديان. وهو انجاز لم يحققه آباء الكنيسة إلا ما ندر.
ويستحق مثل هذا الاعتراف لأتباع الاديان الاخرى التي سبقت الاسلام كل ثناء وتقدير، لأنه اعتراف بقداسة القرآن والاسلام، وهو يعني فيما يعنيه الاقرار بأن ظهور الاسلام نسخ الاديان التي سبقته، أو جاء مكملا لها على الاقل.
ورغم أن البحوث الرئيسية للعلوم القرآنية صدرت في معظمها عن المحققين المسيحيين في اوربا وأميركا، فقد أفلح المفكرون ورجال الدين المسيحيين في الشرق والمنطقة العربية، الذين أدلوا بدلوهم في إبداء الرأي حول القضايا الاسلامية والقرآنية، أفلحوا في اعطاء آراء اكثر عمقا من اقرانهم، لأنهم لمسوا الاسلام عن قرب، وتبحروا في حقائقه ضمن اجواء الثقافة الاسلامية نفسها، وبالتالي كانوا في منأى عن الكثير من الاتجاهات الفكرية الغربية.
ومن المفكرين والعلماء المسيحيين الذين بذلوا وقتا وجهدا كبيرين في مجال التحقيقات القرآنية، الاب يوسف درة الحداد، إذ أثمرت جهوده عن عدة مجلدات في العلوم القرآنية.
ولد الاب يوسف الحداد سنة 1913 م، في احدى قرى القدس، وانصرف منذ اوائل عمره إلى تلقي العلوم الدينية المسيحية، وبعد أن أنهى دراسته في كلية القديس حنا التبشيرية في القدس سنة 1939م، أوفد إلى حمص في سوريا وإلى بعلبك في لبنان لمدة خمس سنوات للقيام بمهام تبشيرية.
أبدى منذ بواكير سنه الدراسي اهتماما بكسب العلوم القرآنية ودراسة المعارف الاسلامية، وتعرف على المزيد من الحقائق عن الاسلام بتأثير حوزة نشاطه في حمص وبعلبك، حيث يكثر المسلمون فيها، وآمن بأن الاديان الالهية تنطلق من جوهر واحد، وأنه لابد من القيام بدراسات متبادلة بين الاديان للغوص في أعماقها الفكرية.
وفي تلك الايام أصدر الرئيس السابق لمجلس الشعب المصري مصطفى المراغي بيانا، دعا فيه المؤمنين من كافة الطوائف الدينية، إلى المشاركة في اقامة صرح الحضارة الدينية المرتكزة على الفكر الالهي، من خلال تعرف بعضها على الآخر، فاستجاب الاب يوسف الحداد لهذه الدعوة، وبدأ بحوثا واسعة استمرت عشرين عاما، انصرف فيها إلى القراءة والتحقيق والتأليف، ليخرج على المفكرين والمثقفين المسلمين والمسيحيين بثلات دورات هي:
1 ـ دروس قرآنية، وتتألف من أربعة مجلدات تشكل بمجموعها 2022 صفحة من القطع الوزيري.
2 ـ في سبيل الحوار الاسلامي المسيحي، في ستة مجلدات، طبع منها اثنان فقط حتى الآن.
3 ـ دراسات انجيلية ـ مصادر الوحي الانجيلي، في تسعة مجلدات ، طبع منها اربعة فقط
المصدر : شبكة القرآن الكريم