الكوثر - مقابلات - شهيد القدس
وأوضح السنداوي أن هذه المدرسة تمثل نموذجاً للوحدة والتعاون بين المسلمين، حيث يحوّل التضامن أمام العدو المشترك إلى خيار بديل عن النزاع والتفرقة. وعن توصيف مدرسة الحاج قاسم الفكرية والإنسانية، يقول "السنداوي" إن مدرسة الحاج قاسم هي امتداد لمدرسة الإمام علي عليه السلام، وقد قدّمت نموذجاً للحوار بين أصحاب المدرسة الواحدة، والرسول، والقرآن، والقبلة الواحدة، وليس القتال وسفك الدماء.
ويضيف أن الحاج قاسم سليماني جسّد هذا النموذج عملياً عندما جمع بين المدرسة السنية في المقاومة والمدرسة الجعفرية للمقاومة، وتحدث عن العدو المشترك، مؤكداً ضرورة التصدي بحزم لكل من يزرع الفتنة بين المسلمين. ويرى اسماعيل السنداوي أن الأمة اليوم بحاجة إلى خطاب إعلامي يوحّد ولا يفرّق، مستشهداً بقوله تعالى: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.
وحول المخاطر الثقافية والفكرية التي تواجه الأمة اليوم، يشير القيادي في الجهاد الإسلامي إلى أن العالم يعيش في ظل ثورة معلوماتية جعلت الدول كقرية صغيرة، ما يفرض ضرورة تحصين المجتمعات، خصوصاً أن قيم الغرب تختلف عن قيم المنطقة.
ويتحدث عن انتشار الرذيلة والمخدرات والمثلية الجنسية، معتبراً أن الغرب بالنسبة للشباب الإسلامي كالنار للفراش، وكالسراب الذي يظنه الظمآن ماء. كما يشدد على أهمية تحصين الجبهة الداخلية، مستعرضاً ما قامت به الولايات المتحدة في التاريخ الحديث من غزو العراق، وسجن أبو غريب وغوانتانامو، وتدمير الصومال وليبيا واليمن، مؤكداً أن الدمار والخراب حلّا حيثما وضعت أمريكا قدمها.
ويتساءل عن نموذج دبي الذي يُضرب به مثلاً للازدهار، معتبراً أنه تحوّل إلى “سوبر ماركت” كبير في غرب آسيا ومكان للرذيلة ونوادي القمار، والعمل كسمسار وعرّاب في المشروع الصهيو أمريكي.
إقرأ أيضاً:
ويرى أن الحاج قاسم سليماني، من خلال تضحياته، أصبح ملهماً للشباب المسلم المقاوم وللأحرار في العالم. أما عن الرسالة التي يوجّهها الحاج قاسم إلى الأمة وشبابها اليوم، فيؤكد "السنداوي" أنها رسالة وحدة ومقاومة للأعداء، في ظل مواجهة عدو يسعى للسيطرة على الأمة، وإضعافها، وإعادة احتلالها، وتنصيب العملاء. ويعتبر أن المرحلة الحالية حرجة، وأن العدو يحاول زرع الفرقة، داعياً إلى عدم تقديم خدمة مجانية للأعداء.
ويضيف أن الشباب هم أبناء المستقبل وجيل البعث الذي يريد رفع راية الإسلام العظيم على بيت المقدس، مصداقاً لقوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾.
ويصف هذه المهمة بأنها الأمانة التي تركها الحاج قاسم والقيادة العظام السيد حسن نصر الله وإسماعيل هنية وفتحي الشقاقي، مؤكداً أن المستقبل لهذا الدين، رغم أن الطريق صعب ووعر ويحتاج إلى تضحيات في سبيل الله وجنة عرضها السماوات والأرض.
وفي ما يخص تحصين الشباب من الفتن المذهبية والإعلامية، يتحدث "السنداوي" عن محاولات الأعداء استدراج الشباب السني والشيعي إلى معارك وهمية، خصوصاً عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ويدعو الشباب إلى البحث عمّا يجمع ولا يفرّق، وترك الأمور الفقهية والعقائدية لأصحابها والمختصين، وعدم الخوض فيها دون علم.
ويستشهد بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ». كما يشير إلى أن العلماء يتحملون مسؤولية كبيرة في استمرار هذا الصراع، الذي تحدث عنه الشهيد فتحي الشقاقي في كتابه «السنة والشيعة ضجة مفتعلة».
ويؤكد أن مدرسة الحاج قاسم سليماني تجسدت في إسناد حزب الله في لبنان للمقاومة في غزة، وفي قتال الشباب السني والشيعي في جنوب لبنان في خندق واحد، حيث اختلطت دماؤهم الزكية. ويختم بالتشديد على ضرورة الحفاظ على هذه المدرسة الجهادية، والثقة بالله، مستشهداً بقوله تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
أجرت الحوار: الدكتورة معصومة فروزان