شاركوا هذا الخبر

حول آخر خريطة ونتائج انتخابات مجلس النواب العراقي

الإطار التنسيقي حجر الزاوية في تشكيل الحكومة المقبلة

أظهرت النتائج الأولية للانتخابات في العراق أن «الإطار التنسيقي للقوى الشيعية» تمكّن مرة أخرى من ترسيخ موقعه السياسي في بنية السلطة

الإطار التنسيقي حجر الزاوية في تشكيل الحكومة المقبلة

الكوثر_مقالات

ولا يعكس هذا الأمر مجرد تكرار لنتائج الانتخابات السابقة، بل يؤكد أيضاً تنامي مستوى التماسك الداخلي للقوى الشيعية مقابل تشتت القوى السنية واستقرار نسبي للأحزاب الكردية في إقليم كردستان.

فقد نجحت القوى الشيعية هذه الدورة في الحصول على أكثر من 180 مقعداً من أصل 329 مقعداً في مجلس النواب.

1.تثبيت موقع السوداني ومحور دولة القانون
إن تصدّر القوائم المرتبطة برئيس الوزراء محمد شياع السوداني وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، يشير إلى رضا شريحة واسعة من المجتمع الشيعي عن أداء هذين المكونين.

وقد أسهمت سياسات تهدئة الأجواء، وإدارة الأزمة الاقتصادية نسبياً، والمنهج المتوازن في السياسة الخارجية في تعزيز مكانة محور «الإعمار والتنمية» بقيادة السوداني—الذي كان طوال العقد الأخير من الشخصيات القريبة من دولة القانون—ليُطرح من جديد كخيار موثوق للحفاظ على استقرار البلاد لدى الناخبين.

اقرأ ايضا:


---
2. تعزيز التماسك الشيعي في مواجهة الضغوط
إن مقاطعة الانتخابات من قبل التيار التابع لمقتدى الصدر—خلافاً لما روّج له الخصوم—لم تُضعف من مشاركة الشارع الشيعي. بل على العكس، فقد ارتفعت نسبة المشاركة من 41٪ عام 2021 إلى 56٪ في الانتخابات الأخيرة، ولم يتراجع عدد مقاعد القوى الشيعية مقارنة بالدورة الماضية.
وهذا يعكس حالة من التماسك الوطني، والصلابة المجتمعية، والثقة الشعبية بالقوى السياسية الشيعية.

وحتى بعض القوى الشيعية الخاضعة لعقوبات أميركية تمكنت من الحفاظ على قاعدتها الانتخابية والفوز بمقاعد مهمة.

---
3. استقرار البنية السياسية في جغرافيا كردستان


شهد إقليم كردستان استمراراً في المشهد السياسي التقليدي دون تغييرات جوهرية.فلا يزال الحزب الديمقراطي الكردستاني يمثل القوة الأولى في أربيل ودهوك والموصل،في حين حافظ الاتحاد الوطني الكردستاني على نفوذه في السليمانية وكركوك وأجزاء من ديالى، كما هو الحال في السنوات السابقة.


إن غياب أي تحوّل في الخريطة التصويتية يؤشر إلى حالة من الجمود السياسي وغياب ديناميات جديدة في الإقليم.

---
4. تراجع القوى السنية وتعمق الانقسام الداخلي


أما في المناطق السنية، ولا سيما في ديالى والموصل، فقد جاءت النتائج دون مستوى التوقعات، ما يعكس ضعف البنية التقليدية للقيادة وتآكل الثقة داخل البيئة السنية. فقد أدت الخلافات الداخلية والصراعات السياسية وحتى عمليات اغتيال بعض المرشحين إلى تراجع نفوذ القوى السنية.


ولم يتمكن عدد من الشخصيات البارزة مثل:– محمود المشهداني (رئيس البرلمان الحالي)– سليم الجبوري (الرئيس الأسبق للبرلمان)من تحقيق الأصوات اللازمة للفوز.

---
5. صعود محور المقاومة
من أبرز التحولات في هذه الانتخابات الزيادة الكبيرة في مقاعد قوى «محور المقاومة»، التي نالت أكثر من 85 مقعداً. وهذا يعكس تصاعد حضور خطاب المقاومة والسيادة الوطنية والنزعة الاستقلالية داخل الوسط الشيعي.

---
6. التداعيات السياسية والبرلمانية


وبالنظر إلى مجموع مقاعد الإطار التنسيقي وبقية القوى الشيعية، يتضح أن الكتلة الشيعية تمتلك حالياً أكثرية مريحة تتجاوز 180 مقعداً.وهذه الأغلبية تخوّلها—في حال نجاحها في تعزيز التفاهم الداخلي—تشكيل الحكومة المقبلة دون الحاجة إلى تحالفات هشة مع بعض القوى السنية أو الكردية.


ورغم ذلك، فمن المتوقع أن تؤكد الحكومة المقبلة على نهج «الشراكة الوطنية» وتشكيل حكومة جامعة ومتوازنة للحفاظ على الشرعية الوطنية ومنع تجدد الانقسامات الطائفية والقومية، التي قد تشكل مدخلاً لتدخلات خارجية، ولا سيما من الولايات المتحدة.

---
الخلاصة
تكشف الانتخابات الأخيرة في العراق عن الآتي:– القوى الشيعية عززت موقعها السياسي بفضل التماسك والمقاومة الشعبية.– الأحزاب الكردية حافظت على مواقعها التقليدية دون تغييرات تذكر.– القوى السنية فقدت الكثير من نفوذها نتيجة الانقسامات الداخلية وارتهان بعضها لدعم خارجي من دول عربية وتركيا.
ورغم أن هذه النتائج تصبّ في مصلحة الإطار التنسيقي، فإنها تضع مسؤولية كبيرة على عاتق الحكومة المقبلة لضمان إدارة حوار وطني شامل يمنع تجدد التوترات الطائفية والقومية.

بقلم :جلال خالدي

أهم الأخبار

الأكثر مشاهدة