الكوثر_ايران
إن هذه الانتصارات المتتالية تتجاوز حدود المنافسات الرياضية، فما يجري في هذه الساحات هو انعكاسٌ لروحٍ جديدةٍ بدأت تأخذ مكانها وتتدفق في المجتمع الإيراني؛ روحٌ من الثقة بالنفس، والمثابرة، والأمل.
لا يقتصر تواجد فتياتنا اليوم في المجال الرياضي فحسب، بل يظهرن في مختلف الميادين الاجتماعية والثقافية عودة الثقة بالنفس. فبكل ميدالية، وبكل خطوةٍ على منصة التتويج، يُذكّرننا بأن الموهبة والإرادة لا تعرفان حدودا، ولا ينبغي إهمال او تجاهل أي طاقة كامنة في هذا الوطن.
اقرأ أيضا:
الرياضة مرآة المجتمع، وتألق الفتيات الإيرانيات في المحافل الدولية هو في الحقيقة صورةٌ عن التحوّل الداخلي الذي تشهده إيران؛ صورة لجيلٍ يسعى جاهدا لتقديم أفضل ما لديه بثقة وهدوء في بيئةٍ تنافسية.
هذه بالضبط هي نفس الروح التي تعتمد عليها الحكومة ايضا في سياساتها العامة: تعزيز الأمل، وإشاعة روح المشاركة، وزيادة الحيوية والنشاط الاجتماعي بين الناس.
إن انتصارات الفتيات الإيرانيات في السنوات الأخيرة هي ثمرة طريقٍ تدريجيٍ لكنه مستمر؛ طريقٌ بُني بجهود الرياضيات الدؤوبة أنفسهن، ومن عائلات داعمة، ومدرّبين مخلصين، ومسؤولين يؤمنون بقدرات المرأة.
ففي كل مرةٍ تصل فيها إحداهن الى منصة التتويج، هناك خلف تلك اللحظة المشرقة سنواتٌ من التدريب، والقيود، والصبر. في الحقيقة، كل ميداليةٍ لا تحمل قيمة رياضية فحسب، بل تحمل قيمة ثقافية وإنسانية عميقة أيضا.
كما أن هذه الإنجازات تُعد رأسمالا اجتماعيا للبلاد. ففي ظل تراجع رأس المال الاجتماعي، يمكن لمثل هذه الإنجازات أن تجمع الشعب حول شعور مشترك من الفرح والفخر. فعندما يشاهد ملايين الأشخاص من مختلف أنحاء البلاد، بدموع الفرح أو ابتسامة الاعتزاز، تألّق فتاةٍ إيرانية، فإن شعور الانتماء والتضامن يعود من جديد الى قلوبهم.
من جهةٍ أخرى، فإن انتصارات الفتيات أخيرا شكّلت قدوة جديدة للناشئات وللأجيال القادمة. فاليوم، في المدارس، وفي الملاعب المحلية، وفي المنازل والأندية الصغيرة، هناك فتياتٌ يستمدّن الحافز من نجاحات أترابهن ليبدأن طريقهن الخاص.
هذا يعني أن كل إنجازٍ رياضي هو حلقة في سلسلة أوسع من التقدم الاجتماعي؛ وهي سلسلة تكمن جذورها في الإيمان بقدرات الشعب الإيراني.
فالمجتمع الذي يمنح فتياته الفرصة، إنما هو في الواقع يبني مستقبلا أكثر قوة وتمكينا. وبالتالي ،حضور الفتيات في الرياضة ليس فقط تجسيدا للعدالة والمساواة بين الجنسين، بل هو أيضا رمز للعقلانية في صنع السياسات الاجتماعية؛ لأن الرياضة لغة عالمية تستطيع من خلالها البلدان أن تعرض للعالم صورة واضحة عن ثقافتها، وأخلاقياتها، وقدراتها البشرية. وقد استطاعت الفتيات الإيرانيات، بأدبِهن، ووقارِهن، وقوّتهن، ان يقدّمن هذه الصورة بأبهى حلّتها.
وفي هذا السياق، لا ينبغي اغفال دور وسائل الإعلام، والعائلات، والمدرّبين. فوسائل الإعلام التي تنقل قصص النجاح بصراحةٍ ودون مبالغة، والآباء الذين يشجّعون أبناءهم ويثقون بهم، والمدرّبون الذين يكتشفون المواهب ويصقلونها بحب وعلم وصبر، هم جميعا شركاء في هذا الافتخار الوطني. والمجتمع الذي يشهد هذا التكامل والتآزر، إنما يخطو خطوات حقيقية نحو تنمية شاملة لا تقتصر على البُعد الاقتصادي، بل تمتد لتشمل الجوانب الثقافية والإنسانية أيضا.
وهنا يمكن القول ان الفتيات الرياضيات الإيرانيات اليوم يمثلن جيلا يريد أن يُسمَع صوته، لا عبر الصراخ أو المطالب والشعارات بل من خلال الجهد، والانضباط، والنتائج الملموسة. لقد أثبتن أنه يمكن، بلغة المنافسة، بدء حوار جديد بين إيران والعالم؛ حوار مبنيٍ على الاحترام والاستحقاق.
كما أن الحكومة تنظر الى هذه الجهود ليس فقط كإنجاز رياضي، بل باعتبارها مؤشرا على حيوية المجتمع. فعندما يتألّقَن الإيرانيات في الساحات العالمية، فإنهن يتحدثن في الحقيقة عن ثقافة تجعل من "الهوية الإيرانية" مرادفا للمثابرة، والأخلاق، والأمل.
في هذه الأيام التي نسمع فيها أخبار انتصارات الفتيات الإيرانيات في مختلف الرياضات، يجب أن ننظر أبعد من الميداليات. علينا أن ندرك أنهنّ يُعيدن كتابة صورة المرأة الإيرانية؛ صورة إنسانة تحافظ على وقارها وهويتها الوطنية، وفي الوقت نفسه تمتلك القدرة على التنافس عالميا. إنهنّ رائدات جيلٍ لا يريد العودة الى الماضي، بل يسعى لدفع إيران قدما في طريق التقدم.
في الختام، الكلمة لأولئك البطلات أنفسهن: أنتن لم تنتصرن في ساحة الرياضة فحسب، بل انتصرتن أيضا في ساحة الثقافة، والأمل، والتضامن. ابتسامتكن، خطواتكن، ودموع فرحكن، هي ثروات خالدة لوطنكن وشعبكن. نفتخر بكنّ؛ لأنكنّ في زمن عصيب للسرديات، كتبتنّ أجمل قصة: قصة نساء وفتيات ارتقين بالإيمان والجهد، ورغم الصعوبات والتحديات، برزنَ وتألّقن. فليزداد انتصاركن يوما بعد يوم.
المتحدثة باسم الحكومة
المصدر: صحيفة إيران، 1 تشرين الثاني/نوفمبر2025