شاركوا هذا الخبر

من هي خنساء فلسطين؟ | راديو غزة

الافتتاح «محمد.. نضال.. مؤمن.. وسام.. رواد... ارضكم مدنسة وانتم تنظرون، اريدكم منتصرين او على الاعناق محمولين.» بهذه الكلمات التي تفيض بالعزم، وتختزل وجع الامهات المكلومات، كتبت ام نضال فرحات سطورا لا تمحى من ذاكرة فلسطين، وارتقت بمفهوم الامومة من الحنان الى البطولة، ومن الدمع الى الدم.

من هي خنساء فلسطين؟ | راديو غزة

الكوثر - راديو غزة

من هي خنساء فلسطين؟

ولدت مريم محمد يوسف محيسن فرحات، المعروفة بام نضال، في حي الشجاعية بمدينة غزة، يوم 24 ديسمبر عام 1949. نشأت في بيت بسيط يعج بالاطفال، في عائلة تمسكت بالفقر كما تمسكت بالقيم.

تزوجت مبكرا، لكن الحبر لم يجف في كراساتها؛ واصلت تعليمها، وكانت تراجع دروسها وهي تحمل في احشائها جنينا، لتنجز امتحانات الثانوية بنجاح، باصرار نادر، ونية صادقة.


البيت الحصن.. وعرين المقاومين

لم يكن بيت ام نضال مأوى للعائلة فقط، بل تحول الى ملاذ للمجاهدين، ومقر لخطط التحرير، ومن بينهم الشهيد القائد عماد عقل، الذي سكن في بيتها، واستشهد فيه، وهو يقاتل وجها لوجه ضد الاحتلال. لم يكن بيتها مؤجرا لفلسطين، بل موقوفا لها، كما كانت تقول دائما: «هذا البيت لا يغلق في وجه مقاوم، ولا يسلم الا الى الله.»


الدم الذي انبت البطولة ثلاثة من ابنائها صعدوا شهداء الى السماء، فصعدت ام نضال معهم، لا بالبكاء، بل بالفخر والحمد لله. محمد فرحات، ابن السابعة عشرة، اقتحم موقعا عسكريا صهيونيا عام 2002، ونفذ عمليته بشجاعة قل نظيرها. نضال فرحات، المهندس القسامي، صانع صواريخ القسام، ومصمم طائرة ابابيل 1، استشهد في قصف غادر عام 2003.

رواد فرحات، صعد شهيدا عام 2005، في قصف جوي استهدفه مباشرة. وحين سئلت: «اما ندمت على ارسالهم؟»، اجابت بصوت لا يرتجف: «من احب الله ووطنه، لا يتردد ان يقدم اغلى ما يملك.»

 

إقرأ أيضاً:

من البيت الى البرلمان

لم تكن ام نضال امرأة تنتظر الشهادة في بيتها. كانت تتحرك، تخطب، تشارك، تحاور، تقاوم بالكلمة كما قاومت بالدم. في انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، فازت كممثلة عن حركة حماس، وكانت اول ام لثلاثة شهداء تدخل البرلمان الفلسطيني، وتجلس فيه لا كصورة رمزية، بل كصوت ناطق بالحق والوجع. ترأست جمعيات خيرية، وزارت دولا عربية واسلامية، تجمع الدعم لغزة، وتحمل وجعها في قلبها قبل حقيبتها.
قصف.. فصبر.. فاعمار بالكرامةتعرض منزلها للقصف مرارا، لكنها كانت تبتسم رغم الركام. وحين طلب منها ترميم بيتها اولا، اشترطت: «ابدؤوا ببيوت الجيران، فبيتي من صبر، لا ينهار.»


الرحيل الجسدي.. والخلود في الارض والذاكرة

في 17 مارس 2013، وبعد صراع طويل مع المرض، انطفأ الجسد، ولكن بقي النور. رحلت ام نضال في مستشفى الشفاء بغزة، ولكن اسمها ما زال يملأ المآذن، والازقة، وقلوب الاحرار. سميت مدارس باسمها، وكتب عنها، وانشد لها، وصارت صورة تتوسدها الامهات في ليالي الفقد، وتعلقها البنات في دفاتر الطموح.


ام نضال لم تكن مجرد ام لثلاثة شهداء، بل كانت اما لفلسطين كلها. هي التي حولت الامومة الى مقاومة، والدمعة الى راية، والبيت الى ثكنة، والبرلمان الى منبر ينطق فيه بالحق. هي خنساء هذا العصر، لا ترثي ابناءها بالبكاء، بل ترثي امة اذا تخلت عن دربهم.

 

أهم الأخبار

الأكثر مشاهدة