الكوثر - حكاية قدس
الحصار لا يقتصر على منع دخول السلع والمواد الأساسية فحسب، بل يشمل أيضًا قيودًا صارمة على حركة الأشخاص، مما يعزل غزة عن العالم الخارجي ويزيد من عزلتها ويكبل فرص التنمية.
في ظل هذا الواقع، أصبح القطاع يعتمد بشكل كبير على المساعدات الدولية التي لا تكاد تلبي سوى جزء بسيط من الاحتياجات الأساسية للسكان. ومع تراجع التمويل الدولي، تتزايد المخاوف من حدوث كارثة إنسانية شاملة، خاصة في ظل النزاعات المتكررة التي تدمّر البنية التحتية وتزيد من أعباء إعادة الإعمار.
تدني مستوى الخدمات الصحية في غزة بات يشكل تهديدًا مباشرًا على حياة المدنيين، لا سيما مع انتشار الأمراض المزمنة والحالات الطارئة التي تتطلب تدخلات عاجلة. نقص الأدوية الأساسية وأجهزة الطوارئ، بالإضافة إلى الحصار المفروض على دخول المعدات الطبية الحديثة، يجعل المستشفيات غير قادرة على تقديم خدمات طبية متكاملة، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفاة والمرض.
إقرأ أيضاً:
إلى جانب الأزمات الاقتصادية والصحية، يعاني المجتمع الغزي من تداعيات نفسية عميقة. فقد أجرت منظمات إنسانية عدة دراسات توضح أن نسبة كبيرة من الأطفال في القطاع يعانون من اضطرابات نفسية حادة، مثل القلق، والاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة، نتيجة التعرض المستمر للعنف والدمار، وغياب الأمن والاستقرار. هذه الأزمات النفسية تؤثر بدورها على التعليم والنمو الاجتماعي للأجيال القادمة، مما يهدد مستقبل المجتمع بأكمله.
على المستوى السياسي، يُنظر إلى الحصار كأداة ضغط تستخدمها سلطات الاحتلال لتحقيق أهداف استراتيجية، لكنها في الواقع تزيد من تعقيد المشهد السياسي، وتعزز من الانقسامات الداخلية وتغذي التوترات الإقليمية. المجتمع الدولي مطالب اليوم بأخذ دور أكثر فاعلية في رفع المعاناة، وذلك عبر الضغط على الاحتلال لرفع الحصار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل، والعمل على حل سياسي شامل يعيد الحقوق ويضمن الأمن والاستقرار.
إن استمرار هذه السياسات يفاقم من الأزمة الإنسانية ويُضعف فرص السلام، ويحول حياة الملايين إلى معاناة يومية لا تنتهي. وفي ظل هذه الظروف، تبقى غزة رمزًا للصمود والكفاح، لكنها تحتاج إلى دعم عالمي عاجل لإنقاذ أهلها وتمكينهم من استعادة حياتهم وكرامتهم.