المباهلة وما ظهر فيها من الدلائل والمعجزات {4}

الأربعاء 4 أغسطس 2021 - 16:56 بتوقيت مكة
المباهلة وما ظهر فيها من الدلائل والمعجزات {4}

مناسبات - الكوثر: فإن قلت: ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلا ليتبين الكاذب منه ومن خصمه

 وذلك أمر يختص به وبمن يكاذبه، فما معنى ضم الأبناء والنساء؟ قلت: ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله، واستيقانه بصدقه، حيث استجرأ على تعريض أعزته، وأفلاذ كبده، وأحب الناس إليه لذلك، ولم يقتصر على تعريض نفسه له، وعلى ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع أحبته وأعزته هلاك الاستيصال إن تمت المباهلة، وخص الأبناء والنساء لأنهم أعز الأهل وألصقهم بالقلوب، وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل، ومن ثم كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب، ويسمون الذادة عنها بأرواحهم حماة الحقائق، وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم، وقرب منزلتهم وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس، مفدون بها، وفيه دليل لا شئ أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم السلام، وفيه برهان واضح على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وآله، لأنه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف أنهم أجابوا إلى ذلك انتهى (١).

وروى إمامهم الرازي في تفسيره الروايتين في المباهلة والكساء مثل ما رواه الزمخشري إلى قوله " ويطهركم تطهيرا " ثم قال: واعلم أن هذه الرواية كأنها متفق (٢) على صحتها بين أهل التفسير والحديث ثم قال: هذه الآية دلت على أن الحسن والحسين عليهما السلام كانا ابني رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال كان في الري رجل يقال له: محمود بن الحسن الخصيمي (٣)، وكان متكلم الاثني عشرية، وكان يزعم أن عليا عليه السلام أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه وآله، قال: والذي يدل عليه قوله تعالى: " وأنفسنا وأنفسكم " وليس المراد بقوله: " وأنفسنا " نفس محمد صلى الله عليه وآله لان الانسان لا يدعو نفسه، بل المراد به غيره، وأجمعوا على أن ذلك الغير كان علي بن أبي طالب عليه السلام فدلت الآية على أن نفس علي هي نفس محمد، ولا يمكن أن يكون المراد أن هذه النفس هي عين تلك النفس، فالمراد أن هذه النفس مثل تلك النفس، وذلك.

يقتضي الاستواء في جميع الوجوه، ترك العمل بهذا العموم في حق النبوة، وفي حق الفضل، لقيام الدلائل على أن محمدا صلى الله عليه وآله كان نبيا، وما كان علي كذلك ولانعقاد الاجماع على أن محمدا صلى الله عليه وآله كان أفضل من علي فيبقى فيما سواه معمولا به، ثم الاجماع دل على أن محمدا صلى الله عليه وآله كان أفضل من سائر الأنبياء (١)، فهذا وجه الاستدلال بظاهر هذه الآية، ثم قال، وتأكد الاستدلال بهذه الآية بالحديث المقبول عند الموافق والمخالف وهو قوله: عليه السلام: " من أراد أن يرى آدم في علمه، ونوحا في طاعته وإبراهيم في خلته، وموسى في قربته، وعيسى في صفوته فلينظر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام " فالحديث دل على أنه اجتمع فيه ما كان متفرقا فيهم، وذلك يدل على أن عليا أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه وآله، وأما سائر الشيعة فقد كانوا قديما وحديثا يستدلون بهذه الآية على أن عليا عليه السلام أفضل من سائر الصحابة، و ذلك لان الآية لما دلت على أن نفس علي مثل نفس محمد صلى الله عليه وآله إلا فيما خصه الدليل وكان نفس محمد صلى الله عليه وآله أفضل من الصحابة فوجب أن يكون نفس علي أفضل من سائر صحابته.  انتهى (٤).

بحار الانوار ج21/ص 281الى 283

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأربعاء 4 أغسطس 2021 - 16:51 بتوقيت مكة