فضل سورة مريم في سطور..

الأربعاء 25 ديسمبر 2019 - 09:50 بتوقيت مكة
فضل سورة مريم في سطور..

القرآن الكريم - الكوثر:

تعدُّ سورة مريم من السور المكيّة، أي السور التي نزلتْ على النَّبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- في مكة المكرمة في أغلب آياتِها، وتُستثنى منها الآيتان 58 و 71 فهما آيتان مدنيّتان، وقد نزلتْ بعد سورة فاطر، وهي من السور المثاني، ويبلغ عدد آياتِها 98 آية، وترتيبُها التاسعة عشرَ، حيث تقع في الجزء السادس عشر والحزب الواحد والثلاثون من ترتيب المصحف الشريف، وسُمِّيت بهذا الاسم؛ لأنّها عرضتْ معجزة مريم العذراء وميلاد سيدنا عيسى -عليه السلام-، وهذه المقال سيتحدث عن فضل سورة مريم ومضامين هذه السورة العظيمة.

مضامين سورة مريم

إنَّ مضامين هذه السورة العظيمة قريبة من مضامين السور المكية بشكلٍ عامّ، والتي تتناول موضوع وحدانية الخالق وتتناول مواضيع البعث والحساب والجزاء وغير ذلك، وسورة مريم سورة مكية في أغلب سورها كما وردَ سابقًا، لذلك فإنَّ آياتِ هذه السورة دارتْ حول عرض الدلائل التي تثبت وحدانية الخالق -سبحانه وتعالى-، وقد أكّدت في كثير من آياتِها على فكرة تنزيه الله تعالى عن اتخاذ الولد، فالله -جلَّ وعلا- لم يلدْ ولم يولدْ، بيد أنّ السورة اشتملتْ على عدّة قصص من قصص الأنبياء التي ضربها الله تعالى عبرةً للناس في كثير من سور القرآن الكريم، ولعلّ أبرز القصص التي وردتْ في سورة مريم هي: قصة سيدنا زكريا -عليه السلام- التي أظهرتْ عظمة الله تعالى وقدرتَهُ على فعل أي شيء، فإنّما أمرُ الله بين الكاف والنون، إذا أراد شيئًا يقول له كنْ فيكون، فقد عرضت السورة قصة ولادة امرأة سيدنا زكريا وهي في سنٍّ متأخرة من العمر، فحملتْ وولدتْ بأمر الله لأنّه القادر على كلِّ شيء، قال تعالى: "يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا * قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا" . عرضتْ سورة مريم قصة مريم العذراء وابنها عيسى -عليهما السلام- وبرهنتْ في هذه القصة على قدرة الله في الخلق، حيث خلقَ الله سبحانه عيسى -عليه السّلام- من غير أب، وجعلهُ يتكلم وهو في مهدِهِ معجزة من الله تعالى، ليثبتَ للناس طهارة أمِّهِ وينفي عنها الشبهات كرامة من الله تعالى وتعظيمًا وبرهانًا للناس أجمعين على مقدرة الله تعالى وعظمتِهِ -جلَّ وعلا-. وتناولتْ آيات هذه السورة -أيضًا- قصة سيدنا إبراهيم -عليه السلام- مع قومِهِ ومع أبيه، فعرضتْ بعضًا من جوانب قصتِهِ عليه السَّلام.

 فضل سورة مريم

إنَّ فضل سورة مريم من فضل سائر القرآن الكريم، فكلُّ كتاب الله خير، وتلاوته خير، والتزام أوامرِهِ خير، واجتناب نواهيه خير، وسورة مريم جزء لا يتجزأ من كتاب الله؛ لهذا كان فضل سورة مريم من فضل سائر القرآن الكريم، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه السورة تحديدًا تختص عن غيرها من سور القرآن الكريم ببعض الفضل، وقد جاء في فضلها فيما رواه الإمام أحمد من حديث أم سلمة -رضي الله عنها- في قصة هجرتهم إلى الحبشة، وفيه: أنه دعا أساقفته، فنشروا مصاحفهم حوله، وقالوا لجعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه-: هل معك مما جاء به -يعني النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلم- منْ شيء؟، قال جعفر: نعم، فقال له النجاشي: فاقْرَأْهُ عليَّ، فقرأ عليه صدرًا من كهيعص، قالت: فبكى -والله- النجاشي، حتى أخضلَّتْ لحيتُهُ، وبكتْ أساقِفَتُهُ، حتَّى أخضلوا مصاحفهم، حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي: والله إن هذا والذي جاء به موسى -عليه السَّلام- ليخرج من مشكاة واحدة"، والله تعالى أعلم.

تفسير آية ولم أكن بدعائك ربي شقيّا

إنّ مريم العذراء هي والدة سيدنا عيسى -عليه السّلام- والتي حملتْ به دون أب في معجزة من عند الله -سبحانه وتعالى-، القادر على كلِّ شيء، وهي ابنة عمران التي نذَرَتْها أمُّها لله تعالى فأنبتها نباتًا حسنًا وكفّلها زكريا، وهذا ببركة دعاء أمها لها عندما أعاذتها وذريتها بالله من الشيطان الرجيم، وهي من النساء الصالحات، الممتلئات بصفات أهل الإيمان والصلاح والهداية، وهي بريئة ممّا ابتدع النصارى حيث ألهوها وعبدوها من دون الله -والعياذ بالله- براءةً من الله تعالى ستُعرض يوم العرض بإذن الله سبحانه. . وأمّا فيما يتعلّق بتفسير قولِهِ تعالى: "قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا" ، فإنَّ هذه الآية الكريمة قيلتْ على لسان زكريا -عليه السّلام- حيث قال: "ياربِّ إنّي ضعيف فقد رقَّ عظمي وضَعُفَ بعدما تقدّمتْ بي السنّ، وانتشر الشيب في شعر رأسي واشتعلتْ مفارقي ببياض الشيب، ولم أكنْ يارب شقيًّا بدعائك؛ أي لم أُصَبْ بشقوة وحرمان مما أريد، فقد أجبتَ دعوتي من قبل"، فكانَ اللفظ بنفي الشقاوة رغبةً بالعكس والضِّدِّ وهو الفرح والسُّرور والسَّعادة بطريقة الكناية وابتعادًا عن صيغة الطلب المباشر، وأمّا فيما يخص سبب نزول هذه الآية فلم يردْ -مثل كثير من الآيات القرآنية- في السنة النبوية ما يدلُّ على سبب نزولها بشكل خاص، وفضل هذه السورة كسائر فضل سورة القرآن الكريم، فكتاب الله خير، ويكفي أنْ يكونَ من عند الله -سبحانه وتعالى- ليكون خيرًا وفضلًا خالصًا من الله العزيز الحكيم.



 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأربعاء 25 ديسمبر 2019 - 09:49 بتوقيت مكة