الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في أميركا

الأربعاء 26 يونيو 2019 - 10:29 بتوقيت مكة
الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في أميركا

مقابلات قبيل انتهاء عام 1998م كان العالم يحتفل بالذكرى الخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، عندما أعلنت منظمة العفو الدولية حرباً ضروساً على أعظم دولة في العالم.. في حملة شاملة شنتها أشهر منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان على الولايات المتحدة الأمريكية، تفجؤك لأول ولهة اتهامات كثيرة منها موثق بالأدلة والشهادات، لا تسمع بها عادة إلا في سياق الحديث عن تلك الدول المغضوب عليها، من وجهة النظر الأمريكية.

 

 
 

يسري فودة: 
قناة الجزيرة تفتح ملفات عدد من هؤلاء الذي مست حقوقهم سياسات أو ممارسات أمريكية، وتطرح التساؤل.. لماذا إذا كان نصف ما جاء في تقرير منظمة العفو الدولية صحيحاً لا تقوم الدنيا ولا تقعد؟ وكيف إذا كان ربع ما جاء في التقرير صحيحاً، يمكن لنا بأي حال من الأحوال أن نلوم أي ضابط في أي مخفر للشرطة في أي بلد عربي؟

أهلا بكم إلى حقوق ضاعت وأخرى تضيع.. هذا الموضوع من هذا البرنامج، ليس تماماً (سري للغاية).. كثير منا يعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية، حين يتعلق الأمر بحقوق الإنسان، ليس تماماً فوق مستوى الشبهات، ولكن قليلاً منا في الواقع تتاح له فرصة الوقوف على الحقيقة في زحام التفاصيل..

في هذه الحلقة نفتح نافذة على تقرير يتعرض لما يصفه بانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، في بلد يقال على إنه بني على الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان..

(الحقوق للجميع) عنوان التقرير، الذي يقع في أكثر من مائتي صفحة، ضمن حملة أشمل، تشنها منظمة العفو الدولية في لندن.. السؤال الأول الذي يطرح نفسه، كيف تجرؤ Amnesty على مناطحة كبرى دول العالم؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات؟

كمال السمارى (منظمة العفو الدولية):

بخصوص الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أن هناك انتهاكات خطيرة ترتكب في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الدور الهام اللي تلعبه الولايات المتحدة على الساحة العالمية أردنا بمناسبة مرور الخمسينية لإعلان حقوق الإنسان.. أن نوجه رسالتين، أولاً: أن هذه الدولة العظمى مثلها مثل الدول الأخرى ليست بمنأى عن التمحيص، وعن فحص سجلها لانتهاكات حقوق الإنسان، هذا أولاً.

ثانياً: وأننا نحن نحتفل بالذكرى الخمسين لإعلان حقوق الإنسان، التي ساهمت الولايات المتحدة في وضعه، نرى أنها ليس فقط تنتهك هذه المواثيق، بل تنتهج انتقائية في التعامل، وبالتالي فهي تعطي المثل السيئ لدول أخرى. على هذا الأساس أردنا أن نسلط هذا الضوء ومعك الحق.. توقيتنا في هذه الحملة هو توقيت مقصود.

بيل شولتز (منظمة العفو-الولايات المتحدة):

يود الأمريكيون أن يعتقدوا أن بلدهم لا يعرف أي انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، لكنها بالفعل موجودة.. وحشية الشرطة.. الأوضاع متردية في السجون.. معاملة ملتمسي اللجوء.. عقوبة الإعدام كلها قضايا بالغة الأهمية.

مارك شيندلر (متخصص في الشؤون القانونية):

إن الطفل الذي يوضع في إصلاحية للكبار يتعرض إلى عدد لا يصدق من أخطار الاعتداءات البدنية، والتحرشات الجنسية.

شاري توماس (سجينة سابقة):

لقد حدث في العام الماضي أن ظلت امرأة تنزف حتى الموت، وقد أخبرت الحارسة بذلك، لكنها أمرتها بأن تعود إلى غرفتها، وظلت دماؤها تنزف بالفعل، حتى فاضت روحها.

فان جونز (منظمة مراقبة الشرطة):

تمكن الحكومة الفيدرالية الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين محلياً من مخالفة الدستور الأمريكي كل يوم بتقاعسها عن التصدي لهم.

ماريا هاينز (الائتلاف من أجل إلغاء عقوبة الإعدام):

إن القتل خطأ، سواء كان على يد فرد يزهق روح آخر، أم على يد دولة تعدم مواطنيها، فما من فارق بين الأمرين، فعندي يظل الأمر قتلاً، ويظل القتل خطأ.

يسرى فودة:

ليس هذا إلا قليلا من كثير مما ترصده منظمة العفو الدولية من انتهاكات داخل الولايات المتحدة.

كمال السماري:

هناك سوء معاملة الشرطة للمشتبه فيهم، هناك سوء معاملة الحراس للسجناء، هناك آليات تعذيب حديثة تستخدم في السجون ولدى الشرطة الأمريكية غريبة الشأن، يعني أسلاك كهربائية تحدث.. تسبب صدمات كهربائية.. أسهم كهربائية.. أحزمة يعني كهربائية تصعق بِذرٍّ عن بُعد ويغمى على السجين أو على المشتبه فيه، هذا على صعيد سوء المعاملات داخل الولايات المتحدة.

وضعية اللاجئين السياسيين الذين يحتجزون وكأنهم مجرمين، إعدام الأحداث، وهو أمر يتنافى مع القانون الدولي، هذا على الصعيد المحلي.

بيير سانيه (الأمين العام لمنظمة العفو الدولية):

إننا نريد أن ننشر الوعي بوجود نمط من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، وندعو حكومة الولايات المتحدة إلى أن تفي بالتزاماتها الدولية.

 
 

يسري فودة:

في العشرين سنة الأخيرة، تضاعف عدد السجناء في أمريكا ثلاثة مرات، ستون بالمائة منهم أقليات عرقية.

بير سانيه:

لقد أوضحت بحوث منظمة العفو الدولية في السنوات الأخيرة أن نزلاء السجون يتعرضون في أحوال كثيرة لانتهاكات بالغة الخطورة لحقوق الإنسان.

كوري فينشتاين (سجون كاليفورنيا تحت الأضواء):

هنا سوف تنشب بعد قليل معركة في فناء هذا السجن.

يسري فودة:

في هذا السجن في ولاية كاليفورنيا يثير الحراس مشاحنات بين العصابات المتنافسة.

كوري فينشتاين (سجون كاليفورنيا تحت الأضواء):

بعض النزلاء يبتعدون عن مسرح العراك، لأنهم يدركون أن المدافع عيار 37 مليمتر سوف تمطر الفناء بالرصاص، بينما يندفع أربعة من النزلاء إلى أرض المعركة، غير عابئين بتهديد المدافع الرشاشة.

يسري فودة:

أطلق الحراس عندئذ نيرانهم، فقتلوا بعضاً منهم، استخدمت -أيضاً- أسلحة الصعق الكهربائي، وكراس قيد إليها السجناء ومن بينهم أحداث.

طوني كولمان (أحد النشطاء فى خدمة المجتمع):

ستجد نفسك في إصلاحية سان فرانسيسكو وحيداً، في زنزانة منعزلة، غرفة بلا قضبان، ولكنْ هناك باب موصد، ومن ثم فأنت معزول بالفعل في غرفة مغلقة كصوان الملابس، وبرفقتك مرتبة للنوم فقط، إنه أمر بالغ الصعوبة.. صبي في الرابعة عشرة محبوس في غرفة.. فكرت في الانتحار، فقط للرغبة في الهروب مما أنا فيه من الألم.

ليزلي أكوكا (معهد شؤون المرأة):

عندما تحرم الدولة طفلاً، أو رجلاً، أو امرأة من الحرية، فإنها تبعاً لذلك تتحمل عدة مسؤوليات، فلا يجب أن تترك المواطن الذي تحرمه من حريته، لكي يصبح عرضة للاعتداء أو العزلة، أو التحرش الجنسي.

مارك شيندلر:

إنهم يقولون إن هذا هو جناح زنازين الأحداث في (أميلتون) بولاية (أوهايو) حيث وضعت فتاتنا البالغة من العمر خمسة عشر عاماً، بعد أن فرت من منزلها، لقد اغتصبها مساعد السجان في ليلتها الرابعة في هذا السجن.

طوني كولمان:

إن السبب الذي جعل المشروع يفصل قضاء الأحداث عن قضاء الكبار هو إحساس أنه من الممكن إصلاح الصغار، فإذا وفرت لهم البيئة المناسبة، والهيكل الصحيح أو التعليم، فلعل مسار حياتهم يتغير تماماً.

مارك شيندلر:

إن البرامج التربوية، وبرامج النشاط غير الدراسي، تتلاشى كلما توغلنا في البيئات الفقيرة عبر هذا البلد، لقد اخترنا عدم اللجوء إلى الطرق التي سوف تنجح في إصلاح الأطفال المنحرفين، وقصرنا أنفسنا على منظور تطبيق القانون..

طوني كولمان:

إن الأمر أشبه بما لو كنت قد يئست من هؤلاء الأطفال، وتقول للمجتمع ما من هناك أمل في إصلاح شأنهم.

بريندا سميث:

إن النساء نزيلات السجون، هي إحدى قضايا حقوق الإنسان، التي بدأت تطالعنا في الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة، فمنذ عام 80 تضاعف عدد السجينات بنحو أربع مرات.

شاري توماس (سجينة سابقة):

اسمي شاري توماس، وفي ذلك الوقت عندما كنت أعيش مع والدتي في واشنطن.. بدأ صديقها الذي كان مقيماً معنا في التحرش بي جنسيّاً، واستمر الأمر سبع سنوات، وأخيراً قلت له: إنني لا أستطيع أن أعرف لماذا حدث لي هذا؟ فكان رده علىَّ بضحكة هازئة.. تصوروا!!

وقال لي: إنني مجنونة، لقد استمتعتِ بذلك، ولو لم تستمتعي به لفعلت شيئاً لوقفه، ولم أجد بُدّاً من أن أطلق عليه النار، وفي اليوم التالي سلمت نفسي للشرطة، التي وجهت إلى تهمة القتل من الدرجة الأولى.

بريندا سميث (المركز النسائي الوطني للشؤون القانونية):

إن 80% من النساء المسجونات حالياً تعرضن إما لاعتداءات بدنية أو جنسية قبل سن الثامنة عشرة..

شاري توماس:

لقد كان السجن الذي وضعت فيه إصلاحية للنساء وكانت قد أعدت في الأصل لإيواء نحو 300 امرأة، وعندما غادرتها العام الماضي كان بها أكثر من 800 امرأة، وكان في نبري 83 امرأة، ولم يكن بها سوى مرحاض واحد.

ليزلي أكوكا:

يمكن أن نرى في الدراسة التي أجريت على السجينات وأطفالهن قضية من قضايا حقوق الإنسان، وعلينا أن نبحث جوانب القصور في هذه المؤسسات، وفي نظام العدالة الجنائية بأكمله، باعتبارها انتهاكات لتلك الحقوق.

شاري توماس:

 
 

كان في السجن بعض الحارسات التي كن يهددن السجينات أو يرغمهن على ممارسة الجنس معهن، أو يقدمن لهن بعض الخدمات مقابل القيام بأعمال جنسية..

بريندا سميث:

عندما أتحدث عن مشكلة سوء السلوك الجنسي، فلست أعني بذلك مقايضة الجنس بالخدمات، لكنني أتحدث عن سلوك يتجاوز حد المقايضة، أو ما قد يراه البعض بأنه ممارة جنسية عن طريق التراضي، أنا أري الأمر -أيضاً- قد يصل إلى ما نسميه اغتصاباً.

شاري توماس:

الرعاية الطبية في هذا السجن، كل ما يمكنني قوله أنه رغم وجود 800 امرأة به، إلا أنه لم يكن به أخصائي واحد لأمراض النساء.

ليزلي أكوكا:

قامت إدارة المؤسسات الإصلاحية في كاليفورنيا، بفحص نزيلات تلك المؤسسات، في عام 94، على ما أعتقد لمعرفة عدد المصابات منهن بالالتهاب الكبدي، واتضح أن حوالي 54% ممن تم فحصهن مصابات بفيروس الالتهاب الكبدي، وهو يعني حكماً بالإعدام للكثيرين..

شاري توماس:

كان هناك الكثير من النساء التي لم يستطعن الحصول بانتظام على مراهم للصدر، ولم يحلن إلى طبيب إلى أن تدهورت حالتهن، ولم يعد هناك مناص من استئصال الثدي..

بريندا سميث:

أصبحت السجون الأمريكية مستودعاً للتخلص من جميع القضايا الأخرى التي لا نريد معالجتها..

شاري توماس:

لم يعد بوسعي أن أزاول حياتي دون أن أتحدث، أو أتذكر النساء القابعات وراء القضبان، وهذا هو السبب الذي دفعني للحديث بصراحة.

يسري فودة:

هنا يتحدد مصير اللاجئين إلى الولايات المتحدة.. في عام 1997م لم يحصل على حق اللجوء السياسي سوى أحد عشرة بالمائة ممن التمس هذا الحق، من يصل إلى هذه القاعة أصلاً، هو المحظوظ.

نيك رايزا (برنامج شؤون اللاجئين):

إن ملتمسي اللجوء الذين يفدون إلى الولايات المتحدة يدعون أساساً أنهم لاجئون يريدون الحماية من انتهاكات حقوق الإنسان من النوع الذي توثقه منظمة العفو الدولية، وما يشغلنا المعاملة الشديدة السوء عند احتجازهم لدى إدارة شؤون الهجرة والجنسية.

لاجئة1:

أشعر كما لو كنت مت بالفعل..

مران سا (برنامج شؤون اللاجئين):

لقد تلقيت مكالمات من المحتجزين، وهذه واحدة منها يقول المحتجز: إنني أخشى على حياتي، فقد أمروني بأن أشنق نفسي، وقاموا بتغطية النوافذ..

نيك رايزا:

إن من أكبر المشكلات التي يواجهها ملتمسو اللجوء، تلك المعاملة التعسفية الصارخة، التي لا تتناسب مع المعايير الدولية..

يسري فودة:

في معظم مراكز الاحتجاز، هنا مثلاً في (نيو جيرسي) ذهبت شكاوي اللاجئين من الأوضاع الظالمة سدى.. قاموا بأعمال شغب، لكن أمريكا تتجه كذلك إلى خصخصة مراكز الاحتجاز كهذا المركز في (كوينز نيويورك).

:

هذه المؤسسة معدة خصيصاً لاحتجاز طالبي اللجوء، الذين لم يقترفوا جرماً، ومع ذلك فكل الموجودين هنا محتجزون في ظل أوضاع أشبه بأوضاع السجون.

لاجئة2:

أنا لست مجرمة، لقد أتيت إلى هنا طلباً للمساعدة، لا أعرف سبباً يحتم عليَّ أن أعاني على هذا النحو، لذا أشعر أحياناً برغبة في الموت..

:

إن من بينهم أناساً عانوا من أبشع ضروب التعذيب، ولكن لا يوجد أخصائي نفسي يساعدهم..

لاجئة2:

لقد كنت أدعو الله دائماً أن يغفر لي إن كنت قد اقترفت إثماً، أكثرت من الدعاء حتى تعبت، ولست أدري ماذا أفعل الآن؟

يسري فودة:

تفرد منظمة العفو الدولية في تقريرها مساحة كبيرة لانتقاد عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة.

معلق:

سوف يعدم (دينيس واين أيستون) بحقنة سامة بتهمة قتل أربعة أشخاص قبل تسع سنوات، وكان بين القتلى (جيري هاينز).

يسري فودة:

منذ عام 1996م نفذ حكم الإعدام في أكثر من 180 سجيناً، ثلاثة آلاف ينتظرون دورهم، فيما يتصاعد عدد المناهضين لعقوبة الإعدام، من بينهم (ماريا هاينز) التي تحتج على إعدام قاتل شقيقها.

ماريا هاينز:

إنه لا يشرف أخي أن يقتل إنسان باسمه، بل إن هذا يسيء لاسمه، وهناك طرق أخرى أفضل لتكريم اسمه خير من إزهاق نفس بشرية أخرى.

دينيس واين (أدين بتهمة القتل العمد):

أظهرت لي (ماريا) كيف يمكن للمرء أن يسامح ويغفر، كم هو إحساس مؤلم أشد من أي عقاب، إنكم تعرفون أن بوسع الإنسان أن يتغير، إنكم تعرفون ذلك، تعرفون أن بوسعكم أن تغيروا من مسار حياتكم إلى الأفضل، وبذلك يمكنكم مساعدة غيركم..

ماي كوربن:

إنهم يرفضون مبدأ السن بالسن والعين بالعين، فهل يرون أنه لا يولد سوى المزيد من العنف. (من إصلاحية جرين فيلد-ماي كوربن-القناة السادسة).

:

وفقاً لأمر صادر من محكمة مقاطعة (روكبريدج) نفذ حكم الإعدام، وأعلن وفاة السجين في التاسعة وتسع دقائق، وكانت آخر كلماته: أود أن أقول لكم إنني آسف، وأن أشكر الأخوة والأخوات في كنيسة الإيمان لوداعي، إنني أحبكم جميعاً، أحبكم أشد الحب، أمي إنني أحبك.

دينيس واين (تم إعدامه بحقنة سامة 1988م):

يبدو أحياناً أنه ما من أمل قط في إلغاء عقوبة الإعدام من جديد، ولكن يجب عليكم ألا تكفوا عن النضال، يجب مواصلة النضال، فقد سبق أن ألغيت ذات مرة، وأعتقد أنه في المستقبل سوف تلغى من جديد.

بيل شولتز (منظمة العفو-الولايات المتحدة):

ليس من باب المصادفة أن معظم تلك البلدان، التي بها أقل معدل لجرائم القتل، هي التي لا تطبق عقوبة الإعدام، ليس أمراً وليد الصدفة، كما أننا لا نسرق ممن يسرق، ولا نغتصب ممن يغتصب، ولا نعذب من يعذب، فعلينا كذلك بالمثل ألا نقتل من يقتل.

يسري فودة:

تحتج منظمة العفو الدولية، بأن عقوبة الإعدام تنفذ أحياناً في أبرياء، وتزعم أن للتمييز العنصري دوراً فيها.

بير سانيه (الأمين العام لمنظمة العفو الدولية):

إن الانتهازية السياسية، وجوانب الظلم الاجتماعي مازالت تفعل فعلها في عقوبة الإعدام، وتصفي عليها طابعاً تمييزيّاً.. ظالماً.. تعسفياً.. عنصرياً.

كمال السماري:

موضوع عقوبة الإعدام هو لا علاقة له بأي ديانة معينة، عندما تقوم منظمة العفو الدولية تدعو إلى إلغاء عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة الأمريكية، فهي لا تستهدف الديانة المسيحية، والأمر نفسه ينسحب على دول أفريقية لديها تقاليدها وعاداتها، وعلى الدول الإسلامية التي مازالت تنفذ عقوبة الإعدام.

يسري فودة:

أنا لا آخذها من وجهة نظر دينية على الإطلاق، أنا آخذها من وجهة نظرك أنت كمدافع عن حقوق الإنسان، وأتكلم من وجهة نظر القتيل، أليس من حقه إنسانياً أن يقتل قاتله؟

يسري فودة:

(إيدنار لويما) مهاجر تاهيتي يقاضي الآن مدينة نيويورك، بدعوة أن رجال شرطتها اعتدوا عليه بالضرب، وانتهاك العرض، حلقة من سلسلة طويلة من الاتهامات تصم الشرطة بالولايات المتحدة بالوحشية.

بير سانيه:

 
 

نحن نتلقى أنباءً منظمة عن إفراط الشرطة في استخدام القوة ضد الأفراد، وحوادث تعذيب وسوء معاملة في مخافر الشرطة، واعتداء بالضرب على المشتبه فيهم بعد تقييدهم، وإطلاق النار دون مبرر على المشتبه فيهم في الشوارع، وأخطر من هذا وذاك حوادث الوفاة داخل حجز الشرطة.

إن على الحكومة الأمريكية أن توسع من نطاق مساءلة الشرطة على الصعيد الوطني، وعلى صعيد الولاية، وذلك عن طريق تأسيس آليات فعالة، لرصد وتقصي الحالات المتعلقة بوحشية الشرطة.

ديانا فريبر (منظمة مراقبة الشرطة):

إننا نتلقى الشكاوى من ضحايا وحشية الشرطة، ونحيلها إلى الجهات المختصة، وقد فتحنا فرعاً في مدينة نيويورك، حيث نستقبل يوميّاً من ثماني إلى عشرة ضحايا جدد لوحشية الشرطة.

فان جونز:

نحن هنا لأن فتاة في السابعة عشرة من عمرها لقت مصرعها على يد ضابط من شرطة (سان فرانسيسكو).. أطلق النار على رأسها.. هذه الفتاة لم ترتكب أية جريمة، ولم تكن تحمل سلاحاً..

إحدى المواطنات السود:

أطلب منكم الآن أن تقفوا في صفي، أن تكونوا في صف طفلتي، أن تأخذوا جانب الفتاة التي أزهقت روحها، قفوا وقولوا كلمتكم.. إن الأمر بأيديكم الآن..

فان جونز (منظمة مراقبة الشرطة):

السؤال: ليس هل كل ضباط الشرطة سيؤون أو عنصريون، يجب أن يكون هل لدينا ضوابط وموازين كافية للتأكد من أن الشرطة تمتثل للوائحها.. أي من يراقب سلوك الشرطة؟

مواطنة1:

يجب أن نغير بعض الأمور، ويجب أن نقول أن صبرنا قد نفد.

والدة أنطونيو روزاريو:

أنا والدة (أنطونيو روزاريو) Anthony Rosario وعمة (هيلتون فيجا)

Hilton Vega اللذين أعدمتهما إدارة شرطة نيويورك، فقد أصيب ابني بأربع عشرة طلقة في ظهره وهو منكفئ على وجهه على الأرض، أما ابن شقيقي (هيلتون فيجا) فقد نال ثماني رصاصات في ظهره، لقد فقدت ابني نتيجة لوحشية الشرطة.

فان جونز:

تحاول الولايات المتحدة فرض فهمها لحقوق الإنسان على البلدان الأخرى بينما لا تتمسك هي بالمعيار الأساسي لحقوق الإنسان داخل أراضيها، معنى هذا أن الوقت قد حان بالفعل لكي ينظر المجتمع الدولي إلى الولايات المتحدة، ويتساءل عن سبب جنوح المكلفين بإنفاذ القوانين لكل هذا القدر من العنف.

يسرى فودة:

وسوى الثناء على منظمة العفو الدولية، وعلى تقرير منظمة العفو الدولية، لم يكن لدى السفارة الأمريكية في لندن حيث مقر Amnesty تعليق على ما نصفه المنظمة الدولية بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان داخل الولايات المتحدة.. استطعنا رغم ذلك أن ننفذ عبر الهاتف إلى وزارة العدل الأمريكية في واشنطن، حيث سألنا المتحدثة باسمها أولاً إذا كانت أصلاً قد قرأت التقرير..

كريستين دي برتولو (المتحدثة باسم وزارة العدل الأمريكية-واشنطن):

نعم، لقد قرأت معظم أجزاء التقرير وأنا على اطلاع بمحتوياته..

يسري فودة:

وما رأيك في المزاعم الخطيرة في تقرير Aminsty Organization

كريستين دي برتولو:

كان عدد كل القضايا التي طرحت في التقرير محط اهتمام إدارة كلينتون، على مدى السنوات الخمس الماضية، نحن طبعاً نشاركها اهتمامها، وقد بدأنا عملياً التحقيق في عدد من القضايا التي تم تناولها في التقرير.

يسري فودة:

 
 

إننا نتفهم حقيقة أن الولايات المتحدة دولة مبنية على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، ورغم ذلك تحتفظ بواحد من أسوأ سجلات حقوق الإنسان، فيما يتعلق بجرائم القتل والوحشية التي تمارسها الشرطة في القبض على المتهمين، وكما ذكر التقرير فإن عدد السجناء تضاعف ثلاث مرات في السنوات القليلة الماضية، وأيضاً حقيقة أن الشرطة الأمريكية تستخدم أحياناً أساليب ممنوعة في عملية القبض.

كريستين دي برتولو:

أنا مرتاحة جدّاً لأنك طرحت قضية وحشية رجال الشرطة، فهذه القضية احتلت جزءاً كبيراً من التقرير، وزارة العدل تحقق الآن في مئات القضايا، وهي قضايا سوء تعامل رجال الشرطة فقط على مدى الخمس سنوات الماضية، وزارة العدل أدانت حوالي 300 رجل شرطة تورطوا في عمليات سوء تصرف، ومعدل النجاح في تلك القضايا كان كبيراً جدّاً، رغم أن التقرير أشار إلى أن هذا النوع من القضايا يصعب إثباته، وقد أشار التقرير –أيضاً- إلى أن وزارة العدل وفقاً لقانون 1994م، وهو ما يسمى بقانون ضبط الجريمة، سلطة لرفع قضايا مدنية ضد أي إدارة بوليس تتورط في أي شكل من أشكال سوء تعامل رجال الشرطة.

يسري فودة:

النطاق الذي شنت عليه منظمة العفو الدولية (Amnesty) حملتها ضد أقوى دولة في العالم مسألة تلفت النظر.. هل كان لك أن تكتبي هذا التقرير بشكل مختلف؟!

كريستين دي برتولو:

بالتأكيد عدد من القضايا التي طرحت في التقرير تثير اهتمامنا، ونشارك منظمات حقوق الإنسان هذا الاهتمام فمنظمات حقوق الإنسان تؤدي عملاً جيداً، ونحن نلتقي باستمرار، ولا أعتقد أن من صلاحياتي أن أعلق على أعمالها، وأن أحدد إذا كان عليها أن تقوم بشيء مخالف لما فعلته، بالتأكيد نحن اطلعنا على التقرير، وراجعته أقسام مختلفة في الوزارة، وقد حاز عدد من القضايا التي تم طرحها على اهتمام وتركيز الوزارة هنا، ونحن نشارك منظمات حقوق الإنسان باهتماماتها..

يسري فودة:

أمام ذلك التقت قناة الجزيرة في واشنطن بمن كان يوماً ضابط شرطة.

رونالدو هامتون (ضابط شرطة أمريكي متقاعد):

نعم.. إن الانتهاكات تقع هنا، ولكن لا تتم مناقشة هذه الانتهاكات بصراحة في هذه البلاد، لا من طرف ضحايا هذه الانتهاكات ولا من طرف مسؤولي الحكومة، لأن هؤلاء سينكرون أن هذه انتهاكات لحقوق الإنسان. لو تجولت في الشوارع وتحدثت الأمريكيين المنحدرين من أصول إفريقية، أو لاتينية، وآسيوية مثل فيتناميين وكوريين فإنهم سينبؤنك بأنواع الانتهاكات التي يتعرضون لها على أيدي الشرطة في هذه البلاد، هذا إضافة إلى العنصرية في أماكن العمل..

عندما نرى شخصاً أسود في هذه البلاد فإننا نعتقد أنه مجرم.. ولهذا فإننا عندما كنا نبدأ التحقيق في الشرطة عن مواصفات المجرم، يكون الوصف في المحضر غير دقيق، أي من نوع: رجل أمريكي من أصل إفريقي، عمره بين العشرين والثلاثين، متوسط الطول والوزن، وهذا يمكن أن يكون أنا، لأن هذه المواصفات تنطبق عليَّ!!

إن السلوك الوحشي للشرطة يقع كل يوم، بل ربما كل ساعة، ولكن ذلك يتخذ عدة مظاهر، بداية من عدم الاحترام للمواطن بلوغاً إلى ما شاهدناه في واقعة

(رودني كينج) وغيرها من الوقائع، ولكن عمل الشرطة يمثل في الحقيقة خدمة لقاء الضرائب التي يدفعها المواطنون، وهذا يمكن أن يدرج في مواد إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ولهذا فإن أي تقصير في خدمة الشرطة يمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان.

لا يمكن حل المشكلة عن طريق التشريعات إذ إن لدينا أشد القوانين صرامة في مكافحة الجريمة بالمقارنة مع أي بلد صناعي آخر، كما أننا نحكم بالسجن على عدد أكبر من الأشخاص مما يحدث في البلدان الأخرى، ولكن ذلك لم يضمن سلامة المواطنين، والحقيقة أن الإجرام من يرتكبه، ومن هو ضحيته قد أصبح قضية سياسية.

يسري فودة:

 
 

حتى سنوات قليلة خلت، كان الأمريكيون معظمهم راكنين إلى أمان الاعتقاد بأن بلدهم هي الموْئل الطبيعي للكرامة والحرية، وأن انتهاكات حقوق الإنسان لا يمكن أن تقع إلا في البلدان الأخرى. ورغم حدوث انتهاكات خطيرة معروفة في التاريخ الأمريكي القريب مثل عملية احتجاز عشرات الآلاف من المواطنين الأمريكيين في معسكرات اعتقال إبان الحرب العالمية الثانية، لمجرد أنهم من أصول يابانية، رغم

عقود طويلة من التفرقة ضد السود حتى بروز حركة الحقوق المدنية، فإنه لم يكن يخطر لعامة الأمريكيين أن الصورة المشرقة التي يحملونها عن بلدهم صورة غير واقعية.

ولهذا كانت الصدمة عنيفة عندما بثت شبكات التليفزيون الأمريكية عام 1991م شريط فيديو يفضح رجال شرطة لوس أنجلوس وهم ينهالون بالضرب الوحشي على شاب أسود يدعي (رودنى كينج) بدا طريحاً لا حول له ولا قوة، وقد أدى حكم القضاء ببراءة الشرطة إلى اندلاع مظاهرات واحتجاجات عارمة في (لوس أنجلوس) لم تلبث أن تحولت إلى اضطرابات وأعمال نهب وشغب واسعة النطاق، وكان من نتائجها مقتل خمسة وخمسين شخصاً وخسائر قدرت بألف مليون دولار.

في بعض مناطق ألمانيا يعاقب القانون سائق التاكسي الذي لا يقوم بالإبلاغ عن أي راكب لا يبدو من سحنته أنه ألماني، هنا في لندن.. إذا لم تكن أبيض البشرة فإن احتمال أن تستوقفك الشرطة في الشارع يبلغ ستة أضعاف هذا الذي في حالة بيض البشرة.. الحالة في الولايات المتحدة الأمريكية أسوأ من ذلك بكثير وفقاً لتقرير منظمة العفو الدولية.. التقرير نفسه يفتح جبهة أخرى تتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، تتركز الاتهامات حول ازدواجية المعايير، واستغلال قضية إنسانية نبيلة لتحقيق مآرب خاصة، كما يقتبس التقرير عن اتحاد العلماء الأمريكيين أن وزارة التجارة الأمريكية تسمح بتصدير معدات صممت خصيصاً لأغراض التعذيب.. هذا فضلاً عن تصدير أسلحة خفيفة وثقيلة أو منح الفائض منها إلى دول تستخدمها عمداً في انتهاك حقوق الإنسان.

إن احترام حقوق الإنسان التزام ما أصعب الوفاء به!! بلاغة المنطق أم اعتذار بأثر رجعي يقدمه الرئيس الأمريكي احتفالاً بالذكرى الخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

دبابات الجيش الصيني تسحق عظام الطلاب المتظاهرين في ميدان (تيانن من) عام 1989م احتجاجاً على قمع الحريات.. الموسيقي والبساط الأحمر والترحيب كله كانوا جميعاً في انتظار الرئيس الأمريكي بعد ذلك بتسع سنوات في الميدان نفسه الذي شهد واحدة من أشهر مذابح الديمقراطية.. أمام الكاميرا كانت لحقوق الإنسان أولوية، ثم ما لبثت الصفقات التجارية والتعاون الاقتصادي والتحكم في تصدير التقنية أن احتلت موقعها المتوقع.

المصالح السياسية والاقتصادية فوق كل اعتبار، وحقوق الإنسان ورقة ضغط ومساومة تُشهر فقط عند الحاجة.. اتهامات صريحة توجهها منظمة العفو الدولية إلى واشنطن وشواهد الإدانة عديدة.

كمال السماري:

أولاً: هذه أكبر دولة في العالم تتشدق صباح مساء بالحريات والديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وهي تزدوج، وهي تمارس ازدواجية المعايير وانتقاء التعامل مع قضايا حقوق الإنسان.. الدول الحليفة للولايات المتحدة تغض عليها الطرف الولايات المتحدة فيما إحنا نرى الولايات المتحدة تتهم دولاً غير حليفة لها..

الأمر الثالث والمخيف هو أن الولايات المتحدة أكبر دولة مصدرة للأسلحة .. أي الثقيلة، الأسلحة الزائدة من مخزون الجيش الأمريكي.. الأسلحة التي تسبب الصدمات الكهربائية.. برامج التدريب العسكري التي تقوم به القوات الأمريكية في معهد الأمريكتين وتخرج منه ضباط جلادون معروفون في المكسيك وفي نيكاراجوا وغير..

هذه مساهمات الولايات المتحدة في ضمان حقوق الإنسان أي في انتهاك حقوق الإنسان في الواقع، لأن هذه المساهمة، وهي مساهمة تتم في طي السرية..

يسري فودة:

لم تحرك واشنطن ساكناً أمام عمليات حرق القرى الكردية وإبادة المدنيين بالأسلحة الكيماوية في شمال العراق طوال الثمانينيات، وحين تعارضت المصالح وغزا العراق الكويت نهاية العقد نفسه، ضرب المايسترو الأمريكي على وتر انتهاكات حقوق الإنسان ليكرس دعماً دولياً يبرر شن حرب شاملة على العراق.. ولدى احتجاز دبلوماسيين أمريكيين في طهران عام 1979م لجأت واشنطن إلى محكمة العدل الدولية بعد فشلها في تخليصهم بالقوة.. بعدها بأربع سنوات فقط تجاهلت واشنطن قرار محكمة العدل ذاتها الذي أدان التدخل العسكري ضد حكومة (الساندنيسكا) في نيكاراجوا.

كمال السماري:

أكثر من ذلك، الشركات التي لديها شركات النفط التي لديها مصالح في الدول النفطية والتي لديها علاقات مع وزارة الدفاع الأمريكية تقوم هي الأخرى ببرامج تدريب لدول معروفة.. من الباكستان، إلى تركيا، إلى إندونيسيا، إلى نيكاراجوا، إلى المكسيك، إلى الأرجنتين، إلى المملكة العربية السعودية، إلى كوريا الجنوبية، يعني إلى الفلبين، وهذا كله معروف ومدون.

يسري فودة:

هل هناك دول عربية بينها؟

كمال السماري:

دول عربية -و(إسرائيل) بالطبع- هناك دول عربية البحرين والأردن ومصر والسعودية تسلمت أسلحة من الزائد من مخزون الأسلحة الأمريكية، منها الطائرات المروحية، وهي الطائرات اللي استخدمتها (إسرائيل) عام 1969م في عملية عناقيد الغضب، وهي الطائرات التي استخدمتها تركيا عام 1995 في إجلاء القرى الجنوبية في تعقبها للأكراد، وهي نفس الأسلحة اللي استخدمت في المكسيك وفي إندونيسيا، فرغم السرية التي تطغى على معاملات الولايات المتحدة في هذا الشأن.. المعلومات المؤكدة والموثقة تبين أن هذه الأسلحة ساهمت بشكل مباشر في انتهاكات حقوق الإنسان.

يسري فودة:

يضرب مسلسل الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني المثل الأوضح لازدواجية المعايير الأمريكية، واشنطن لا تمل من تعديد انتهاكات حقوق الإنسان في كوبا وكوريا الشمالية وإيران، وغيرها من الدول غير المرضي عنها، ثم تختار عمداً أن تغض الطرف عن أدلة دامغة لانتهاكات متواصلة لحقوق هؤلاء، وعندما يلزم لا تتردد واشنطن في تحدي الإجماع الدولي وإشهار سلاح الفيتو لإجهاض أي مشروع قرار يدين (إسرائيل) أو يتعارض مع مصالح البيت الأبيض.. الفيتو نفسه الذي رفعته أمريكا في وجه بقية أعضاء مجلس الأمن جميعهم لحرمان (بطرس غالي) من فترة ثانية أميناً عاماً للأمم المتحدة، بعدما تجرأ وطلب التحقيق في عملية القصف الإسرائيلي عام 1996م لمخيم للاجئين في جنوب لبنان تابع للأمم المتحدة.

يسري فودة:

سيد سماري، هل لديك من الأسباب ما يدعوك إلى الظن بأن الولايات المتحدة الأمريكية تغض الطرف أحياناً عن انتهاكات قد تكون حادثة في بعض الدول العربية؟

كمال السماري:

هذا يعني، هذا مع الأسف ما صنفناه في إطار الازدواجية والانتقائية مثلما تغض الطرف على (إسرائيل)، تغض الطرف على ما يجري من الانتهاكات في دول الخليج (الفارسي) مثلاً، ومع ذلك حتى تقارير وزارة الخارجية الأمريكية السنوية حول انتهاكات حقوق الإنسان هي كذلك في وقت من الأوقات تمر مر الكرام على هذه الانتهاكات، ونرى الولايات المتحدة في اللجان المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تقوم بدور سلبي لكي تغض الطرف لكي تغض هذه اللجان أو تؤثر على هذه اللجان لتغض عن انتهاكات حقوق الإنسان لحلفاء الولايات المتحدة.

يسري فودة:

 
 

تفاخر الولايات المتحدة بدورها الرائد في تأسيس هيئة الأمم المتحدة، وبتدشين العديد من الهيئات الإنسانية التابعة لها، لكنها لم تنجح دوماً في إعطاء القدوة الحسنة.. يكفي أن نعلم أن الكونجرس الأمريكي لم يصادق على المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية إلا بعد ست وعشرين سنة من إقرارها، بل إن واشنطن ترفض إلى اليوم توقيع معاهدة حظر جميع أنواع الألغام الأرضية المسؤولة عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين في مختلف أنحاء العالم كل عام، ناهيك عن العاهات المستديمة.. 45% من مجموع صادرات الأسلحة في العالم تأتي من المصانع الأمريكية.. منبع آخر خصب لا لتصدير دوافع العنف إلى دول سيئة السمعة كما حدث مع (إسرائيل) التي استخدمت أسلحة مهداة من أمريكا في صب عناقيد غضبها على المدنيين العزل في جنوب لبنان.

ويصدر السلاح الأمريكي أيضاً إلى دول مُتهمة رسمياً بالتورط في أعمال تصفية عرقية كما هي الحال بالنسبة للنشاط التركي ضد الأكراد، بل إن التقارير تسربت من الكونجرس تفيد بأن شركات أمريكية تصدر أسلحة خفيفة وقنابل غازية وأدوات للصعق الكهربائي، إلى فرق الأمن الخاص جنوب أفريقيا وتركيا والمكسيك و(إسرائيل).. وغيرها تستخدم في تصفية أصوات المعارضين، ويمتد النشاط الأمريكي إلى إقامة المراكز المتخصصة في تدريب العسكريين وضباط الأمن من شتى دول العالم على استخدام أحدث التقنيات لمواجهة ما يسمى أنشطة الإرهاب وأعمال الشغب، وهو تعبير عادة ما تشير به أنظمة العالم الثالث إلى أنشطة المعارضة ومسيرات الاحتجاج أو المظاهرات المدنية.

كمال السماري:

نحن لا نقول للولايات المتحدة ولأي دولة: لا تصدروا الأسلحة، نقول لا تصدروا الأسلحة التي ستستخدم لتعذيب الناس.

يسري فودة:

نعود مرة أخرى إلى السفارة الأمريكية في لندن.. على بعد دقائق من مقر منظمة العفو الدولية.. هذه المرة حصل المتحدث باسمها على تصريح من واشنطن بمواجهة كاميرا الجزيرة.

هشام قنونة (السفارة الأمريكية في لندن):

في سنة 95 أعلنت الحكومة الأمريكية سياسة تخص عمليات نقل الأسلحة لعدد.. الأسلحة التقليدية لعدد من الدول.. السياسة دي بتسمى أو تقع تحت مسمى DD 34 الاتفاقية بتتطلب أو توجب على الولايات المتحدة الاهتمام بسجل حقوق الإنسان في أي من دولة بيتم تصدير الأسلحة إليها أو نقل الأسلحة إليها بشكل عام، أيضاً الاتفاقية بتلزم الولايات المتحدة الأخذ في الاعتبار الأوضاع أو التأثيرات السلبية اللي ممكن تحدث لتصدير الأسلحة لبعض البلدان سواء كانت تأثيرات سياسية أو تأثيرات اقتصادية أو التأثير على الجانب الاجتماعي للمجتمع في البلدان اللي يتم تصدير السلاح إليها.

يسري فودة:

هل قامت الولايات المتحدة يعني تحقيقات ملموسة قبل القيام بتصدير أسلحة سواء ضمن صفقة تجارية أو ضمن منحة حكومية إلى دولة ما خاصة في منطقة الشرق الأوسط؟

هشام قنونة:

هي بناء على القوانين والسياسات المعمول بها حالياً في الولايات المتحدة، فهي تمنع بالفعل نقل جميع أنواع الأسلحة أو تصدير جميع أنواع الأسلحة لحوالي ثلاث وعشرين دولة مدرجة تحت قائمة (أيتار).

يسري فودة:

 
 

هل من بين الدول الثلاث والعشرين دول عربية؟

هشام قنونة:

من بينها دولة عربية، نعم.

يسري فودة:

مثل مَنْ؟

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأربعاء 26 يونيو 2019 - 10:28 بتوقيت مكة