من فصول قصة "المباهلة"...الفصل الأول ...كيف بدأت القصة؟

السبت 1 سبتمبر 2018 - 10:05 بتوقيت مكة
من فصول قصة "المباهلة"...الفصل الأول ...كيف بدأت القصة؟

وقد كتب رسولُ الاسلام كتاباً إلى اسقف نجران(2) «أبو حارثة» يدعو أهلها فيه الى الاسلام يوم كتب كتباً إلى ملوك العالم ورؤسائه واليك مضمون هذا الكتاب...

تقع «نجران» بِقُراها السبعين التابعة لها، في نقطة من نقاط الحجار واليمن الحدودية، وكانت هذه المنطقة في مطلع ظهور الاسلام المنطقة الوحيدة التي غادر أهلُها الوثنية لأسباب معينّة واعتنقوا المسيحية(1) من بين مناطق الحجاز.

وقد كتب رسولُ الاسلام كتاباً إلى اسقف نجران(2) «أبو حارثة» يدعو أهلها فيه الى الاسلام يوم كتب كتباً إلى ملوك العالم ورؤسائه.

واليك مضمون هذا الكتاب:

"بِسم إله إبراهيم وإسحاق ويَعقوب من مُحَّمد رسول اللّه إلى أسقُف نَجران وأهل نَجران إن أسلَمتُم فإنّي أحمَدُ إليكُم اللّه إله إبراهيم وَاسحاق(3) ويعقوب أمّا بعد فإني أدعوكم الى عبادة اللّه من عبادة العباد، وأدعُوكم إلى ولاية اللّه من ولاية العباد، فان أبيتم فالجزية، فان أبيتم فقد آذنتكم بحرب والسلام".

واضافت بعض المصادر التاريخية الشيعية أن النبي الاكرم صلّى اللّه عليه وآله كتب في ذلك الكتاب الآية المرتبطة بأهل الكتاب(4) والتي تدعوهم إلى عبادة اللّه الواحد القهار.

قدم سفير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله نجران وسلّم كتابه المبارك الى أسقف نجران، فقرأ ذلك الكتاب بعناية ودقة متناهية، ثم شكل جماعة للمشاورة وتداول الأمر واتخاذ القرار مكوَّنة من الشخصيات البارزة الدينية وغير الدينية، وكان أحدُ أعضاء هذه المجموعة «شرحبيل» الذي عُرف بعقله ونُبله، وتدبيره وحكمته، فقال في معرض الاجابة على استشارة الاسقف اياه: قد علمتُ ما وعَد اللّه ابراهيم في ذرية اسماعيل من النبوّة، فما يؤمِنُك أن يكون هذا الرجلُ، ليس لي في النبوة رأي، لو كان أمر من اُمور الدنيا أشرتُ عليك فيه وجَهدتُ لك.

فقرر المتشاورون ان يبعثوا وفداً إلى المدينة للتباحث مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، ودراسة دلائل نبوته، فاختير لهذه المهمة ستون شخصاً من أعلم أهل نجران وأعقلهم، وكان على رأسهم ثلاثة اشخاص من اساقفتهم هم:

1-أبو حارثة بن علقمة» اسقف نجران الأعظم والممثل الرسمي للكنائس الروميّة في الحجاز.

2-عبد المسيح» رئيس وفد نجران المعروف بعقله ودهائه، وتدبيره.

3-الأيهم» وكان من ذوي السن ومن الشخصيات المحترمة عند أهل نجران(5)

قدمَ هذا الوفد المسيحيُّ المدينة ودخلُوا المسجد على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وهم يلبسون أزياءهم الكنسيَّة ويرتدون الديباج والحرير، ويلبسون خواتيم الذهب ويحملون الصلبان في اعناقهم، فأزعج منظرُهم هذا وخاصة في المسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فشعروا بانزعاج النبي ولكنّهم لم يعرفوا سبب ذلك، فسألوا «عثمان بن عفان» و«عبد الرحمان بن عوف» وكانت بينهم صداقة قديمة، فقال الرجلان لعلي بن أبي طالب: ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم ؟

قال: أرى أن يضَعوا حُللَهم هذه وخواتيمهم ثم يعودون اليه.

ففعلوا ذلك ثم دخلوا على النبي صلّى اللّه عليه وآله فسلّموا عليه فرد عليهم السَّلام، واحترمهم، وقبلَ بعض هداياهم التي أهدوها اليه صلّى اللّه عليه وآله، ثم إن الوفد - قبل ان يبدأوا مفاوضاتهم مع النبي صلّى اللّه عليه وآله قالوا: إن وقت صلاتهم قد حان واستأذنوه في أدائها، فأراد الناسُ منعهم ولكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله اذن لهم وقال للمسلمين: دعوهم فاستقبلوا المشرق، فصلّوا صلاتهم(6).

وبذلك أعطى النبي صلّى اللّه عليه وآله درساً في التسامح الديني يدفع افتئات اعداء الاسلام على هذا الدين.

يتبع...

الهوامش:

(1) ذكر الياقوت الحموي في معجم البلدان: ج 5 ص 266 - 277 علل اعتناقهم للمسيحية.

(2) الاسقُف معرب كلمة يونانية هي ايسكوب وتعني الرقيب والمناظر وهو اليوم منصب اعلى من منصب القسيس.

(3) بحار الأنوار: ج 21 ص 285.

(4) المرادُ من تلك الآية هو قوله تعالى: «قُل يَا أهلَ الكِتابِ تعالوا إلى كلِمَة سواء بيننا وبينكُم ألا نعبد إلا اللّه ولا نشرك به شيئاً» آل عمران: 64. الاقبال: ص 494.

(5)السيرة الحلبية: ج 3 ص 211 و212.

(6) السيرة الحلبية: ج 3 ص 212.

المصدر:موقع عقائد

إقرأ أيضا:الـ24 من شهر ذي الحجة...يوم المباهلة...فما هي قصة هذا اليوم؟

إقرأ أيضا: مع ابن تيمية...في يوم المباهلة

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

السبت 1 سبتمبر 2018 - 10:04 بتوقيت مكة