بروجردي في لقاء خاص: ترامب شخصية مخجلة للأميركيين.. وسنتعامل مع اي خطوة أميركية وفق مصالحنا

الثلاثاء 17 أكتوبر 2017 - 09:53 بتوقيت مكة
بروجردي في لقاء خاص: ترامب شخصية مخجلة للأميركيين.. وسنتعامل مع اي خطوة أميركية وفق مصالحنا

خاص الكوثر ـ أجرت قناة الكوثر الفضائية لقاءا خاصا مع الدكتور علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الاسلامي (البرلمان) تناول محورين اساسيا كأهم الحوادث السياسية في الوقت الراهن وهما: كلمة ترامب تجاه الاتفاق النووي وما سماه باستراتيجيته الجديدة ضد ايران والتي واجهت رفضا دوليا، بستثناء الكيان الصهيوني والنظام السعودي، والمحور الآخر هو الوضع في كردستان وبالتحديد كركوك.. اللقاء اجراه الزميل علاء رضائي.. وفيما يلي نصه الكامل الذي بث من على شاشة الكوثر مساء أمس الأثنين..

السلام عليكم بدوري اُحييكم واُحيي مشاهدي قناة الكوثر المُوقرة، واشكركم على الاستضافة.

س: ماهو الجديد في خطاب ترامب الاخير؟

ج: يمكن القول ان لاجديد في كلمة ترامب الاخيرة، لأنهم طبَّلوا وزمَّروا كثيرا، في الآونة الاخيرة بأنهم سيفعلون كذا وكذا، فيما يخص حرس الثورة الاسلامية، لكنه لم يقم بتنفيذ شيئ يذكر على ارض الواقع. وبقي يدور في هذه الحلقة المفرغة، وفيما يخص الاتفاق النووي، كان هناك احتمالان، إما ان يُعلن ترامب خروج امريكا من الاتفاق، وإما ان يُحيل الامر الى الكونغرس، وكان الامر الثاني يبدو اكثر إحتمالاً حسب المؤشرات، وقد حدث ذلك بالفعل، ونعتقد ان ما حدث هو نوع من كشف الاوراق، فقد إنكشفت اوراق ترامب في كلمته الاخيرة، وبات واضحا للعيان ان الصفقات الكبرى مع السعودية، قد خطفت عقل ترامب، قبل بصره، بحيث انه تناسى حتى الوقائع التاريخية الثابتة التي ورثها العالم من آلاف السنين، واستبدل اسم الخليج الفارسي، بإسم مزوَّر آخر، ما أظهر انه سرعان ما يتأثر بالصفقات المالية، ولن يتمكن من المحافظة على متانة وكرامة شخصية رئيس الجمهورية، وانه لايليق به ان يكون رئيسا لبلد كبير مثل أمريكا، بل كان من الافضل له ان يبقى تاجرا متقلبا، يميل حيث تميل الارباح المالية.

س: هكذا تتصورون ان الادارة الامريكية بلغت الى هذا المستوى من الحضيض؟

ج: هذا لم يكن رأينا فحسب، بل ان الامريكيين أنفسهم، والاوروبيون، وبلدانا اخرى لديهم نفس التصور، وحتى النخب والشخصيات المرموقة في امريكا، لديها نفس التقييم تجاه رئيسها، والأكثر من ذلك إنهم يشعرون بالخجل، من أن شخصا مثل ترامب بات يشغل منصبا مهما، كرئاسة جمهورية بلد مثل أمريكا، وهذا تعكسه الاستقالات المتكررة داخل الحكومة، لانهم يشعرون ان ترامب اوصل ظروفالبلاد الى مستوى لا يمكنهم العمل خلالها في ظل ادارته، إذاً هذا التقييم بات تقييما عالميا.

س: لكن ترامب لم يأت اعتباطا بل هناك دولة عميقة تقف خلفه؟

ج: هؤلاء هم جزء من السلطة في امريكا، لأن الحكومة في أمريكا لها وجهان، الوجه الاول هم اولئك الذين اشرتم اليهم، والوجه الآخر، هم اولئك الذين يبقون خلف الستار، كما ان هناك لوبياً مهماً يلعب دورا مؤثرا في انتخاب الرئيس، وهو اللوبي الصهيوني، وهو الذي يعمل على إبقاء رئيس الجمهورية في سُدة الحكم، كما كان حتى الآن.وهذه وقائع موجودة اليوم على ارض الواقع، لكن كل ذلك لايعني اننا نتغاضى عن التقييم العالمي السلبي تجاه شخصية ترامب، فعلى اقل تقدير فإن الحكومة التي سبقت حكومة ترامب، تمكنت من تحشيد الرأي العام العالمي، إضافة الى حلفائها الاوروبيين، وحتى تمكنت من إقناع روسيا والصين، لاستصدار ستة قرارات اممية ضد ايران.

س: سوف نأتي على الموقف الاوروبي والروسي.. لكن إدراج حرس الثورة الاسلامية ضمن قائمة حظر وزارة الخزانة وليس وزارة الخارجية ماذا يعني؟

ج: في الحقيقة هؤلاء لديهم تقييمات هامة عن حرس الثورة الاسلامية، ويعلمون جيدا أن دور قوات حرس الثورة الاسلامية، في تطورات المنطقة، التي أدت الى فشل المخططات والمؤامرات الامريكية ونجاح الخط الذي تطرحه ايران. فعندما نتحدث عن فشل امريكا في المنطقة، نعني فشل امريكا وحلفائها، وفوز سياسة ايران في المنطقة. فسوريا كانت ساحة إختبار مهمة بالنسبة لامريكا. لأنها أعلنت وبملئ فمها على الرئيس السوري بشار الأسد ان يرحل عن سدة الحكم، فيما قالت ايران، ان بشار يجب ان يبقى وبقاؤه ورحيله يقرره الشعب السوري نفسه. إذا مَن الذي كان يُطبِّق السياسة الايرانية في سوريا غير حرس الثورة الاسلامية؟ ان حرس الثورة نزل بكل ثقله، وطاقات مستشاريه الذين نزلوا الى سورية والعراق، وحقق مايريد. فإن هزيمة تنظيم داعش بإعبتاره الورقة الامريكية التي كانوا يراهنون عليها في المنطقة، كانت متأثرة من هذه الحقائق. إذا كل هذه التطبيلات التي يحاولون تطبيقها ضد حرس الثورة الإسلامية، تأتي نتيجة فشل السياسة والمؤامرات الامريكية ضد حرس الثورة، والأثمان الباهظة التي تترتب عليها. ومن اجل ذلك نراهم ومنذ عدة سنوات يُدرجون الكثير من الشخصيات التابعة لحرس الثورة على جدول مايُسمونه بالقائمة السوداء والمقاطعات الاقتصادية، وما الى ذلك،... لكن هذه المرة جاءت التطبيلات بوتيرة اعلامية اقوى، بحيث ارادوا تهويل مخططاتهم، وهذا ان دل على شيئ، فإنما يدل على أن تقييم الامريكيين كان خطأً، لأنهم يعتقدون انهم بممارسة الضغوط، يتمكنوا من تمرير نواياهم، في حين ان الثورة الاسلامية عندما كانت في بدايات انتصارها، ولم تكن كما هي عليه اليوم كشجرة متجذرة، لم تتمكن امريكا من ارتكاب اي خطأ ضدها، كما كان يؤكد الأمام الخميني الراحل.

س: الغاء الملف النووي وأحالته للكونغرس.. كيف تقرأه؟

ج: الكونغرس بما انه لديه مدة شهرين لدراسة الموضوع، فبالتأكيد انه سيعمل على تغيير قناعات باقي اعضاء مجلس الامن الدولي، والدول المُوقِّعة على الاتفاق النووي، عسى ان يتمكنوا من اضافة فقرة او ايجاد نوع من التغيير فيه، لينجحوا في إستئناف المفاوضات، ونحن بدورنا اعلنا رأينا في هذا المجال، والدكتور ظريف بإعتباره مسؤول السياسة الخارجية للبلاد، أكد مرارا أن ايران لن توافق على اي تعديل في الاتفاق، كما انها لن ترضى بأي نوع مفاوضات بشأنه. إذاً هذا الموقف الايراني الصلب، أعتقد انه غلق الباب امام اي نوع من الثغرات التي يحاولون التسلل عبرها لهيكلية الاتفاق، واضافة ما يريدون اضافته عليه، إذاً اعتقد حتى الكونغرس لن يُكتَب له النجاح للقيام بهذا الامر، بالرغم من ان ترامب نفسه أعلن ان الكونغرس، ان لم يتخذ هذه الخطوة، فأنه جاهز للقيام بها بنفسه. وفي كل الاحوال اعتقد ان امريكا ستكون الطرف الخاسر في هذه المقامرات، لأن الظروف لم تعد مهيأة لهاكالسابق، حيث كانت الكثير من الدول تقف الى جانبها، بل على عكس ذلك، اي ان غالبية الدول الحليفة لها، تقف اليوم في الجهة المقابلة لها، وان الجبهة التي هي قيد التشكيل الآن، غالبية دولها من الأصدقاء التقليديين للحكومة الامريكية.

س: فيما يتعلق بالتعويل على الموقف الاوروبي.. هل تعولون عليه عن جدّ؟

ج: على أية حال ان اعتقد ان ظروف اليوم تختلف عن الظروف السابقة، اولا نظرة الدول الاوروبية خلال المفاوضات بالنسبة لأمريكا الترامبية، تختلف كثيرا عن النظرات السابقة لامريكا، وصحيح يمكن ان يكون لكل حادث حديث، والسياسة هي حالة فضفاضة، إلا أن، وجهة النظر تجاه ترامب والظواهر غير الطبيعية التي يُفجِّرها بين الحين والآخر، مثل قرار الخروج من اليونسكو، فإن هذا القرار اثار اعجاب الكثير من نخب العالم، فأمريكا بثقلها العالمي، فجأة يقرر رئيسها الخروج من أكبر مؤسسة ثقافية علمية اجتماعية عالمية، تُشرف عليها الامم المتحدة، وبعد ذلك يتبعها الكيان الصهيوني بالخروج من هذه المنظمة العالمية. هذه الخطوات التي خطاها ترامب حتى الآن اوجدت ظروفا تؤكد بأنتصوراتنا من امريكا يجب أن لاتُبنى على المعلومات السابقة عن النظام والحكومة الامريكية، لأن الحكومات السابقة، اقل ما فيها كانت لديها نوعا من التنسيقات فيما بين اعضائها خلف الستار. إذا انا اعتقد ان فرصة العمل مع الاوروبيين اضحت اكثر مما كانت عليه في السابق.

س: هل سيأتي وزير الخارجية الفرنسي الى طهران؟

ج: على أية حال نحن بعد الإتفاق النووي، شهدنا الكثير من الشخصيات الاوروبية وعلى اعلى المستويات زاروا ايران، وان فرنسا هي الاخرى اضحت سياساتها العمل على تمتين العلاقات والتنسيق وتطوير التعاون الإقتصادي مع ايران اكثر من ذي قبل، وقد شهدتم ان شركة توتال الفرنسية ارسلت بخبرائها الى ايران، وقبلها عادت شركة "بيجو" لتصنيع السيارات، كما اتفقت مع الشركات الايرانية على تصدير30% من فائض الصناعات المشتركة للخارج، كل هذه الظروف اوجدت ظروفا جديدة جعلت فرنسا في طليعة الدول الاوروبية لتوسيع نطاق التعاون مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، خاصة وانها لديها علاقات ووشائج تاريخية وثقافية مع ايران أكثر من الدول الاخرى.

س: كلمة الرئيس روحاني في الرد على خطاب ترامب كيف تقيمها؟

ج: على أية حال ان قول الرئيس روحاني، بأن "ايران ستتخذ القرار المناسب، في الوقت المناسب"، هي عبارة واضحة لاغبار عليها، أي ان كل الخيارات ستكون مطروحة على الطاولة، فإذا ما قرر الامريكيون إبطال مفعول الإتفاق النووي، الاتفاق الذي نص على إلغاء العقوبات عن ايران، وأرادوا إعادتها ثانية، حتى لوكان بشكل ثنائي بينها وبين ايران، نظرا للهيمنة التي تملكها واشنطن على البنوك والمصارف والشركا الاوروبية، وتفرض عليها عقوبات ومقاطعات بسبب تعاونها مع ايران، فمن الطبيعي لايمكن لإيران ان تقبل بذلك. اذا كلمة الرئيس روحاني في الدفاع عن حرس الثورة الاسلامية كانت في غاية الجودة، كما تعرض للأمريكيين انفسهم الذين يدعمون الارهابيين في المنطقة، وأشاد بالخطوات المنعِشة لحرس الثورة الاسلامية في المنطقة، إضافة الى تطرقه لسياسة امريكا ازاء الاتفاق النووي، وايضا موقفه الصلب امام تحريف الحقائق التاريخية فيما يخص الخليج الفارسي من قبل ترامب، واستخدامه تسمية مزورة غير التسمية المعروفة في العالم والاوساط الدولية والامم المتحدة.

س: ما هو ردكم على خروج أمريكا من الاتفاق النووي؟

ج: تعلمون اننا لدينا هيكلية فيما يخص الاتفاق النووي، فهناك هيئة مختصة بالاشراف على تطبيق الاتفاق، وتضم شخصيات من اعلى مستويات مراكز اتخاذ القرار في البلاد، وهؤلاء تماشيا مع تطورات الساحة يعقدون اجتماعات يتطرقون خلالها لما يتم على ارض الواقع، ويحللون الامور ويدرسونها من كل جانب، ويقررون ما يجب تقريره في الوقت المناسب، إذا قد يكون من المبكر التنبوء بما قد يحدث،أوأن نتحدث اي قرار صارم قد تتخذه اللجنة المختصة للاشراف على الاتفاق. خاصة وان الكونغرس هو الآخر لديه شهران ليدرس الامر، وماذا سيكون الرد الايراني ازائه، لكني اعتقد، إذا ما اتجهت امريكا باتجاه فرض أي عقوبات جديدة على ايران، عندها لم نكن نتبع نفس الطرق السابقة إزاء امريكا. ومن الطبيعي ان ايران ستتخذ قرارات تتناسب والخطوات التي تتخذها امريكا في حينها.

س: خطاب ترامب كان يركز على الوضع الاقليمي.. ولم يقل ان ايران انتهكت نص الاتفاق بل اتهمها بنقض روحه؟!

ج: إن لم تكن تلبي طلب استنجاد سوريا لمكافحة الارهابيين، فمما لاشك فيه،كنا نشهد اليوم ليبيا اخرى في المنطقة، بل اكثر منها تمزقا من الناحيتين السياسية والأمنية، في كل من سوريا والعراق. فالدور الذي قام به حرس الثورة الاسلامية، حتى في اقليم كردستان العراق، وعندما وصلت فلول داعش الى مسافة 35 كيلومترا عن اربيل، اتصل مسعود البارزاني نفسه بإيران مباشرة،وكان قلقا جدا، وطلب العون منها، وفي الحقيقة نحن حتى الاقليم ساعدناه ومنعنا سقوطه او سقوط جزء منه بأيدي الدواعش، إذا هذه حقيقة، مكانة الجمهورية الاسلامية وعلاقاتها مع دول وشعوب المنطقة، وحتى الامريكيين يعلمون بذلك، ويعرفون جيدا مدى تأثير الدور الايراني في المنطقة، وعلينا ان لاننسى، ان ما تزعمه امريكا من تدخل ايران في دول المنطقة، يعني بالضبط، مساعدتها لدول المنطقة كي لاتنهار امام زحف فلول داعش، لان اميركا هي التي تستفيد من إنهيار الامن والسلام في دول المنطقة.فعلى سبيل المثال على الناتو ان يوضح للعالم لماذا وصلت الامور في ليبيا الى ماهي عليه الآن؟ لأنهم هم الذين هاجموا ليبيا، وفي الحقيقة هم قاموا بهذه الجرائم، وارادوا ان يكرروها في سوريا والعراق، وخاصة ان امريكا كانت قد خسرت الحرب في العراق، فقامت بإشعال فتيل حرب نيابية في سوريا، وقامت بتجميع عشرات الآلاف من الارهابيين ومن شتى انحاء العالم، وارسلتهم الى سوريا وعملت على تسليحهم وتدريبهم، يعني في الحقيقة كنا نشهد تكرار حالة ليبيا في منطقتنا إن لم تتدخل ايران وتمنع من تمدد الدواعش. لأن الامريكيين لايضرهم شيئ اذا ماتبعثرت دول العالم الاسلامي أو ان تغرق في الفوضى.

س: لكنهم يخافون من اقتراب القوات الايرانية من حدود فلسطين المحتلة.....

ج: نحن أعلنا مرارا وبكل صراحة بأننا نمد المقاومة بالسلاح، وان سوريا هي الخط الاول لجبهة المقاومة، فهل تعلمون لماذا تتعرض سوريا لمثل هذه الضغوط؟ لأنها لم تتماشَ مع الأهواء الامريكية وأهواء الكيان الصهيوني، وانها تقف بكل شجاعة وصمود لتدعم المقاومة بما فيها حزب الله وحركتي الجهاد الاسلامي وحماس، وانهم يعلمون ان سوريا منذ سنوات تدعم قوى المقاومة هذه. فإنهم يعلمون جيدا، ان في عدوان الكيان الاسرائيلي على لبنان في تموز 2006، وبالرغم من انهم كانوا يدَّعون ان الجيش الاسرائيلي هو رابع اقوى جيش في العالم، لكنه لم يتمكن من القضاء على حزب الله لبنان. واعترفوا بهزيمتهم في تلك الحرب التي استمرت لثلاثة وثلاثين يوما والتي اعتُبرت علامة على ضعف وإنهيار الكيان الصهيوني امام قوات حزب الله لبنان. وقد تكررت هذه الهزائم في العدوان الاسرائيلي الاول على قطاع غزة عام 2008 والذي استمر لثمانية أيام،والحرب الثانية التي استمرت لإثنين وعشرين يوما، والحرب الثالثة على القطاع التي استمرت لواحد وخمسين يوما، وفي كل تلك الحروب كانت امريكا هي المنهزمة في الحقيقة، ولم تتمكن من فعل اي شيئ آخر. اذاً الموضوع واضح جدا إزاء الحساسيات التي تبديها امريكا من حرس الثورة الاسلامية ودوره في المنطقة وبالتالي الدور الذي تلعبه ايران في المنطقة.

س: نشاهد اصطفافات جديدة في المنطقة، مثل ايران وتركيا تقتربان في الكثير من الملفات.. ما هي طبيعة المرحلة القادمة؟

ج: يمكن ان نضيف دولة قطر الى هذين البلدين أيضا، لأن قطر كانت ضمن تشكيلة دول مجلس التعاون، وكانت تعاضد السعودية، وكانت تساعد الجماعات المسلحة في سوريا، لكن اليوم عندما تستمع الى تصريحات المسؤولين القطريين، او حتى الصحف القطرية، فإنك لم تسمع من مواقع ايرانية تصف آل سعود بالخيانة، بل ان هذه التسميات اضحت في العناوين الرئيسية للصحف القطرية، فقطر تغيرت كثيرا، وهذه حقيقة لايمكن التغاضي عنها، والسعودية لم تكن تصدق ما تراه اليوم يصدر من قطر. فقد ارتكبت نفس الخطأ الذي ارتكبته ازاء اليمن. وكانت السعودية تتصور أنها يمكن ان تُنهي ملف اليمن خلال شهرين فقط، لكنها اليوم وبعد مرور أكثر من عامين، تعاني من تورطها في الوحل اليمني. لان الشعب اليمني الآن يقاوم العدوان السعودي بأيد خالية، وقطر الآن تعمل نفس الشيئ. ويمكن ان تكون هذه القاعدة عامة وشاملة. أي ان تركيا عندما تصل الى حالة اليأس من الانضمام للاتحاد الاوروبي، وأمريكا كذلك تتحفظ عليها، فعند ذلك من الطبيعي ان تُرجِّح تركيا ان تقترب اكثر من بلد اقليمي متنام، مثل الجمهورية الاسلامية الايرانية، من اجل المحافظة على مصالح تركيا ومكافحة الإرهابيين، ومن اجل ذلك، ارى إن التئام هذا التكتل السياسي في المنطقة يُعتبر تطورا هاما، وهذا هو الحال مع قطر وتركيا حاليا، واعتقد ان الامر سيشمل سوريا بالترتيب ايضا وستنضم الى هذا التكتل في المستقبل.

س: طبيعة علاقتكم حاليا مع قيادة اقليم كردستان العراق؟

ج: نحن قبل هذا الحدث الذي حدث(اي استفتاء الانفصال)، كنا قد تحدثنا مع مسعود البارزاني عشرات المرات، وقلنا له انك تسير نحو الخطأ، لأنكم وقياسا مع كل سكان العراق، تستفيدون اكثر من باقي سكان العراق من ميزانية البلاد، فأكثر من 17% من كل الميزانية تحصلون عليها، وهذه نسبة لايُستهان بها، اضف الىذلك انكم تسيطرون على الحدود، ولكم نشاطات اقتصادية مستقلة، ولديكم مطار دولي، والكثير من الامتيازات الاخرى، لكنه لم يقتنع بكل هذا الكلام. وأعتقد انه إنخدع بمواعيد الكيان الصهيونيالمعسولة، الذي اكد له اذا ما قام باجراء الاستفتاء، واعلن الانفصال، فإن الكثير من الدول ستتقاطر على اقليم كردستان، إلا اننا نرى اليوم اي بلد لم يتقدم باتجاه الاقليم، وهذا يعني أن مسعود ارتكب خطأ استراتيجيا تاريخيا، وان عدم ترحيب دول العالم بما حدث في شمال العراق يؤكد أن ما حدث كان نتيجة تقيمٍ خاطئ من اوضاع المنطقة، واعتقد ان التنسيق بين ايران والعراق وتركيا يمكنه التصديلهذه المؤامرة الصهيونية التي حدثت في شمال العراق، وايقافها عند حدها.

س: اجراءات الجمهورية الاسلامية وتركيا هناك من يشكك بها.. والحديث هنا عن الأكراد؟

ج: ألا تعتقدون ان اخباركم فيها شيئ من المبالغة، فوزير خارجيتنا لم يذهب بشكل مباشر الى مطار اربيل، بل ان طائرته نزلت في مطار بغداد اولا، ومن ثم طارت الى اربيل في رحلة عراقية داخلية، وفي ذلك معنى كثير. في الحقيقة نحن حتى قبل ان تطلب منا الحكومة العراقية تعليق الرحلات الجوية الى اقليم كردستان العراق، كنا قد اوقفنا رحلاتنا الى اربيل، وحتى المحروقات لم نرسلها الى هناك. وقد يكون هذا الامر يتم بشكل بطيئ من قِبَل تركيا لأنها تحصل على مبالغ ضخمة جراء التواصل الإقتصادي مع اقليم كردستان العراق. على أية حال فإن هذا القرار يمكن ان يؤثر على تغيير ذلك القرار الخاطئ الذي اتخذه مسعود البارزاني، حيث اصبح الأكراد انفسهم يحتجون على البارزاني ويقولون له انك استبدلت اقليمنا الذي كان هادئا بإقليم تحيط به المخاوف والتحديات. إذا اعتقد ان الظروف الحالية تسير لصالح دول الجوار التي تتعاون فيما بينها، كما اعتقد انهم اجروا استفتاء آخر في عام 2005على مايبدو، لكهنم لم يتوصلوا الى اي نتيجة تذكر، إذا هذه المرة يمكن ان تكون النتيجة كالمرة السابقة، لأن وحدة التراب والسيادة العراقية بالنسبة لنا امر مهم جدا، وعلينا ان لانسمح بتقسيم هذا البلد في اطار مؤامرة صهيونية.

س: سؤال بعنوانك الشخصي هناك تحشيد لقوات الحكومة المركزية في كركوك وفي الطرف المقابل من قبل قيادة الإقليم، هل سيحصل صدام بين الطرفين؟

ج: ان كركوك هي الاخرى كانت تعرضت لازمة احتلالها من قبل جماعة داعش، والعمليات التي جرت في الحويجة تؤكد ذلك، وما اعلنه الجيش العراقي بشكل رسمي، انهم لاينوون شن اي هجوم عسكري فلي كركوك، لكن ان عمليات تمشيط وتطهير المنطقة من العناصر الدخيلة ستستمر، ويجب ملاحقة فلول داعش اينما كانوا، إذا على أقل تقدير ان حدوث اي مواجهة عسكرية يبقى إحتمالا بعيدا. أنا لا اقول قد لايحدث صدام عسكري، خاصة وان العقود السابقة تؤكد حدوث مواجهات عسكرية بين الحكومات المركزية والاكراد، لكننا نأمل ان لا تصل الامور الى تلك الظروف، ويتم حلحلة الازمة بطريق عقلاني وبمساعدة دول الجوار.

س: موقفكم لو حصل هذا الصدام؟

ج: من الطبيعي في مثل هذه الظروف، وبما ان الاقليم هو جزء من الأرض العراقية، وان الجيش العراقي قد حصل على الكثير من الخبرات والطاقات في السنوات الاخيرة، أنا اعتقد انهم لن يحتاجوا لتدخل بلد اخر لصالحهم، لكننا وللمحافظة على وحدة الارض العراقية، لن نألوا اي جهد في هذا الاطار.

س: حتى التدخل العسكري؟

ج: لو دققتم، لماذا حضر مستشارونا في العراق؟ ... الحكومة العراقية طلبت منا ذلك، ... لأن طلب الحكومة العراقية طلب مشروع، ويمكن تلبيته، مع الأخذ بنظر الإعتبار اننا لنا علاقات ودية وقوية مع اكراد العراق، والعراق نفسه، وكنا ولانزال جنبا الى جنب في هذه المنطقة وتطوراتها، ولا نرغب ان اي طرف من الاطراف يذهب الى الجهة الاخرى، لأن الكثير من العلاقات تنهدم في الحروب، إذا نحن سياستنا تتبلور في العمل على حلحلة المشكلة دون وقوع اي مواجهة، ونعطي الحق للحكومة العراقية بأن تستخدم كافة الخيارات المطروحة، للمحافظة على وحدة الأرض العراقية.

س: سوال اخير، هل تعتقد ان المنطقة تسير نحو التصعيد خلال الشهرين القادمين؟

ج: بالتأكيد ان داعش ستواصل افولها واندحارها من المنطقة، واعتقد ان قضية داعش يجب ان نفصلها عن كل تطورات واحداث المنطقة، لكن على اية حال لا أميركا تترك المنطقة، ولا الكيان الصهيوني، فإنهما سيواصلان افتعال الازمات في المنطقة بشكل مستمر. ولا نسبتعد ان نشهد تصعيدا في التوتر وتأزيم اوضاع المنطقة، رغم ان داعش تواصل افولها وهزيمتها في المنطقة، وفي نفس الوقت ما تفضل به الجنرال سليماني، أنه امر لم يكن بعيد المنال، بل انه اصبح امر وشيك جدا.

س: عفوا عدم الاستقرار اين تقصده؟

ج: اقصد استتباب الامن والسلام في المنطقة بشكل عام.

س: هل هناك بلدان معينة، ستكون غير مستقرة؟

ج: إذا كانت الحكومة العراقية اقوى مما هي عليه الآن، لأن احدى الاسباب التي ساقت مسعود البارزاني لاجراء استفتاء الانفصال، انه كان يعتقد ان الحكومة العراقية اصبحت في اضعف حالاتها، فهذه التصورات يجب ان تتغير، لأني اعتقد ان الحكومة العراقية لم تكن كما يعتقد البارزاني ومن دفعوه لاجراء استفتاء الانفصال، فالحكومة العراقية حققت نجاحات باهرة في الآونة الأخيرة، مثل تحرير الموصل، وتطهير المناطق المحررة من فلول جماعة داعش وعملائها، ومكافحة الارهابيين بشكل عام، فضعف الحكومة العراقية لم يكن انعكاسا لما هو على أرض الواقع، لكن تحليلاتهم صوَّرت الامور لهم بهذا الشكل، ما دفعهم لإرتكاب هذا الخطأ الاستراتيجي التاريخي، إذا علينا جميعا ان نساعد حكومة الرئيس بشار الاسد والحكومة العراقية لتكونا قويتان يوما بعد آخر، ليبقى هذان البلدان آمنان ومستتبان.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 17 أكتوبر 2017 - 09:01 بتوقيت مكة