فقد أشار مقال في صحيفة إندبندنت إلى ما توصلت إليه السلطات الأميركية من أن الذي نفذ المذبحة التي قتل فيها 58 شخصا لم يكن إسلاميا، وأن محاولة تنظيم الدولة تبني مسؤوليتها كانت زائفة.
ولكن هذا الأمر -كما قال كاتب المقال كيم سنغوبتا- لا يجعل المهمة التي يواجهها مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) أسهل، وهو يصارع مع التحقيق في الارتفاع الدرامي لإرهاب اليمين المتطرف الذي انطلق خلال رئاسة دونالد ترمب وانتصار لوبي الأسلحة بفضل دعم الرئيس.
وأشار الكاتب إلى أن صعود الجماعات اليمينية المتطرفة دون إدانة تذكر ضدها من ترمب يزيد من عبء "أف بي آي" ووكالات القانون الأخرى، كما أن ترمب يلعب دورا مهما في القضية الحرجة في قلب هذه المأساة المروعة، ألا وهي قدرة بعض الأفراد على جمع الأسلحة النارية في أميركا.
وختم الكاتب بأن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي كشف أمام لجنة مجلس الشيوخ أن أكثر من ألفي قضية إرهاب قيد التحقيق حاليا، وأن هذا العدد يكاد يكون موزعا بالتساوي بين أعمال المتطرفين الإسلاميين واليمينيين المتطرفين، مما يزيد من صعوبة مهمة مكتب التحقيقات.
وفي السياق علق الكاتب مصطفى بيومي أستاذ اللغة الإنجليزية في كلية بروكلين بجامعة سيتي بنيويورك، بأن ستيفن بادوك مسلح لاس فيغاس يبدو أنه يلائم كل تعريف للإرهابي. وقال إن الولايات المتحدة تكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بالحديث عن الإرهاب، وإن هذه التسمية تكاد تكون محفوظة حصرا للمسلمين عندما يكون الحديث عنهم.
وانتقد الكاتب عدم وصف السلطات بادوك بالإرهابي حتى الآن بالرغم من أن تصرفاته تتفق بوضوح مع التعريف القانوني للإرهاب في ولاية نيفادا، الذي يعرف الإرهاب بأنه "أي عمل ينطوي على استخدام أو محاولة استخدام التخريب أو الإكراه أو العنف الذي يقصد به إحداث ضرر جسدي كبير أو الوفاة لعامة السكان". وقال مستهجنا إذا كان تعريف قانون الولاية للإرهاب لا ينطبق على هذه المذبحة، "فلا أدري ما الذي ينطبق عليه".
وألمح بيومي إلى أنه بالرغم من عدم وصف بادوك بالإرهابي صراحة كما جاء في المؤتمر الصحفي لعمدة مقاطعة كلارك كاونتي جو لومباردو، مما يوحي بأن كل الإرهاب ذو طبيعة أجنبية، فإنه سماه "ذئبا منفردا"، ووفقا للمعجم الأميركي فإن هذه التسمية الخاصة تُستخدم "للرجل الأبيض الإرهابي".
وأضاف أن ترامب -الذي ينتهز كل فرصة ليتفوه بعبارة "الإرهاب الإسلامي المتطرف"- تجنب أي إشارة إلى كلمة "إرهابي" عند مناقشة الأحداث المأساوية لليلة الأحد، واستبدلها بعبارة "عمل شرير محض".
واستطرد الكاتب ذاكرا أنه حتى بموجب التعريف الفدرالي الأدق للإرهاب، فإن هذا الهياج القاتل يجب أن ينطبق عليه، حيث إن القانون الاتحادي يعرّف "الإرهاب المحلي" جزئيا بأنه "الأنشطة التي يبدو أنها تهدف إلى التأثير في سلوك الحكومة بدمار شامل". ولذلك من الصعب -إن لم يكن مستحيلا- فهم كيف أن ارتكاب إحدى أكبر عمليات إطلاق النار الجماعي في التاريخ الأميركي ليست "تهدف إلى التأثير في سلوك الحكومة".
وقال إن أحد أسباب كون اتهام البيض بالإرهاب أقل تواترا من اتهام المسلمين في الولايات المتحدة -بعيدا عن العنصرية الصريحة- يكمن في حقيقة غير معروفة لكثيرين، وهي أنه على الرغم من أن القانون الاتحادي يعرّف "الإرهاب المحلي"، لكنه لا يقننه كجريمة فدرالية، وهذا الأمر مبعثه جزئيا القلق من أن مثل هذا القانون يمكن أن يقطع شوطا طويلا نحو تجريم حرية الفكر وامتهان التعديل الأول للدستور.
وختم الكاتب بأنه ينبغي أن تعي الحكومة -أثناء حماستها لجعل البلاد آمنة من التهديدات الخارجية- أنها بهذا الأسلوب تمكّن التهديدات المحلية من الانتشار، ويجب أن نأمل أن ترى هذه الإدارة بالتحديد تحذيراتنا على أنها تنبيه وليست خطة.
من جانبها اعتبرت صحيفة "تايمز" ستيفن بادوك أكثر رعبا من زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، وأن قسوته كابوس سيطارد أميركا أكثر من أي متعصب قاتل له أيديولوجية، لأن هناك من هو على شاكلته يشعر بأنه "مخلوق مشرد تماما دون جذور في الأمة والمنطقة والطبقة، ولا يستطيع تحمل ذلك. وما لا يستطيع تحمله لا يعرفه"، كما كتب الناقد اليهودي الأميركي إيرفينغ هويه عام 1963 عن لي هارفي أوزولد قاتل الرئيس جون كيندي.
المصدر : الصحافة البريطانية