شاركوا هذا الخبر

أستاذ الجامعة في باريس لقناة الكوثر:

محور المقاومة.. قلب الوحدة الإسلامية وحماية الهوية ضرورة استراتيجية

أكد المفكر التونسي وأستاذ الجامعة في باريس، "عماد الدين الحمروني"، في مقابلة حصرية مع قناة الكوثر أن الوحدة الإسلامية كانت دائماً قانوناً إلهياً منذ عهد الأنبياء، وأن تعزيز الروابط الثقافية والإعلامية والتعليمية بين الشعوب الإسلامية يشكل الضمانة الأساسية لحماية الهوية الإسلامية، مشيراً إلى أن محور المقاومة يمثل قلب هذه الوحدة ويجمع القيادات الروحية والثقافية والعسكرية لمواجهة الاستكبار العالمي.

محور المقاومة.. قلب الوحدة الإسلامية وحماية الهوية ضرورة استراتيجية

الکوثر - مقابلات

اعتبر "عماد الدين الحمروني"، المفكر التونسي وأستاذ الجامعة في باريس، أن الوحدة الإسلامية كانت قانوناً إلهياً قائمًا منذ بعثة الرسل والأنبياء، شأنها شأن التباين والاختلاف وتعدد الآراء والتوجهات. ورأى الحمروني أن سيرة الأنبياء والأوصياء عبر التاريخ أكدت أهمية وحدة الجماعة والأمة المؤمنة، حيث كانت أغلب تضحياتهم للحفاظ على هذا البناء والهيكل المقدس، أي وحدة أهل الإيمان في مواجهة أهل الشرك والكفر.


أشار "الحمروني" إلى أن أنبياء أولي العزم وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد حرصوا على بناء وصيانة وحدة المسلمين، مقدمين أنفسهم وذرياتهم شهداء من أجل ديمومة هذه الوحدة. ورأى أن حروب الإمام علي والإمامين الحسن والحسين (عليهم السلام) كانت دفاعاً عن الوحدة الإسلامية، مستشهداً بالقرآن الكريم: "إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونَ وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ ۖ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ..." (سورة الأنبياء).

إقرأ أيضاً:

وأشار الاستاذ في جامعة باريس إلى أن الاستعمار الغربي وعلوه المادي أدى إلى تفكك عرى الوحدة الإسلامية، وظهور الطورانية والتيارات القومية والإلحادية، وانقسام الأمة إلى قوميات وإثنيات وطوائف، وهو ما حرص المستعمر البريطاني والفرنسي على تغذيته عبر الاستشراق والاستغراب، وبث حركات وشخصيات تدعو إلى الحداثة والعلمانية ونبذ القرآن والإيمان، ورسم خرائط جديدة لتثبيت الانقسام.


وأوضح "الحمروني" أن انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام السيد روح الله الخميني قدّس سره الشريف أعلن قيام الجمهورية الإسلامية، وأكد على واجب تحرير فلسطين والالتزام بالوحدة الإسلامية كتكليف شرعي لكل العاملين في هذا الخط المبارك. وأكد أن محور المقاومة اليوم يمثل قلب الوحدة الإسلامية، حيث يضم ملايين الأتباع وأهم القيادات الروحية والعسكرية والثقافية والعلمية، وخاض كل أنواع الحرب على مدى نصف قرن.


ورأى المفكر التونسي أن الوحدة الإسلامية مشروع حضاري يمهّد لقيام حكم المستضعفين في الأرض، مستشهداً بالآية: "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين..."، مؤكداً على ضرورة وضع المفاهيم الثقافية المناسبة لتنوع الأمة فقهياً وإثنياً وثقافياً، وتشجيع المبادرات السياسية والاتفاقيات الاستراتيجية بين كبرى القوميات
وشدد" الحمروني" على أن "الإمام الخميني" قدس سره أسس النواة الأولى للأمة في إيران كمركز للحضارة الإسلامية القادمة، وأن الإمام القائد "السيد علي الخامنئي" دام ظلّه بنى محور الأمة وقدم قياداته وأعوانه شهداء على طريق القدس، وشيد مع الشباب المؤمن جمهورية إسلامية قوية رغم الحروب والحصار، تُرعب أعداء الله والأمة الإسلامية.


وأشار أستاذ الجغرافية السياسية في جامعة باريس إلى دور المؤسسات العلمية والثقافية التي أنشأها الإمام الخامنئي دام ظله في تقريب المدارس والمذاهب الفقهية، وبناء روابط التواصل مع العلماء والمفكرين والمثقفين عبر العالم الإسلامي، لمواجهة الهجمة الاستعمارية والتخفيف من حدة الاختلافات.


وأكد "الحمروني" أن الأمة الإسلامية عاشت تجربة مريرة على مدى عقدين في مواجهة التكفيريين في شمال إفريقيا ومصر ودول الساحل ونيجيريا، وصولاً إلى حروب القاعدة وداعش في العراق وسوريا ولبنان واليمن. ولهذا، رأى ضرورة تطوير المناهج وإنتاج أعمال ثقافية وفنية ورياضية، وإنشاء مؤسسات اقتصادية ومالية وتجارية مشتركة لخدمة تمتين أواصر الوحدة الإسلامية.


وأشار الاستاذ الجامعي إلى الدور البارز للمؤسسات الإعلامية في صيانة وترويج المفاهيم والمصطلحات وخلق رأي عام منتمي للأمة الإسلامية بتنوعاتها الإثنية والثقافية والفقهية، مؤكداً أن قوة العدو تكمن في مؤسساته الإعلامية الضخمة، وأنه يجب تطوير مؤسساتنا الإعلامية لمواكبة عالم الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الاتصال الحديثة، وصناعة محتوى ملائم بلغة كونية جامعة.


واستذكر "الحمروني" مؤسسة الكوثر منذ نشأتها، التي سعت لبث الثقافة الإسلامية وتشجيع التقريب بين المذاهب، والتعريف بالتاريخ والحضارة الإسلامية. ورأى أن اليوم يجب إنشاء مجموعة الكوثر الإعلامية متعددة الاختصاصات، والاستعانة بأفضل الحرفيين والتقنيين لإنتاج برامج تخاطب العالم بلغة فنية وعلمية راقية.


وأكد المفكر التونسي أن كلمة "التعايش" غير دقيقة داخل المجتمعات المسلمة، فالعلاقات بين المسلمين يجب أن تقوم على الرحمة والمودة والأخوة. وأشار إلى تجربة شعوب شمال إفريقيا في مواجهة التطرّف والمذهبية الدينية، رغم قدرة الوهابية على اختراق الهوية الإسلامية منذ التسعينيات، وظهور السلفية الجهادية والتكفيرية في الجزائر وتونس وليبيا والمغرب، مشيداً بالمقاومة الشجاعة لشعوب المغرب الكبير، وبالأصالة الإسلامية القائمة على الوسطية وعراقة المؤسسات الدينية، مثل جامع الزيتونة بتونس وجامع القرويين بفاس، ونشر الإسلام في أوروبا وكندا وإفريقيا والدفاع عن الهوية الإسلامية والحجاب.


واختتم "الحمروني" بالتأكيد على أن شعوب شمال إفريقيا وغيرها من المجتمعات الإسلامية ليست أقليات، بل مكوّنات متعددة لهوية واحدة، تجمعها وحدة الإسلام لا المذاهب، وأن هذه الشعوب تولت نشر الإسلام اليوم والدفاع عن القرآن والهويّة الإسلامية في مختلف أنحاء العالم.


أجرت الحوار: الدكتورة معصومة فروزان

أهم الأخبار

الأكثر مشاهدة