شاركوا هذا الخبر

عراقجي: الوصفات المستوردة والقرارات العابرة للمنطقة لا تُفضي إلى الاستقرار في أي بلد

انطلقت أعمال الاجتماع المعني بمناقشة تطورات أفغانستان، اليوم الأحد، بمشاركة دول الجوار والمنطقة، بهدف الحوار وتبادل وجهات النظر بشأن المستجدات الأفغانية.

عراقجي: الوصفات المستوردة والقرارات العابرة للمنطقة لا تُفضي إلى الاستقرار في أي بلد

الكوثر_ايران

الممثلين الخاصين لدول الجوار الأفغاني اجتمعوا صباح اليوم الأحد باستضافة وزارة الخارجية الإيرانية، لبحث ومناقشة أبرز وأحدث التطورات المرتبطة بأفغانستان والمنطقة.

وشارك في هذا الاجتماع ممثل رئيس وزراء باكستان، وممثلو رئيسي جمهوريتي روسيا وأوزبكستان، إلى جانب ممثلي وزارات خارجية كل من الصين وطاجيكستان وتركمانستان.

اقرأ أيضا:

بقائي: الكيان الصهيوني يركز على قتل أكبر عدد ممكن من الأطفال باستخدام تقنيات شركات الأمريكية

الادميرال إيراني: ما ينبثق من البحر قائم على الجهد والمعرفة والإيمان

وفي مستهل الاجتماع، استعرض وزير الخارجية الإيراني، سيد عباس عراقجي، أهم رؤى طهران حيال أفغانستان، وكذلك تطورات منطقة جنوب آسيا. وفيما يلي النص الكامل لكلمة وزير الخارجية:

أصحاب المعالي،

السادة الممثلون الخاصون لشؤون أفغانستان،

الضيوف الكرام،

السيدات والسادة،

يسعدني في البداية أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لكم على مشاركتكم في هذا الاجتماع. إنه لشرف كبير أن ألتقي اليوم بممثلي دول لا تُعدّ فقط جارة لأفغانستان، بل تُعد كذلك شركاء في مصير هذه المنطقة. إن حضوركم في هذا الاجتماع يشكل دليلاً واضحاً على إرادتنا المشتركة لتعزيز السلام والاستقرار والازدهار في الإقليم.

إن أفغانستان بلد يمتلك أرضاً وشعباً كريماً، ويتمتع بإمكانات فريدة، وقد اضطلع عبر التاريخ بدور حلقة الوصل بين المناطق المحيطة به، كما يختزن طاقات هائلة في المجالات الاقتصادية والبشرية والعبورية والطبيعية.

ويضع الموقع الجيوـاقتصادي لأفغانستان هذا البلد في قلب شبكات التواصل بين آسيا الوسطى وغرب آسيا وجنوب آسيا، ومن هذا المنطلق فإن استقرار أفغانستان وتنميتها لا يمثلان ضرورة إنسانية فحسب، بل يشكلان أيضاً متطلباً استراتيجياً لكامل المنطقة.

لقد أثبتت تجربة العقود الماضية بوضوح أن الأمن والتنمية والرفاه في أفغانستان يرتبط ارتباطاً مباشراً بمصالح جميع دول الجوار؛ ومن ثمّ ليس من المبالغة القول، كما عبّر عن ذلك الشاعر الباكستاني الناطق بالفارسية محمد إقبال اللاهوري، إن المستقبل المشترك لمنطقتنا مرتبط بمستقبل أفغانستان.

يُعقد هذا الاجتماع بهدف إجراء المشاورات والحوار بين دول المنطقة بشأن أحد أهم القضايا الإقليمية، ويُعقد للمرة الأولى على هذا المستوى. ومن الطبيعي أن تحظى مسألة أهمية التقارب الإقليمي وتحسين الأوضاع العامة للمنطقة في مواجهة التحديات القائمة باهتمام الدول المشاركة في هذا الاجتماع. ويُعدّ إرساء الاستقرار والأمن في المنطقة، والسعي إلى إدماج أفغانستان في المسارات السياسية والاقتصادية الإقليمية، وتعزيز مبدأ الالتزام وتحمل المسؤولية الجماعية، وأخيراً بناء الثقة في العلاقات بين مختلف الدول على أساس سلوكها، من القضايا التي يمكن أن تسهم بشكل بنّاء في بلورة إجماع عام في المنطقة.

وقد أكدت إيران، بصفتها جاراً تاريخياً لأفغانستان وشريكاً قريباً لشعبها، على الدوام ضرورة الإدماج الشامل لأفغانستان في محيطها الإقليمي.

ونحن ملتزمون بمبدأ مفاده أن التطورات والتحديات الإقليمية لا يمكن إدارتها وحلها إلا من خلال الحوار البنّاء، والمشاركة الفاعلة لجميع الدول، والالتزام الكامل بمبادئ الاحترام المتبادل، والاستفادة من الآليات المحلية، وتعزيز أشكال التعاون المستدام بين دول المنطقة.

وفي هذا الإطار، فإن تعزيز التقارب الإقليمي لا يسهم فقط في رفع مستوى الأمن والاستقرار الجماعي، بل يوفّر أيضاً أرضية تحدّ من أي تدخل أو تأثير خارجي، وتجعله محصوراً وقابلاً للضبط خارج إرادة دول المنطقة.

وقد أظهرت تطورات السنوات القليلة الماضية في المنطقة أن المقاربات الخارجية والوصفات المفروضة لا تقود إلى الاستقرار ولا تضمن التنمية المستدامة، فيما تبرز أمامنا تجربة التدخل العسكري وحضور حلف شمال الأطلسي لمدة عقدين في أفغانستان.

إن التركيز المفرط على الحلول ذات الطابع الأمني، وتجاهل النسيج الاجتماعي والثقافي لأفغانستان، وتهميش دور الفاعلين الإقليميين ودول الجوار، وربط الهياكل السياسية والاقتصادية الأفغانية بالارتهان وإفسادها، وأخيراً الانسحاب المتسرع في عام 2021، جميعها مؤشرات على فشل وإخفاق واضحين.

والدرس المهم المستفاد من هذه التجربة واضح: فلا يمكن لأي وصفة عابرة للمنطقة أن تحل المشكلات والأزمات الإقليمية، كما أن الوصفات المستوردة والقرارات الخارجة عن الإطار الإقليمي لا تفضي إلى الاستقرار في أي بلد. وفي المقابل، تتمتع الحلول القائمة على المقاربة الإقليمية بقدرات وإمكانات أكبر لتحقيق التنمية والأمن المستدامين.

وانطلاقاً من هذه التجربة، فإن دول الجوار تمثل الحل الأكثر طبيعية وموثوقية. وعلى هذا الأساس، شددت الجمهورية الإسلامية الإيرانية دوماً على محورية دور الجيران في أي مبادرة تتعلق بأفغانستان، وتعتقد أن دول الجوار، بحكم الروابط التاريخية والثقافية والإنسانية والاقتصادية العميقة التي تجمعها بأفغانستان، تتحمل دوراً أساسياً في تسهيل مسارات التعاون.

وعليه، فإن منطقتنا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى إطار منسق ومستدام للتعاون بشأن أفغانستان؛ إطار يبتعد عن المنافسات الظرفية ويستند إلى تقارب المصالح الجماعية والأمن المشترك.

وفي هذا المسار، نؤكد على الحوار والاحترام المتبادل والتعاون العملي، ونرى أن مستقبل منطقتنا مرهون بتكامل الحكمة الجماعية وتبني نهج مسؤول، وأن التعاون الإقليمي يمكن أن يشكل المحرك الأساسي للاستقرار والازدهار في أفغانستان.

أهم الأخبار

الأكثر مشاهدة