شاركوا هذا الخبر

غزة… صعود من تحت الرماد، وانتصار الارادة على الموت | راديو غزة

من قناة الكوثر الفضائية نرحب بكم. حلقة نروي فيها حكاية ارض لا تشبه اي ارض، وحكاية شعب علم العالم ان الحياة يمكن ان تولد من تحت الركام. هنا… حيث تختلط رائحة البارود بصوت الاطفال، وحيث يتحول الحصار الى ارادة، والدمع الى صمود. في هذه الدقائق، سنمضي معا في رحلة داخل قلب غزة… تلك التي ارادوا لها ان تموت، فابت الا ان تحيا.

الكوثر - راديو غزة
 

لقد اراد الاحتلال لغزة ان تمحى من الوجود، وان ترحل الى الابد، وان تتحول صورتها الى صورة موت مقيم لا حياة فيه، وصمت كثيف لا امتلاء بعده.

اراد ان يجعلها فراغا من الزمن، مدينة دون نبض ولا ذاكرة، وان يبدل طرق الامل فيها الى طرق للموت والدمار، وان يحول دورها وبيوتها المأهولة بالحب والضحكة والصلوات الى خرائب تسكنها ذكريات الفقد لا اصوات الاطفال.

اراد ان يستبدل امل الحياة بامل الموت، موت يتلوه لقاء غامض، ولكنه لم يدرك ان الغزي حين يحاصر بالحزن ينتج حياة اعمق من الفرح نفسه.

ولقد اراد العالم ان يبارك هذا الموت بالصمت، ان يطوي المأساة في ملف دبلوماسي، ولكن ارادة الغزي كانت اكبر من كل هذا الفناء المدبر…

ارادة تختصر جوهر التاريخ الفلسطيني منذ النكبة: تاريخ الصمود والنجاة والقدرة على الاستمرار في وجه الانقطاع التام.

إقرأ أيضاً:

هو التاريخ الذي عاش فيه الفلسطيني على فتات المساعدات، وتنفس من هواء يخنقه الحصار، كما لو كان يسرق انفاسه خلسة، ولكنه لم يتوقف… بل ظل يتنفس كانفاس الارض المتصلة بالتراب والجذور والتاريخ الذي لا يمحى.

ذلك التاريخ الذي قال فيه الفلسطيني – قبل الغزي – انه عصي على المحو، قوي امام الاجتثاث، صابر امام محاولات التهويد، متمسك بكل اشكال المقاومة الممكنة.

وهكذا اصبحت كلمة «فلسطيني» مرادفة للمقاومة… لا في البيانات السياسية فحسب، بل في اللغة اليومية، في الفن، في المدرسة، وفي تفاصيل الحياة البسيطة التي تتحول الى معارك بقاء.
ومن اجمل صور هذا الصمود، اصرار طلاب التوجيهي في غزة على تقديم امتحاناتهم وسط الركام والدموع. وقف هؤلاء الفتية يحملون اقلامهم كأنها اسلحة بيضاء… لم يكتفوا بالنجاة الجسدية من الحرب، بل تشبثوا بمعنى الحياة ليقولوا للعالم: السعادة ممكنة… والاستمرار واجب الوجود.

وبعد صباحات طويلة مثقلة برائحة البارود، جاء صباح النتائج محمولا برائحة المستقبل… مستقبل حاول الاحتلال دفنه تحت اطنان المتفجرات.
فكانت صور الاحتفال ردا صارخا على كل محاولات محو سلاح الفلسطيني ووجوده، رسالة تقول: الفرح فعل مقاومة، ومن يرقص فوق الرماد اقوى ممن يملك اسلحة العالم كله.

فكيف استطاع هؤلاء الطلاب الذين عجز العالم عن حمايتهم ان يقفوا وحدهم في وجه هذا الموت الهائل؟ وباي قدرة حولوا الاوجاع الى سكينة، والسكينة الى نجاح يفيض بالحياة؟
لقد اثبتوا ان المقاومة ليست سلاحا فقط، بل هي قدرة الانسان على تحويل الوجع الى انجاز، والدمار الى جسور لبناء المستقبل.

وبهذا تحولت فرحة نتائج التوجيهي الى صورة نصر رمزي عظيم… نصر لم يرد العدو ان يراه العالم، ولكن الشاب الفلسطيني اصر ان يراه الجميع.
وكان الفلسطيني يقول للعالم: هذه اجيالنا… اجيال صمود، لا خوف. اجيال تعرف لغة واحدة: لغة البقاء.

ان هذا الاصرار الهائل وهذه المقاومة الصامتة لا تجعل من الفلسطيني بطلا اسطوريا… بل تجعله فلسطينيا وحسب.
فان تكون فلسطينيا معناه ان تنهض كلما اسقطتك الجراح، وان تزرع الحياة في ارض كلها موت.
كلمة «فلسطيني» اصبحت اشجع من البطولة، واعمق من الصمود، واثبت من الزمن.

وهكذا… تبقى غزة ليست مكانا فحسب، بل معنى.
تبقى درسا لا ينتهي في الصمود، وشاهدا على ان الارادة اقوى من الجدران، وان الشعب الذي ينهض بعد كل جرح هو شعب ولد ليبقى.
من بين الركام، من بين الحصار، من بين الليل الطويل… يخرج الفلسطيني ليقول للعالم: نحن هنا. نحيا… ونستمر… ونصنع مستقبلا لا يستطيع الاحتلال ان يدفنه.

شكرا لرفقتكم في هذه الرحلة الصوتية… والى لقاء جديد نحمل فيه حكاية اخرى من حكايات البقاء.

أهم الأخبار

الأكثر مشاهدة