الكوثر_العراق
من هو السيد محمد باقر الصدر؟
الشهيد السيد محمد باقر الصدر (1935 - 1980) هو أحد أبرز علماء الدين والمفكرين الشيعة في القرن العشرين. جمع بين الفقه والفلسفة والاقتصاد، وكان مؤسساً لمنهج إسلامي فكري جديد، عبر مؤلفاته الشهيرة مثل فلسفتنا واقتصادنا، التي قدّم من خلالها الإسلام كنظام بديل عن الرأسمالية والاشتراكية.
اقرا ايضا:
لم يكن الصدر مجرد فقيه، بل كان قائداً روحياً وسياسياً مؤثراً، دعم حزب الدعوة الإسلامية وواجه النظام البعثي بكل شجاعة، مما جعله هدفاً مباشراً لبطش صدام حسين.
من هي العلوية بنت الهدى؟
العلوية بنت الهدى الصدر، شقيقة السيد الصدر، كانت من النساء الرائدات في الساحة الفكرية والاجتماعية والدينية في العراق. لعبت دوراً محورياً في تعليم الفتيات ونشر الوعي الديني والاجتماعي بين النساء، وأسست مدارس دينية للفتيات في النجف. كما شاركت في مواجهة الظلم السياسي، ما جعلها أيضاً عرضة للاعتقال والقتل على يد النظام.
لماذا وكيف أُعدِما؟
في نيسان/أبريل 1980، وبعد شهور من الإقامة الجبرية والمضايقات، تم اعتقال السيد الصدر وأخته من قبل أجهزة الأمن التابعة لصدام حسين. تعرّضا لأشد أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، حتى أُعدِما بطريقة وحشية.
تشير مصادر متعددة إلى أن الشهيد الصدر قُتل بعد ضرب مبرح على الرأس والصدر، بينما أُعدمت العلوية بنت الهدى بشكل همجي داخل أقبية المخابرات العراقية، في جريمة هزّت الضمير الإسلامي والإنساني.
كيف تم القبض على الجناة بعد عقود؟بحسب بيان جهاز الأمن الوطني العراقي، فقد تمكّن الجهاز، بعد سنوات من المتابعة والتحقيقات المعمقة، من إلقاء القبض على سعدون صبري وهيثم عبد العزيز، وهما من المشاركين المباشرين في تنفيذ إعدام السيد الصدر وأخته.
وقد أُجريت التحقيقات بإشراف القضاء المختص، حيث جُمعت الأدلة والشهادات التي تؤكد تورطهما في هذه الجريمة النكراء.
تفاصيل المحاكمة والحكم
جرت المحاكمة ضمن إطار العدالة الانتقالية التي يعمل عليها العراق لمحاسبة رموز النظام البعثي. وبعد جلسات محاكمة استُعرضت خلالها الوثائق والشهادات، أصدرت المحكمة الجنائية المختصة حكم الإعدام بحق المدانَين، في خطوة رآها كثيرون أنها تمثل بعضاً من إنصاف التاريخ.
وقد أشاد مراقبون وحقوقيون بهذه الخطوة، واعتبروها بداية لكشف بقية الجرائم التي ارتُكبت بحق العلماء والدعاة والكوادر الفكرية والسياسية خلال حكم صدام.
صدى الجريمة في الإعلام والمجتمع على مدار العقود
لم تغب جريمة إعدام السيد الصدر وأخته عن ذاكرة العراقيين، بل كانت على الدوام رمزاً للمظلومية والبطولة. إذ تُقام سنوياً مراسم إحياء ذكراهما في العراق وإيران ولبنان والعديد من الدول الإسلامية.
وقد طالب مراراً السيد مقتدى الصدر، نجل عائلة الصدر، بالكشف عن القتلة ومحاسبة الجناة، مؤكدًا أن الدم لا يسقط بالتقادم، وأن الشهداء لا تموت قضيتهم ما دام هناك من يحمل رايتهم.
إن صدور حكم الإعدام بحق منفذي جريمة إعدام الشهيد محمد باقر الصدر والعلوية بنت الهدى يُعدّ لحظة مفصلية في تاريخ العراق الحديث، وفرصة لاستعادة كرامة الضحايا ومكانة العدالة.
كما يُعدّ رسالة قوية مفادها أن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، وأن الحق مهما طال انتظاره، لا بد أن ينتصر.