العاشر من ربيع الأول وفاة جدّ رسول الله (ص) عبد المطلب بن هاشم

الثلاثاء 27 أكتوبر 2020 - 21:00 بتوقيت مكة
العاشر من ربيع الأول وفاة جدّ رسول الله (ص) عبد المطلب بن هاشم

مناسبات اسلامية-الكوثر: في العاشر من ربيع الأول رحل الى الرفيق الاعلى جدّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وجدّ الإمام علي(عليه السلام)، شريف قريش وسيّدها أبو الحارث، عبد المطّلب بن هاشم بن عبد المناف.

ولادة عبد المطلب

ولد في يثرب (المدينة المنوّرة)، ولد وفي رأسه شيبة، فقيل له: شيبة الحمد ـ رجاء أن يكبر ويشيخ ويكثر حمد الناس له ـ وقد حقّق الله ذلك، فكثر حمدهم له؛ «لأنّه كان مفزع قريش في النوائب، وملجأهم في الأُمور، فكان شريف قريش وسيّدها كمالاً وفعالاً من غير مدافع».

من أقوال المعصومين(عليهم السلام) فيه

۱ـ قال رسول الله(ص): «قال لي جبرائيل: إنّ الله مشفّعك في ستّة: بطن حملتك ـ آمنة بنت وهب ـ، وصلب أنزلك ـ عبد الله بن عبد المطّلب ـ، وحجر كفلك ـ أبو طالب ـ، وبيت آواك ـ عبد المطّلب ـ، وأخ كان لك في الجاهلية… وثدي أرضعتك ـ حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية».

۲ـ قال الإمام علي(ع): «والله ما عبد أبي ولا جدّي عبد المطّلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنماً قطّ»، قيل له: فما كانوا يعبدون؟ قال: كانوا يصلّون إلى البيت، على دين إبراهيم(ع) متمسّكين به».

إيمان عبد المطلب

كان يؤمن بالله تعالى واليوم الآخر، ويؤيّد ذلك قوله للناس: «لن يخرج من الدنيا ظلوم حتّى ينتقم الله منه ويصيبه عقوبة، إلى أن هلك رجل ظلوم ومات حتف أنفه، ولم تصبه عقوبة، فقيل لعبد المطّلب ذلك، ففكّر ثمّ قال: فوالله إنّ وراء هذه الدار داراً، يجزى المحسن بإحسانه، والمسيء يعاقب على إساءته».

قال الشيخ المفيد(رحمه الله): «اتّفقت الإمامية على أن آباء رسول الله(ص) من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطّلب مؤمنون بالله عزّ وجل موحّدون له.

واحتجّوا في ذلك بالقرآن الكريم والأخبار، قال الله عزّ وجل: (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ). وقال رسول الله(ص): لم يزل ينقلني من أصلاب الطاهرين، إلى أرحام المطهّرات حتّى أخرجني في عالمكم هذا».

موقفه من أصحاب الفيل

عندما جاء "أبرهة الأشرم" لهدم الكعبة في حادثة أصحاب الفيل، قابله عبد المطّلب وطلب منه أن يردّ عليه إبلاً له أخذها الجيش، فقال أبرهة: ألا تطلب منّي أن أعود عن هدم البيت ـ الكعبة ـ؟! فأجابه عبد المطّلب بكلمة الإيمان الراسخ: «أنا ربّ الإبل، وإنّ للبيت ربّاً سيمنعه… فقال عبد المطّلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة:

يَا رَبِّ لا أرْجُو لَهُمْ سِواكا  **  يَا رَبِّ فَامنَعْ مِنهُمُ حِمَاكا

إنَّ عَدوَّ البَيتِ مَن عَادَاكا  **  اِمْنَعهُمُ أنْ يُخرِبوا قُرَاكا

ثمّ عقّب بقوله: يا معشر قريش، لا يصل إلى هدم هذا البيت، فإنّ له ربّاً يحميه ويحفظه، فأهلك الله أبرهة وجيشه، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في سورة الفيل بقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مّأْكُولٍ.

سنن عبد المطلب قبل الاسلام

قد سنّ كثيراً من السنن التي أقرّها الإسلام: كقطع يد السارق، وفرض الدية مائة من الإبل، والوفاء بالنذر، ونهى أن يطوف في البيت ـ الكعبة ـ عريان، وحدّد الطواف بسبعة أشواط، وحرّم الخمر والزنا ونكاح المحارم، ونهى عن وأد البنات، وكان «يأمر أولاده بترك الظلم والبغي، ويحثّهم على مكارم الأخلاق، وينهاهم عن دنيّات الأُمور».

فرح عبد المطلب بولادة حفيده محمد(ص)

فرح عبد المطلب فرحاً شديداً بولادة حفيده محمد بن عبد الله(ص)، فأخذه من أُمّه وأدخله الكعبة، وقام عندها يدعو الله ويشكره على ما أعطاه، وقال يؤمئذ:

الحَمدُ لِلهِ الَّذِي أَعْطَانِي  **  هَذَا الغُلامَ الطَّيِّبَ الأرْدَانِ

قَدْ سَادَ في المَهدِ عَلَى الغِلمانِ  **  أُعيذُهُ بِاللهِ ذِيْ الأركانِ

حَتَّى أراهُ بَالغَ البُنيانِ  **  أُعيذُهُ مِنْ شَرِّ ذِي شنانِ

مِن حَاسِدٍ مُضْطَرِبِ العِنانِ

كفالة عبد المطلب لحفيده محمد (ص)

كفل عبد المطلب محمدا(ص) بعد وفاة أبيه، وقام بتربيته وحفظه أحسن قيام، ورقّ عليه رقّة لم يرقها على ولده، وكان يقرّبه منه ويدنيه، ولا يأكل طعاماً إلّا أحضره، وكان يدخل عليه إذا خلا وإذا نام، ويجلس على فراشه فيقول: دعوه.

ولمّا صار عمره(ص) ستّ سنين، أخرجته أُمّه إلى أخواله بني عدي بن النجّار بمدينة يثرب (المدينة المنورة) تزورهم، ومعها أُم أيمن، فبقيت عندهم شهراً، ثمّ رجعت به أُمّه إلى مكّة، فتوفّيت بالأبواء بين المدينة ومكّة، فعادت به أُم أيمن إلى مكّة إلى جدّه عبد المطّلب، فبقي في كفالته من حين وفاته ثمان سنين.

وصيّة عبد المطلب بحفيده محمد (ص)

أوصى عبد المطلب عند احتضاره ولده أبا طالب بمحمد (ص) قائلاً: «يا أبا طالب، اُنظر أن تكون حافظاً لهذا الوحيد الذي لم يشم رائحة أبيه، ولا ذاق شفقة أُمّه، اُنظر يا أبا طالب، أن يكون من جسدك بمنزلة كبدك، فإنّي قد تركت بنيّ كلّهم وأوصيتك به؛ لأنّك من أُمّ أبيه، يا أبا طالب، إن أدركت أيّامه فاعلم أنّي كنت من أبصر الناس وأعلم الناس به، فإن استطعت أن تتبعه فافعل، وانصره بلسانك ويدك ومالك، فإنّه والله سيسودكم ويملك ما لم يملك أحد من بني آبائي، يا أبا طالب، ما أعلم أحداً من آبائك مات عنه أبوه على حال أبيه، ولا أُمّه على حال أُمّه فاحفظه لوحدته».

وفاة عبد المطلب

تُوفّي عبد المطلب (رضي الله عنه) في العاشر من ربيع الأوّل، 45 سنة قبل الهجرة بمكّة المكرّمة، ودُفن في مقبرة الحَجُون بمكّة المكرّمة. وعمر حفيده محمد (ص) ثمان سنين.

رثاء عبد المطلب

ممّن رثاه ابنته أروى بقولها:

بَكَتْ عَينِي وحَقَّ لَهَا البُكاءُ  **  على سَمِحٍ سَجيّتُه الحَياءُ

عَلى سَهلِ الخليفةِ أَبطحيٍّ  **  كريمِ الخيمِ نيّتُه العلاءُ

عَلى الفيَّاضِ شَيبةِ ذِي المعَالي  **  أبوهُ الخيرُ لَيسَ له كفاءُ

طويلُ الباعِ أملسُ شيظميٌّ  **  أغَرٌّ كان غرّته ضياءُ

ومَعقِلُ مالكٍ وربيعُ فِهرٍ  **  وفاصلُها إذا التبسَ القَضاءُ

كما رثته ابنته عاتكة بقولها:

ألا يَا عَينُ وَيحكِ أَسْعِديني  **  بِدَمعٍ واكِفٍ هَطِلٍ غَزِيرِ

عَلى رَجُلٍ أَجَلِّ النَّاسِ أَصْلاً  **  وَفَرْعاً في المَعَالي والظُّهورِ

طَويلِ البَاعِ أروع شيظمي  **  أَغَرَّ كَغُرَّةِ القَمَرِ المُنِيرِ

وأَبْكِي هَاشِماً وَبَنِي أَبِيهِ  **  فَقدْ فَارقْتُ ذَا كَرمٍ وخَيرِ

وَغَيْثاً للقُرَى في كُلِّ أَرْضٍ  **  إذا ضَنَّ الغَنيُّ عَلَى الفَقيرِ

      فَقدْنا مِنْ قُريشٍ في البَرايَا  **  سَحابَ النَّاسِ في السَّنَةِ النرورِ

سلام عليك يا جدّ رسول الله محمد(صلى الله عليه وآله) ويا جدّ امير المؤمنين علي (عليه السلام)

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 27 أكتوبر 2020 - 06:19 بتوقيت مكة