هل تعلم...من الذي جعل من يوم عاشوراء عيدا؟

الخميس 13 سبتمبر 2018 - 15:55 بتوقيت مكة
هل تعلم...من الذي جعل من يوم عاشوراء عيدا؟

رغم التتبع و مراجعة الاحاديث لم نعثر على نص يعبر عن هذا اليوم بالعيد غير ما نقله الهجرى مما يثير ويقوى شبهه...

يعرف من خلال التواريخ و من خلال تصريحات المؤرخين ان الاحتفال بيوم عاشورا كعيد و يوم فرح و سرور انما هو من بدع اجلاف بني امية و عملاهم واذنابهم كالحجاج بن يوسف وملوك بنى ايوب كما ورد التصريح بذلك فى الخطط للمقريزى والاثار الباقية لابى ريحان البيرونى حيث صرح بان بني امية لبسوا فيه الجديد و تزينوا واكتحوا وعيّدوا... وجرت هذه المراسم ايام ملكهم... و بقيت أثارها الى يومنا هذا فى بعض البلاد الاسلامية واضاف البعض: ان بني امية اتخذوا اليوم الاول من صفر عيداً لهم حيث ادخلت فيه راس الحسين (عليه السلام).

 1-قال ابو الريحان: وكانوا يعظمون هذا اليوم ـ اى يوم عاشوراءـ الى ان اتفق فيه قتل الحسين بن على بن ابيطالب واصحابه وفعل به وبهم مالم يفعل فى جميع الامم بأشرار الخلق من القتل بالعطش والسيف والاحراق وصلب الرؤوس واجراءالخيول على الاجساد فتشاؤموا به ، فأما بنو امية فقد لبسوا فيه ماتجدد وتزينوا واكتحلوا وعيّدوا واقاموا الولائم والضيافات واطعموا الحلاوات والطيبات وجرى الرسم فى العامة على ذلك ايام ملكهم وبقى فيهم بعد زواله عنهم. 

و اما الشيعة فانهم ينوحون ويبكون اسفاً لقتل سيدالشهداء فيه ويظهرون ذلك بمدينة السلام وامثالها من المدن و البلاد و يزورون فيه التربة المسعودة بكربلاءولذلك كره فيه العامة تجديد الاوانى وألاثاث.»( الكنى والأقاب 1:431)

2-و قال المقريزى: «انه لما كانت الخلفاء الفاطميون بمصر كانت تتعطل الاسواق فى ذلك اليوم- عاشورا- ويعمل فيه السماط(الصنف من الناس مجمع البحرين 4: 254. مادة سمط)العظيم المسمى سماط الحزن وينحرون الابل وظلَّ الفاطميون يجرون على ذلك كل ايامهم فلما زالت الدولة الفاطمية، اتخذ الملوك من بنى أيوب يوم عاشورا يوم سرور يوسعون فيه على عيالهم و يتبسطون فى المطاعم ويتخذون الاوانى الجديدة و يكتحلون ويدخلون الحمام جرياً على عادة اهل الشام التى سنها لهم الحجاج (1) فى أيام عبدالملك بن مروان ليرغموا بذلك اناف شيعة على بن ابى طالب كرم الله وجهه الذين يتخذون يوم عاشورا يوم عزاء و حزن على الحسين بن على (عليه السلام)لانه قتل فيه قال: وقد أدركنا بقايا مما عمله بنوامية من اتخاذ عاشورا يوم سرور و تبسّط.»(2)

3-المصاحب:«لازال يوم عاشورا فى تونس والمراكش وليبيا يوم سرور و تقام فيها مراسم خاصة ويقوم الناس فيه بزيارة القبور وجعل الورود عليها ويجعلون اطواقا من النيران فيقفزون عليها ثم يرمونها فى الانهار وعادات اخرى ورثوها من البربر.»( دائر المعارف للمصاحب: 1652)
اذن المتبادر من المقريزى وغيره انَّ بدعة العيد والاكتحال والتزين ومراسم الفرح والسرور بدعة خبيثة من شجرة خبيثة اموية، كان الحجاج يصّر على إقامتها تأسياً باسياده الأمويين، و حجاج هذا هو الذى كان يأسف لعدم حضوره كربلاء ليكون هو المتوّلى لسفك دم سيد شباب اهل الجنة الحسين بن على (عليه السلام)أما بعض العادات التى ذكرها المصاحب ونوردها عن الكراجكى ايضا فهى عادات متخذة من البربر أدخلها أجلاف بني امية فى يوم عاشورا ليكتمل بها سرورهم ويكون شاهداًواضحا على الجذور التى ينتموا اليها.

4- يقول الكراجكى:«و من عجبت امرهم دعواهم محبة اهل البيت(عليهما السلام)مع ما يفعلون يوم المصاب بالحسين من المواظبة على البّر و الصدقة والمحافظة على البذل والنفقة والتبرك بشراء ملح السنة و التفاخر بالملابس المنتخبة والمظاهرة بتطيب الابدان من اسباب الافراح والمسرات واعتذارهم فى ذلك بانه يوم ليس كالأيام و انه مخصوص بالمناقب العظام ويدعون ان الله عزوجل تاب فيه على آدم. 
فكيف وجب ان يقضى فيه حق آدم فيتخذ عيداً ولم يجب ان يقضى حق سيد الاولين والاخرين محمد خاتم النبيين فى مصابه بسبطه وولده وريحانته وقرة عينه وبأهله الذين اصيبوا وحريمه الذين سبوا وهتكوا فتجهد فيه حزنا ووجدا ويبالغ وكدا لو لا البغضة للذرية التى تتوارثها الابناء عن الاباء.»(3)

5-يقول زين الدين الحنفى:« وقد روى انّ يوم عاشورا كان يوم الزينة الذى كان فيه ميعاد موسى لفرعون و انه كان عيداً لهم و يروى ان موسى عليه السلام كان يلبس فيه الكتان ويكتحل فيه بالأثمد وكانت اليهود من اهل المدينة وخيبر فى عهد رسول الله يتخذونه عيداًو كان اهل الجاهلية يقتدون بهم فى ذلك وكانوا يسترون فيه الكعبة ولكن شرعنا ورد بخلاف ذلك ففى الصحيحين عن ابى موسى قال: كان يوم عاشورا يوماً تعظمه اليهود وتتخذه عيداًفقال: صوموه و انتم فى رواية لمسلم: كان اهل خيبر يصومون يوم عاشورا يتخذونه عيداً ويلبسون نساءهم فيه حليتهم و شارتهم فقال رسول الله: فصوموه انتم.(4)

6-قال السقاف: كتب ماكيا فيللى كتابا اسماه «الامير» اقتبسه من واقع الحياة السياسية وجاء فيه مما اقتبسه من واقع حياتهم السياسية منطق: «الغاية تبرر الواسطة » و على هذا الاساس حلّ للحاكم السياسى الذى حاول ان يدفن حادثة عاشورا ان يتخذ كل وسيلة لذلك ولو كانت منافية للدين والاخلاق ففى سبيل اطفاء شعلة عاشورا ودفن قضية كربلاء و لجأوا الى اختلاق اخبار جعلوها احاديث ونسبوها الى جد الحسين (عليه السلام)الا انّ عدم التنسيق فى وسائل الأعلام لهولاء الحكام جعلها متخالفة متضاربة.
 أتوا بهذه الاخبار العظيمة و الكثيرة العدد بغية دفن قضية كربلاء ولكن فشلوا وبقيت قضية كربلاء على ماهى عليه القضية العظيمة جداً استحلال دم الحسين. 

و قد اصاب الشريف الرضى(رضي الله عنه)فى وصف هذا الامر اذ قال:
كانت مآتم بالعراق تعدها                     اموية بالشام من اعيادها
جعلت رسول الله من خصمائها             فلبئس ماادخرت ليوم معادها
نسل النّبى على صعاب مطيها             و دم النّبى على رؤوس صعادها

معاوية يعلن عاشورا يوم عيد:
ومما يؤيد ان الاعلان عن عاشورا كعيد هو من بدع الأمويين هو ما ورد انّ معاوية ايضا عبّر عن عاشورا بالعيد ولم يعهد من احد لا من النبي(صلى الله عليه وآله) الكريم ولا من الصحابة التعبير عنه بالعيد اللهم الا ان يكون الصحابى امويا او عميلا لال امية او مستنا بشرع اليهود. 
1-عبدالرزاق عن ابن جريج قال: اخبرنى يحيى بن محمد بن عبدالله يفى(مختلف فى اسمه، انظر تهذيب التهذيب 11:212.) ان عمرو بن ابى يوسف -اخا بنى نوفل- اخبره انه سمع معاوية على المنبر يقول: ان يوم عاشورا يوم عيد فمن صامه فقد كان يصام و من تركه فلا حرج.»( مصنف عبدالرزاق 4:291/ح 7850).

بالنظر الى هذا النص يعرف ان معاوية هو اول من اطلق على يوم عاشورا صفة العيد ولعل معاوية خاصة والأمويين عامة كانوا يتوقعون مقتل الحسين الشهيد(عليه السلام)يوم عاشورا لانهم كانوا يعنون عناية خاصة بأخبار الملاحم (ويشهد على ذلك رعايتهم لكعب الاحبار الذى كان ينقل اخبار ملك بنى امية)والفتن المأثورة عن النبي(صلى الله عليه وآله)وعن على(عليه السلام) و فى جملة الملاحم اخبار كثيرة حول مقتل الامام الحسين واليوم الذى يقتل فيه والارض التى يقتل فيها. 

قد يقال: نسب فى بعض النصوص الى النبي(صلى الله عليه وآله)تسمية العيد لهذا اليوم. 
"عن ابى هريرة قال: قال رسول الله عاشورا عيد نبى كان قبلكم فصوموه انتم.»( مجمع الزوائد 3:185)
ولكن فيه: اولّا فى سنده ابراهيم الهجرى وقد ضعّفه الائمة كما قال الهيثمي منهم ابن عيينة و يحيى بن معين والنسائي (الكامل فى الضعفاء 1:212)ثانياً اورد الحافظ زين الدين الحنبلي هذا النص عن الهجري و ليس فيه كلمة عيد واليك نصه: عاشورا كانت تصومه الانبياء فصوموه انتم.»( لطائف المعارف :102)

ثالثاً: رغم التتبع و مراجعة الاحاديث لم نعثر على نص يعبر عن هذا اليوم بالعيد غير ما نقله الهجرى مما يثير ويقوى شبهه الوضع فيما نقله الهجرى او الزيادة سيما و انه ضعيف عند ائمة الرجال. نعم فى البخارى:«كان يوم عاشورا تعده اليهود عيداً. 
رابعاً وصف عاشورا بالعيد على عهد الانبياء السلف لا يلازم كونه عيدا على عهد النبي الكريم ايضاً.

الهوامش:

1- قال الذهبى: اهلكه الله فى رمضان سنة خمس و تسعين وكان ظلوماً جباراً ناصبياً خبيثا سفا كا للدماء...و حصاره لابن الزبير بالكعبة و رميه اياها بالمنجنيق و اذ لاله لاهل الحرمين...و تأخيره للصلوات الى ا ن استاصله الله فنسّبه و لا نحّبه بل نبغضه فى الله، سير اعلام النبلاء 4:343. و قد مات فى سجنه خمسون الف رجلاً وثلاثون الف امراة منهن ستة عشر الفاً مجردات عاريات حياة الحيوان 1:96- 241. واطلق من سجنه بعده ثلثمائة الف ما بين رجل و امراة - حياة الامام الحسين 2:300. و قتل المئات من الابرياء منهم المفسر الكبير سعيد بن جبير. سيراعلام النبلاء 4:321. تاريخ الاسلام حوادث 80- 61.
2-الخطط 2:385. عنه الكنى والأقاب 1:431. الحضارة الاسلامية 1:137. دائرة المعارف للبستانى 11:446.

3-التعجب - المطبوع ضمن كنزالفوائد:45. 
4-لطائف المعارف :111.

المصدر: كتاب صوم عاشوراء بين السنة النبوية والبدعة الاموية

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الخميس 13 سبتمبر 2018 - 15:55 بتوقيت مكة