حبيب بن مظاهر الأسدي .. كل ما تريد أن تعرفه عن حبيب بن مظاهر

الأربعاء 12 سبتمبر 2018 - 17:31 بتوقيت مكة
حبيب بن مظاهر الأسدي .. كل ما تريد أن تعرفه عن حبيب بن مظاهر

حبيب بن مظاهر الأسدي، من خاصة أصحاب أمير المؤمنين علي عليه السلام ومن أوائل الكوفيين الذين كتبوا للإمام الحسين (ع) بعد وفاة معاوية يدعونه إلى القدوم إليهم والثورة، فلمّا قُتل مسلم وهاني اختفى مدّة، ثمّ أتى في الخفاء إلى الحسين بكربلاء، واستشهد بين يدَيه يوم عاشوراء على أرض كربلاء.

اسمه، كنيته ونسبه

حبيب بن مُظَهَّر (أو مُظاهر) بن رئاب بن اشتر بن حجوان بن فقعس بن طريف بن عمرو بن قيس بن حارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد الأسدي الكندي الفقعسي.أثبت المصادر التاريخية المتقدمة اسم أبيه مُظاهر تارة ومًظهّر أخرى  وبعضها أثبته "مُطهّر" ، والصحيح- كما عن المامقاني وبقرينة الزيارات وما اشتهر على الألسن– مُظاهر فيما مالالسيد محسن الأمين لتصحيح مُظهر على وزن مطهر، وما أثبتته كتب المتأخرين خلاف ضبط القدماء.

فضائله

هو من أشهر أصحاب الإمام الحسين (ع) وكان من السبعين رجلا الذين نصروه في كربلاء وصبروا على البلاء حتى قتلوا معه، وقد تقدم عده من أصحاب علي والحسن عليهما السلام.

ذكره المصادر بأنه كان عابداً ورعا تقيا ومراعيا لحدود الله تعالى، حافظا للقرآن الكريم، وكان يختمه في كل ليلة من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر.

قال العلامة الأمين العاملي في أعيان الشيعة:

كان حبيب من الجماعة الذين نصروا الحسين (ع) و لقوا جبال الحديد واستقبلوا الرماح بصدورهم والسيوف بوجوههم وهم يعرض عليهم الأمان والأموال فيأبون ويقولون لا عذر لنا عند رسول الله (ص) إن قتل الحسين و منا عين تطرف حتى قتلوا حوله.

صحبته للنبي الأكرم (ص)

اختلفت كلمة الرجاليين في حبيب بن مظاهر هل كان صحابياً أو تابعياً، فذهب البعض كابن الكلبي وابن حجر العسقلاني الى القول بأن حبيباً أدرك النبي (ص) وصاحبه.

فيما يظهر من عدم عدّ الشيخ الطوسي له في أصحاب الرسول (ص) وعدّه في أصحاب علي والحسنين (ع) أنه ليس بصحابي. و كذلك لم يذكره صاحبا الإستيعاب وأسد الغابة في عداد الصحابة.

مصاحبته لأمير المؤمنين (ع)

قال أهل السير : إن حبيبا نزل الكوفة ، وصحب عليا ( عليه السلام ) في حروبه كلها، وكان من خاصته وحملة علومه.إذ تعلم منه علم المنايا والبلايا وكان من رجال شرطة الخميس المدافعين عن أمير المؤمنين عليه السلام، وله حكاية تكشف عن معرفته بعلم المنايا والبلايا عن فضيل بن الزبير، قال:

مرّ ميثم التمار على فرس له فاستقبل حبيب بن مظاهر الاسدي عند مجلس بني أسد، فتحدثا حتى اختلف أعناق فرسيهما.

ثم قال حبيب: لكأني بشيخ أصلع ضخم البطن يبيع البطيخ عند دارالزرق، قد صلب في حب أهل بيت نبيه عليه السلام، ويبقر بطنه على الخشب.

فقال ميثم: واني لاعرف رجلا أحمر له صفيدتان يخرج لينصر ابن بنت نبيه فيقتل ويجال برأسه بالكوفة.

مع الإمام الحسين (ع)

في الكوفة

لما بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية اجتمعت الشيعة بالكوفة في منزل سليمان بن صرد الخزاعى فذكروا هلاك معاوية فحمدوا الله وأثنوا عليه، وكتبوا الى الحسين (ع): بسم الله الرحمن الرحيم للحسين بن علي عليهما السلام من سليمان بن صرد، والمسيب بن نجية، ورفاعة بن شداد البجلى، وحبيب بن مظاهر، وشيعته المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة، سلام عليك فانا نحمد اليك الله الذي لا اله إلا هو، اما بعد فالحمد لله الذى قصم عدوك الجبار العنيد... إنّه ليس علينا إمام فاقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق. ولما ورد مسلم بن عقيل الكوفة و نزل دار المختار بن أبي عبيد و أقبلت الشيعة تختلف اليه جعل حبيب ومسلم يأخذان البيعة للحسين (ع) في الكوفة  حتى إذا دخلها عبيد الله بن زياد وخذل أهلها عن مسلم وتفرق أنصاره حبسهما عشائرهما وأخفياهما، فلما ورد الحسين كربلاء خرجا اليه مختفيين يسيران الليل و يكمنان النهار حتى وصلا اليه.[21]

رسالة الحسين (ع) إليه

جاء في المصادر المتأخرة:

لما وصل الإمام الحسين (ع) في مسيره الي الكوفة، الي أرض، و خيم في واد منها، و علم بقتل ابن عمه مسلم بن عقيل، و أن أهل الكوفة غدروا به، و كان قد عقد اثنتي عشرة راية، ثم أمر جمعا بأن يحمل كل واحد منهم راية منها، فأتي اليه أصحابه و قالوا له: يا ابن رسول الله صلي الله عليه و آله! دعنا نرتحل من هذه الأرض. فقال لهم: صبرا حتي يأتي الينا من يحمل هذه الراية الأخري. فقال له بعضهم: سيدي! تفضل علي بحملها. فجزاه الحسين عليه السلام خيرا و قال: يأتي اليها صاحبها. ثم كتب كتابا نسخته كذا:

من الحسين بن علي بن أبي طالب الي الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر: أما بعد، يا حبيب! فأنت تعلم قرابتنا من رسول الله صلي الله عليه و آله، و أنت أعرف بنا من غيرك، و أنت ذو شيمة و غيرة، فلا تبخل علينا بنفسك، يجازيك جدي رسول الله صلي الله عليه و آله يوم القيامة.

ثم أرسله الي حبيب.

قال: و كان حبيب جالسا مع زوجته، و بين أيديهما طعام يأكلان، إذ وصلته الرسالة، فدار بينه و بين زوجته حديث وهي تحثه على نصرة ابن رسول الله. ثم أقبل حبيب على جواده و شد شدا وثيقا، و قال لعبده: خذه، و امض به، و لا يعلم بك أحد، و انتظرني في المكان الفلاني. فأخذه العبد، و مضي به. و بقي ينتظر قدوم سيده.

في كربلاء

لمّا وصل حبيب إلى الحسين (ع) ورأى قلة أنصاره وكثرة محاربيه قال للحسين (ع): إن هاهنا حيّا من بني أسد فلو أذنت لي لسرت إليهم ودعوتهم إلى نصرتك لعل الله أن يهديهم وأن يدفع بهم عنك! فاذن له الحسين (ع) فسار إليهم حتى وافاهم فجلس في ناديهم ووعظهم وقال في كلامه: يا بني أسد قد جئتكم بخير ما أتى به رائد قومه، هذا الحسين بن علي أمير المؤمنين وابن فاطمة بنت رسول الله (ص) وقد نزل بين ظهرانيكم في عصابة من المؤمنين، وقد أطافت به اعداؤه ليقتلوه، فاتيتكم لتمنعوه وتحفظوا حرمة رسول الله(ص) فيه... [فخرجوا معه] فعارضهم عمر بن سعد ليلا ومانعهم فلم يمتنعوا فقاتلهم، فلما علموا أن لا طاقة لهم بهم تراجعوا في ظلام الليل وتحملوا عن منازلهم، و عاد حبيب إلىالحسين (ع) فأخبره بما كان، فقال عليه السلام: "وما تشاؤون الا ان يشاء الله" ولا حول ولا قوة إلا بالله.

حبيب في عصر التاسع من محرّم

أرسل ابن سعد قرة بن قيس الحنظلي فلما رآه الحسين مقبلا قال: أتعرفون هذا؟ فقال حبيب بن مظاهر: نعم، هذا رجل من حنظلة تميم وهو ابن أختنا ولقد كنت أعرفه بحسن الرأي، فلما قدم قال له حبيب بن مظاهر: ويحك يا قرّة بن قيس أنّى ترجع إلى القوم الظالمين!  وروى الطبري أنّه لما زحف ابن سعد إلى الحسين (ع) يوم التاسع من المحرم، أتاهم العباس في نحو من عشرين فارسا فيهم: زهير بن القين وحبيب بن مظاهر... فقال لهم حبيب بن مظاهر: أما والله لبئس القوم عند الله غدا قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرّية نبيّه (ع) وعترته وأهل البيت وعباد أهل هذا العصر المتهجدين بالأسحار والذاكرين الله كثيراً..

حبيب ليلة عاشوراء

ذكر أرباب المقاتل أنه لما خرج الحسين عليه السلام في جوف الليل إلى خارج الخيام يتفقد التلاع والعقبات تبعه نافع بن هلال الجملي... ثم رجع عليه السلام وهو قابض على يد نافع، ثم دخل الحسين خيمة زينب ووقف نافع بإزاء الخيمة ينتظره فسمعزينب تقول له: هل استعلمت من أصحابك نياتهم فإني أخشى أن يسلموك عند الوثبة. قال نافع: فلما سمعت هذا منه بكيت وأتيت حبيب بن مظاهر وحكيت ما سمعت منه ومن أخته زينب. قال حبيب: والله لولا انتظار أمره لعاجلتهم بسيفي هذه الليلة، ثم قال حبيب لاصحابه: هلموا معي لنواجه النسوة ونطيب خاطرهن، فجاء حبيب ومعه أصحابه وصاح: يا معشر حرائر رسول الله هذه صوارم فتيانكم آلوا ألا يغمدوها إلا في رقاب من يريد السوء فيكم وهذه أسنّة غلمانكم أقسموا ألا يركزوها إلا في صدور من يفرق ناديكم.

حبيب يوم عاشوراء

في صباح العاشر من المحرم جعل الإمام الحسين عليه السلام زهير بن القين على الميمنة، وحبيب بن مظاهر على الميسرة ووقف في القلب وأعطى الراية لأخيه العباس. ولما دعا الإمام الحسين (ع) براحلته فركبها ونادى بصوت عال يسمعه جلهم: أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما هو حق لكم عليّ.... أو لم يبلغكم قول رسول الله لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟! رد عليه الشمر قائلا: هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما يقول! فقال له حبيب بن مظاهر: والله إنّي أراك تعبد الله على سبعين حرفا وأنا أشهد أنّك صادق ما تدري ما يقول قد طبع الله على قلبك!. ولمّا دنا عمر بن سعد من معسكر الحسين (ع) ورمى بسهم ارتمى الناس ، فلما ارتموا خرج يسار مولى زياد بن أبي سفيان وسالم مولى عبيد الله بن زياد فقالا: من يبارز؟ ليخرج الينا بعضكم . فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن حضير فقال لهما حسين: اجلسا. ولما رأى أبو ثمامة الصيداويحلول وقت الصلاة، قال للحسين عليه السلام: يا أبا عبد الله نفسي لنفسك الفداء هؤلاء اقتربوا منك ولا والله لا تقتل حتى اقتل دونك وأحبّ أن ألقى الله ربّي وقد صليت هذه الصلاة، فقال (ع): سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي، فقال الحصين بن نمير: إنّها لا تقبل، فقال حبيب بن مظاهر: لا تقبل الصلاة زعمت من ابن رسول الله وتقبل منك يا ختار ( يا حمار)، فحمل عليه الحصين بن نمير وحمل عليه حبيب فضرب وجه فرسه بالسيف فشب به الفرس ووقع عنه الحصين فاحتوشته أصحابه فاستنقذوه من حبيب. قالوا: ولمّا صُرع مسلم بن عوسجة مشى إليه الحسين (ع ) ومعه حبيب ، فقال حبيب: عزَّ عليَّ مصرعك يا مسلم ، أَبشر بالجنّة! فقال له مسلم قولاً ضعيفاً: بشّرك اللّه بخير. فقال حبيب : لولا أنّي أعلمُ أنّي في أثرك لاحقٌ بك من ساعتي هذه لأحببتُ أن توصي إليَّ بكلّ ما أهمّك حتّى أحفظك في كلّ ذلك بما أنت له أهل من الدين والقرابة. فقال له: بلى ، أوصيك بهذا رحمك اللّه! وأومأ بيديه إلى الحسين (ع ) أنْ تموت دونه! فقال حبيب: أفعل وربّ الكعبة. وفي رواية لأنعمنك عيناً.

ارتجاز حبيب يوم عاشوراء

كان حبيب بن مظاهر يرتجز يوم عاشوراء ويقول:

أنا حبيب وأبي مظاهرفارس هيجاء وحرب تسعر

أنتم أعد عدّة وأكثرونحن أوفي منكم وأصبر

ونحن أعلي حجّة وأظهرحقاً وأتقي منكم وأعذر 

شهادته

قتاله في المعركة

برز حبيب بن مظاهر الأسدي وهو يقول:

أنا حبيب وأبي مظاهرفارس هيجاء وحرب تسعر

وقاتل قتالا شديداً، ثم حمل عليه بُديل بن صُرَيم فطعنه فذهب ليقوم فضربه الحصين بن نمير لعنه الله على أمّ رأسه بالسيف فوقع ونزل بديل فاجتز رأسه وأخذ فعلقه في عنق فرسه فهد مقتله الحسين عليه السلام، فقال: عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي.وفي رواية قال عليه السلام: لله دَرُّكَ يا حبيب، لقد كنتَ فاضلاً تختم القرآن في ليلة واحدة.

روي أن لحبيب ولد إسمه القاسم فلما بلغ الحلم قتل بديل بن صريم.

مرقد حبيب بن مظاهر

دفنت بنو أسد حبيب بن مظاهر الأسدي على بعد عشرة أمتار من رأس الحسين (عليه السّلام) حيث قبره الآن في الرواق الشرقي من الروضة الحسينية، اعتناء بشأنه ولمكانته في العشيرة.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأربعاء 12 سبتمبر 2018 - 17:31 بتوقيت مكة