مصر.. رفض واسع لأحكام الإعدام الجماعية

الأحد 9 سبتمبر 2018 - 18:05 بتوقيت مكة
مصر.. رفض واسع لأحكام الإعدام الجماعية

مصر - الكوثر: تواجه مصر انتقادات حادة في الداخل والخارج على خلفية أحكام الإعدام التي أصدرتها على 75 متهما في القضية المعروفة إعلاميا بـ"فض اعتصام رابعة العدوية"، المتهم فيها 739 شخصا، بينهم قادة في جماعة الإخوان المسلمين.

أصدرت محكمة جنايات جنوب القاهرة، السبت، أحكاما ضد 739 مواطنا مصريا (300 محبوس و439 غيابيا)، وقضت بإعدام 75 شخصا (44 حضوريا و31 غيابيا).

وقضت محكمة جنايات القاهرة بالسجن المؤبد 25 سنة على المرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع، و46 آخرين، والسجن 15 عاما على 374 متهما، والسجن 10 سنوات على أسامة نجل الرئيس المعزول محمد مرسي و22 حدثا، والسجن المشدد 5 سنوات على 215 متهما آخرين، من بينهم المصور الصحفي محمود أبوزيد الشهير بـ"شوكان". يذكر أن هذا الحكم أولي، ويجوز الطعن عليه أمام محكمة النقض المصرية (المحكمة الجنائية العليا في مصر).

ومن بين المحكوم عليهم بالإعدام قيادات في جماعة الإخوان المسلمين، التي تصنفها السلطات تنظيما "إرهابيا"، أبرزهم: عصام العريان ومحمد البلتاجي وعبد الرحمن البر وأسامة ياسين وعمرو زكي وأحمد عارف، وكذلك القياديان في الجماعة الإسلامية، عاصم عبد الماجد وطارق الزمر.

ومن بين المحكوم عليهم بالسجن المؤبد، فضلا عن محمد بديع، عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط، وباسم عودة وزير التموين السابق.

هذه أبرز الاتهامات.. والمفتي يوافق على احكام الاعدام

وحوكم هؤلاء بعد توجيه اتهامات عدة إليهم أبرزها "مقاومة رجال الشرطة والمكلفين بفض تجمهرهم والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والتخريب والإتلاف العمدي للمباني والأملاك العامة واحتلالها بالقوة وقطع الطرق وتعمد تعطيل سير وسائل النقل البرية وتعريض سلامتها للخطر".

يذكر أن هذه الاحكام هي أكبر عدد من أحكام الإعدام التي تصدر في قضية واحدة في مصر. وتعرف القضية باسم "فض اعتصام رابعة". وكان أكثر من 700 شخص قتلوا في القاهرة خلال ساعات أثناء قيام قوات الامن بفض اعتصامين لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في منطقتي رابعة العدوية بمدينة نصر (شرق العاصمة) والنهضة في الجيزة (غرب) في واحد من أكثر الأيام دموية في تاريخ مصر الحديث.

وقد وافق المفتي شوقي علام على الأحكام الصادرة اليوم. ويقضي القانون المصري بأخذ موافقة مفتي الجمهورية قبل إصدار أي حكم بالاعدام، وهو إجراء شكلي إذ نادرا ما اعترض المفتي على قرارات المحاكم بإصدار أحكام الاعدام.

الاخوان: الاحكام "مجزرة جديدة" عبر "القضاء المسيس"

بينما هاجمت جماعة الإخوان المسلمين الاحكام الصادرة هذه، داعية جميع المصريين والقوى الوطنية الى الوقوف امام الحكومة و"استرداد حقوق الشعب المصري". ووصفت الاحكام بأنها "مجزرة جديدة " عبر "القضاء المسيس".

صباحي يعلق على أحكام الإعدام الجديدة بقضية رابعة 

الى ذلك علق مرشح الرئاسة المصرية السابق، المعارض حمدين صباحي، على أحكام الإعدام الجديدة المتعلقة بقضية اعتصام "رابعة".

وقال صباحي في منشور على صفحته الرسمية عبر "فيسبوك"، إن "أحكام الإعدام الجماعي تثقل الضمير، وتوجع القلب، وتهين العقل".

وأضاف: "يا رب مكن مصر أن تتطهر من الظلم والكراهية، وأن تتجمل بالعدل والمحبة".

العفو الدولية تدين احكام الاعدام وتصفها بالمخزية

وأدانت منظمة العفو الدولية الحكم، ووصفته بأنه جاء بعد محاكمة جماعية "مخزية"، مطالبة بإعادة المحاكمة أمام هيئة قضائية محايدة، تضمن حق المتهمين في محاكمة عادلة.

وقالت نجية بونعيم، مديرة حملات منظمة العفو الدولية في شمال أفريقيا، في بيان لها عقب الحكم: "ندين حكم اليوم بأشد العبارات. لا يجب أن يكون الحكم بالإعدام خيارا تحت أي ظروف".

وأضافت أن "عدم مثول ضابط شرطة واحد أمام المحكمة، رغم مقتل ما لا يقل عن 900 شخص في رابعة والنهضة، يظهر إلى أي مدى كانت هذه المحاكمة مهزلة. يجب على السلطات المصرية أن تشعر بالخجل".

واختتم بيان العفو الدولية بالتأكيد على أن المنظمة تعارض تطبيق عقوبة الإعدام بشكل غير مشروط، وتحت أي ظروف.

الامم المتحدة تطالب بإلغاء أحكام الإعدام الجماعية

وحذرت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشال باشلي من مغبة تنفيذ مصر أحكام الإعدام على خلفية قضية رابعة، واعتبرت أن ذلك سيكون إجهاضا للعدالة.

وحثت باشلي محكمة النقض المصرية على إلغاء أحكام الإعدام الجماعية التي صدرت بعد "محاكمة غير عادلة"، وفق المسؤولة الأممية.

وقالت باشلي في بيان إنه إذا نفذت أحكام الإعدام فسيمثل ذلك "إجهاضا جسيما للعدالة لا سبيل لإصلاحه".

وأضافت أن المتهمين حرموا من حقهم في أن يكون لكل منهم محاميه الخاص ومن تقديم الأدلة، في حين أن "النيابة لم تقدم أدلة كافية لإثبات جرم كل فرد على حدة".

كما انتقدت ميشال باشلي قانونا يمنح حصانة قضائية لقيادات أمنية مصرية.

النشطاء يعتبرون الأحكام مسيسة وليست عادلة

الأحكام واجهت غضبا شديدا وحزنا ولوعة بين أهالي المعتقلين المحكوم عليهم والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوالت تغريداتهم الرافضة للحكم عبر وسم فض رابعة الذي تصدر قائمة أعلى الوسوم تداولا عبر "تويتر"، مؤكدين أن جميع تلك الأحكام مسيسة وليست عادلة.

النشطاء أكدوا أن القضاء قد تحول إلى أداة في يد الحاكم منذ عزل مرسي عام 2013، والذي يستخدمه لقمع جميع طوائف الشعب، داعين إلى توحيد قوى المعارضة وأصواتها لمواجهة ذلك القمع ورفض تلك الأحكام، بحسب النشطاء.

كما انتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة الأحكام القضائية الصادرة بحق عدد من المتهمين فى قضية فض اعتصام رابعة العدوية.

وكتب نافعة على "تويتر"، "خلافي مع جماعة الإخوان لا يحول دون التنديد بالأحكام القاسية التي صدرت اليوم. لست ضد محاكمة اي شخص شريطة أن تتوافر شروط المحاكمة العادلة لكل إنسان، وهو ما لم يحدث. أدرك أنها أحكام غير نهائية وأن طريق التقاضي ما زال طويلا، لكن استمرار النهج الحالي لا يساعد على حل المشكلات. افيقوا".

وتبرر الحكومة المصرية حملتها على المعارضة والحريات العامة بأنها موجهة ضد من تصفهم بـ"المتشددين والمخربين" وتقول إنهم "يحاولون هدم الدولة". وفي عدة قضايا صدرت أحكام بالإعدام على مئات المعارضين السياسيين بتهم مثل الانتماء لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون أو التخطيط لهجمات.

ويقول المؤيدون إن الحملة ضرورية لإعادة الاستقرار إلى البلاد التي ما زالت تواجه هجمات المسلحين في سيناء ومتاعب مالية جراء سنوات الاضطراب التي أعقبت ثورة 2011. وفي المقابل يقول منتقدون إن تراجع الحريات وإسكات المعارضين السياسيين هو أسوأ ما شهدته مصر في تاريخها الحديث.

31

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 9 سبتمبر 2018 - 18:05 بتوقيت مكة