لولا صلح الإمام الحسن(ع)...لما انكشف عار و عيار معاوية

الخميس 31 مايو 2018 - 10:27 بتوقيت مكة
لولا صلح الإمام الحسن(ع)...لما انكشف عار و عيار معاوية

لأبي محمد الزكي (ع) عظمة المآثر ومآثر العظمة وكبرياء الجبروت وجبروت الكبرياء وعلوّ المفاخر والمناقب ومفاخر العلياء، كلا ثم كلاّ فان صقر باعي ونسر يراعي على سعة معرفتى واطلاعي ينحطان ويسقطان عن العروج ...

محمد الحسين آل كاشف الغطاء

الحسن أول الأئمة الامناء من صلب سيد الأوصياء ، الحسن الذي أظهر الحق وأزهق الباطل وحقن بصلحه الدماء.

وقد كانت ولادته في ليلة النصف من رمضان على أشهر الأقوال وقد صادف املائي لهذه الكلمات هذه الليلة التي هي ليلة النور وليلة الفرح والسرور لأهل البيت الذين يجب أن نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم. فالى سيد الكائنات ، وعلي وفاطمة صلوات الله عليهم أزف الأناشيد والتهاني والترانيم مهنيا لهم بهذا المولود المبارك الذي يقول فيه علة الوجود ومرآة المعبود وفي أخيه : « نعم الجمل جملكما ونعم الراكبان أنتما ».

لأبي محمد الزكي (ع) عظمة المآثر ومآثر العظمة وكبرياء الجبروت وجبروت الكبرياء وعلوّ المفاخر والمناقب ومفاخر العلياء، كلا ثم كلاّ فان صقر باعي ونسر يراعي على سعة معرفتى واطلاعي ينحطان ويسقطان عن العروج إلى ذلك العرش المتمرد بمناعته على العقول والذي لا تنال منه الأفكار مهما تعالت وتغالت سوى الدهشة والذهول.

وإنما أريد أن أتعرض إلى ناحية من نواحي حياته وآية واحدة من آيات معجزاته ومعجزات آياته ، وهي ناحية صلحه مع الطاغية ابن الغاوي والغاوية معاوية ، فان هذه الناحية قد تعقدت ولبست أسمك جلابيب الغموض وساءت في توجيهها الظنون وباءت بالفشل كل الفروض وسرى الشك وتضعضعت أركان الإيمان حتى من أخص أصحابه وأصحاب أبيه عليه‌السلام ، والخلص من شيعته ومواليه فحمل الغيظ والغضب ذلك الطود الأشم على إساءة الأدب فقال : السلام عليك .. وكان الواجب أن يقول يا معز المؤمنين فقال عكسها. ولم يزل الغموض والالتباس يضفي على القضية أسوأ لباس حتى على المعتقدين بامامته وعصمته. ولكن غلبت العاطفة فيها وصدمة الرزية على التعقل والروية. ولو أمعنوا النظرة وفسحوا المجال للفكرة لتجلى لهم جلاء الشمس ، ان كل الصلاح وصلاح الكل فيما فعله سلام الله عليه لا من حيث التعبد والتسليم والخضوع للامر الواقع مهما كان خيرا أو شرا ولا من حيث الاعتقاد بالعصمة ، وإن عمل المعصوم لا بد وأن يكون موافقا للحكمة ، كلا بل لو تدبرنا الواقعة ونظرناها من جميع أطرافها وظروفها وملابساتها ونتائجها ومقدماتها لا تضحّ لنا على القطع واليقين، أن ما فعله سلام الله عليه هو المتعين ولا يصح غيره ، نعم هو الحزم بعينه وهو الظفر بخصمه وهو عين الفتك بعدوه من حيث الفنون الحربية والسياسة الزمنية ، فعل فعل القائد المحنك والحازم المجرب فحارب عدوه بالسلم وغلب عليه بالصلح ، فاخمد ناره وهتك ستاره وابدى للناس عاره وعياره ، وما كان من الصلاح إلا أن يحاربه بالصلح لا بالسلاح ويذبحه باعماله لا بقتاله ونباله وهذا اتم للحجة واقطع للمعاذير وابلغ في دفع الريب والشبهة وإيضاح كل هذا وانارته بحيث يرى بالعين ويلمس باليد يحتاج إلى فضل بيان وقوة جنان وسعة في القول ولا يساعدني على شيء من ذلك جسمي العليل وبصرى الكليل وكثرة اشغالى وبالى البالى وضيق مجالى وسوء حالى. وعسى أن يلطف جل شأنه فيسمح لى بانتهاز فرصة أخرى استطيع أن اعطي البيان حقه في هذا المضمار واكشف عن هذا الغموض الحجب والاستار حتى يظهر الحق وتسطع الانوار ، ولكن لا أجد بدا من أن اختم كلمتى هذه بالحق المحض وزبدة المخض.

وهي على الجملة والطى أنه كما كان الواجب والمتعيّن الذي لا محيص عنه في الظروف التي ثار بها الحسين سلام الله عليه على طاغوت زمانه أن يحارب ويقاتل حتى يقتل هو واصحابه وتسبى عياله ودائع رسول الله  كما كان هذا هو المتعين في فن السياسة وقوانين الغلبة والكياسة مع قطع النظر عن الاوامر الإلهية والمشيئة الازلية، كذلك كان المتعين والواجب الذي لا محيص عنه في ظروف الحسن (ع) وملابساته هو الصلح مع فرعون زمانه ولو لا صلح الحسن وشهادة الحسين عليهما‌السلام لما بقى للاسلام إسم ولا رسم ولضاعت كل جهود محمد (ص) وما جاء به للناس من خير وبركة وهدى ورحمة ، فان أبا سفيان ونغله معاوية وسخله يزيد دبروا كل التدابير واعملوا كل الحيل لمحو الاسلام ورد الناس إلى جاهليتهم الاولى وعبادة اللات والعزى ولعل إلى هذه النكتة الدقيقة اشار النبي (ص) بالحديث المشهور ، الظاهر بصحته ظهور النور ، يقول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا » لعله يعنى أن الحسن إمام في قعوده كما أن الحسين إمام في قيامه ونهضته.

وكانت جمهرة المؤرخين وأرباب التراجم والسير تسرد قضية الحسن سلام الله عليه وصلحه مع معاوية على سطحها الظاهر وشكلها البسيط من غير تحليل ولا تعليل ولا تعمق وتحقيق ومن دون نظر إلى ظروف الواقعة وملابساتها ومباديها وغاياتها ولذا قد يستبق إليها نوع من الاستنكار لعدم النظر إليها بنظر التدبر والاعتبار.

ولكن بما أن الحق والحقيقة نور ، والنور إذا اشتد يشق الستور ويأبى إلا الظهور قيض الله في هذا العصر بعض الافاضل من ذوى الاقلام البارعة والافهام الفارعة والانظار السديدة والافكار الحرة فكشفوا بمؤلفاتهم عن حياة الحسن (ع) وسيرته وصلحه الغموض والتعقيد وازاحوا لثام بعض الاوهام التي زلق فيها بعض الكتبة من المعاصرين ومن الذين قبلهم.

فالسلام على الإمام الحسن يوم ولد و يوم استشهد و يوم يبعث حيا

المصدر: مقدمة كتاب حياة الإمام الحسن بن علي عليهما السلام دراسة وتحليل / ج ١

إقرأ أيضا: لماذا صالح الإمام الحسن(ع) و ثار الإمام الحسين(ع)؟

إقرأ أيضا: الإمام الحسن المجتبى(ع)...القلب الجريح بين محنتين

إقرأ أيضا: الامام الحسن المجتبى(ع)...إسم على صفحات القلوب

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الخميس 31 مايو 2018 - 10:25 بتوقيت مكة