حقيقة الصوم و غاياته

الأحد 20 مايو 2018 - 15:18 بتوقيت مكة
حقيقة الصوم و غاياته

كما ويذكّرهم الصّوم بالآخرة، وما يجري على الإنسان فيها من أهوال لا بدّ من أن يستذكرها ويستعدّ لها بإرادة قوية صلبة يواجه بها كلّ انحراف...

محمد عبدالله فضل الله

للصوم مجموعة من الفوائد والغايات المتكاملة التي تعمل على تهذيب نفس الصّائم، بغية تحصيل أجر الصوم وثوابه والإفادة منه كما يجب، إذ إنّ الامتناع عن الطعام والشراب وجملة من المفطرات، ليس إلا مدخلية وطريقة من أجل تأكيد جملة من القيم التي يريد الصوم أن يغرسها في الإنسان حتى تصبح خُلقاً يتخلّق به، ومنهج حياة وتربية يسلكه في كلّ المواقف والأزمنة. ولذا، فرض الله تعالى الصوم على النّاس والأمم، لأهميّته في حياتهم، بحيث يربطهم بالخالق تعالى، عندما تخلص نواياهم له، ويشعرون أمامه بالخشية والخشوع والانسحاق أمام عظمته، هذه الخشية التي تحثّهم على الورع الفعلي عن كلّ ما حرّم تعالى.

كما ويذكّرهم الصّوم بالآخرة، وما يجري على الإنسان فيها من أهوال لا بدّ من أن يستذكرها ويستعدّ لها بإرادة قوية صلبة يواجه بها كلّ انحراف، كما ويذكّرهم الصوم بما عليهم من واجبات إنسانية واجتماعية تجاه المحتاج والفقير، إذ يدفعهم الصوم إلى استشعار حال الفقراء والمساكين وما يكابدونه، كما ويذكّرهم الصوم بأن تحسين الخلق وهجران الأحقاد والأنانيات والضغائن، كل ذلك من واجبات المؤمن ومسوؤلياته.

كما ويذكّرهم الصوم بضرورة إحياء العبادة، من دعاء وقراءة قرآن، وبما يتركه ذلك من أثر طيّب في نفوسهم.

هذه هي حقيقة الصوم وفلسفته وفوائده. يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. فالصّوم يمثِّل الطاعة والعبادة والخضوع لله عزّ وجلّ، وهو يعلّم الإنسان التقوى والورع عن محارم الله، من خلال تقوية الإرادة في طاعة الله، ويذكّر بالآخرة: "واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه"، وله فوائد صحية: "صوموا تصحّوا"، واجتماعيّة: "تحننوا على أيتام الناس يتحنَّن على أيتامكم"، "من فطَّر منكم صائماً، كان له بذلك عتق رقبة"، وأخلاقية: "من حسَّن منكم خلقه، كان له جواز على الصّراط"، وأجواء عباديّة في الدعاء، وعلمية في قراءة القرآن والتدبر فيه، وغير ذلك. وفي خطبة الرسول(ص) في استقبال شهر رمضان المبارك، صورة تفصيلية لحقيقة الصّوم وفوائده.

أمّا الإفطار، فهو يمثّل الوصول إلى النتيجة، حيث يشعر الإنسان بأنه قضى ما عليه، فيفرح بطاعة الله وأداء واجبه، ويرجو نيل جائزته".

ونحن ضيوف الله في هذا الشّهر الكريم، فلننظر كيف نحصِّل حقيقة الصّوم، ونصل إلى أهدافه بكلّ روح مسوؤلة، وبكلّ روح إيمانيّة تبتغي الخير ووجه الله تعالى بكلّ صدق وإخلاص.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 20 مايو 2018 - 15:18 بتوقيت مكة