كان المبعث النبوي المبارك بداية لعصر العلم. وكانت المسؤولية الأساسية التي اضطلع بها الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) هي مكافحة الخرافات وضروب التحريف وكشف الحقائق للناس ، وهو صلى الله عليه وآله كان يرى نفسه كالأب للناس يربيهم ويعلمهم. قال صلى الله عليه وآله: " إنما أنا لكم مثل الوالد ، أعلمكم ". وكان صلى الله عليه وآله يعرض نبوته على أنها ظاهرة منطبقة مع الموازين العقلية والعلمية ، ولو حاول العلماء معرفتها لأدركوا بسهولة صدقها في اتصالها بمبدأ الوجود. قال تعالى:﴿ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد﴾( سبأ/ الآية- 6 ). وكان النبي صلى الله عليه وآله يحذر الناس أيضا من اتباع كل ما لا يقره العلم، ويتلو عليهم قوله سبحانه: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ (الإسراء/ الآية- 36 ).
وعصر العلم الذي بدأ مع البعثة النبوية يمكن أن يستمر فيما إذا عرف المسلمون في كل عصر إمام زمانهم واتبعوه. فالإمامة رصيد لعصر العلم أو عصر الإسلام القويم وضامنة لديمومته ، وبدون هذا الرصيد يعود المجتمع الإسلامي إلى الجاهلية الأولى. وقد استوحى هذا الحديث مضمونه- في الحقيقة- من استشراف الآية الكريمة المبيّنة للمستقبل وهي قوله تعالى:﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ ( آل عمران/ الآية- )144. فلا بدّ علينا بالتسمك بالأئمة الهداة عليهم السلام (القيادة في الإسلام / الشيخ محمد الريشهري ص101-102.)
المصدر: شبكة المعارف الاسلامية