أنصار الله...من هو مؤسسهم و كيف يفكرون؟

الثلاثاء 30 يناير 2018 - 18:45 بتوقيت مكة
أنصار الله...من هو مؤسسهم و كيف يفكرون؟

ورد عن وزير الخارجية العراقي الأسبق عدنان الباجه جي قولَه: "اليمنيون لا يحتاجون إلى معدات للحرب، عندهم الجبال، وكل خرطوشة يضعونها في البندقية لا تذهب سدىً. هم أناس يكتفون بالقليل.. لصنع الكثير".

حوراء حمدان
ورد عن وزير الخارجية العراقي الأسبق عدنان الباجه جي قولَه:
"اليمنيون لا يحتاجون إلى معدات للحرب، عندهم الجبال، وكل خرطوشة يضعونها في البندقية لا تذهب سدىً. هم أناس يكتفون بالقليل.. لصنع الكثير"(1).
يُثبت الشعب اليمني للعالم، في ظل العدوان الأمريكي السعودي على بلاده، صلابة موقفه ووضوح رؤيته من خلال صموده الجبار ومقاومته الشريفة. ولم تفلح كل الخدع والمؤامرات الاستكبارية في تطويق وتطويع مواطنيه وثَنيهم عن الدفاع عن حقوقهم المشروعة، وذلك على الرغم من الصمت المطبق لأغلب الأقطار العربية والعالمية وقلة الناصر والمعين.
مؤسس حركة أنصار الله
يدلل هذا الأمر على نوعية البناء الفكري لهذا الشعب المظلوم والذي تُعد حركة أنصار الله أبرز ممثليه. مؤسس هذه الحركة هو الشهيد السيد "حسين بدر الدين الحوثي" الذي إستشهد عام 2004م، بعد أن أطلق صرخته الاستنهاضية لإحياء الضمائر وبناء الروح الإنسانية في وجه المشروع الأمريكي الصهيوني. وهو في ذلك يرتكز على ثقافته القرآنية ومنطقه الإسلامي ليقدم نموذجاً حركياً فاعلاً في وجه الظلم والاستبداد. فما هي الأسس الفكرية لهذا القائد؟ وما هي أبرز مواقفه السياسية التي تعكس هوية حركة أنصار الله؟ يجيبنا عن هذا التساؤل الدكتور عبد الوهاب عبد القدوس الوشلي في مؤلف بعنوان: قراءة في الفكر السياسي لحركة أنصار الله في اليمن.
تسويغ الكتاب
يبدأ الكاتب بحثه بتوضيح المعنى والهدف المُراد من الفكر السياسي والذي يستهدف بالدرجة الأولى الإجابة عن الأسئلة الأساسية حول "الحكم" و"الحكومة" و"إدراة المجتمع". والسؤال الأبرز الذي سعى للإجابة عنه يدور حول الفكر السياسي لحركة أنصار الله وذلك من خلال دراسة فكر مؤسسها السيد الشهيد "حسين بدر الدين الحوثي".
وقد اعتمد الكاتب في مصادره الأساسية على محاضرات السيد الحوثي ومجموعة من الدراسات والأبحاث السياسية والاجتماعية. وهو إلى ذلك حاول إبراز جوانب هذا الفكر عبر عدد من العناوين الأساسية لأي فكر سياسي معاصر.
الوعي السياسي لحركة أنصار الله
يظهر، بشكل واضح، من خلال محاضرات السيد الحوثي مستوى الوعي السياسي لحركة أنصار الله عبر فَهم مخططات الاستكبار العالمي المتمثل بأمريكا وإسرائيل. فهدف هذه الحركات الاستكبارية هو زرع الفتنة الطائفية وضرب المسلمين ببعضهم بعضاً من خلال أُكذوبة الإرهاب التي هي بالأصل صناعة أميركية - صهيونية. "وأمريكا هي الشيطان الأكبر"، قالها السيد الخميني قدس سره، وهذا الشعار الذي سعى السيد الحوثي إلى التأكيد عليه. فهي تشجع وتدرب وتمول الإرهاب مع أعوانها ومنهم السعودية، كما يقول الحوثي(2) ثم تنقلب عليهم. والتاريخ يشهد على هذا الموقف بنماذج عديدة، كما يذكر الكاتب، كصدام حسين وزعماء الجهاد الأفغاني.
يبحث الكاتب في "المحور الثاني" بشكل مفصل أهمية شعار (الموت لأمريكا والموت لإسرائيل) موضحاً من خلال مواقف السيد الحوثي أنه رسالة سياسية وموقف ضد الظلم. كما بين في "المحور الثالث" الخطر الجاثم على البشرية والمتمثل بالصهيونية العالمية التي تسعى لنشر الفساد في المجتمعات وخلق أزمات اقتصادية جمة.
الوحدة الإسلامية
من المسائل الهامة التي سعى السيد الحوثي إلى ترسيخها كقيمة إسلامية عليا "مسألة الوحدة"، وهي الاعتصام بحبل الله كما يتحدث منطق القرآن.
ويوضح الكاتب في "المحور الرابع" الأهداف والأدوات اللازمة لتحقيق الوحدة من خلال كلمات السيد الحوثي. نذكر منها مسألة الحج الذي ورد ذكره في القرآن ضمن الحديث عن البراءة. والبراءة بتعبير "السيد" هي بداية تحويل الحج إلى حج إسلامي. هذا الفهم القرآني الكامل الذي مثله الإمام الخميني في دعوته إلى حمل شعار البراءة من أمريكا وإسرائيل أثناء أداء مراسم الحج(3).
السيادة والاستقلال
إعتنى الكاتب في "المحور الخامس" بتبيان المفهوم الإسلامي للسيادة والاستقلال. فالقرآن كما يؤكد السيد هو المرجعية الفاصلة والهادية في تحديد المعنى والتفسير والموقف. كذلك فصل الكاتب رأي السيد في مبادئ العلاقات بين الدول كالحرية والعدالة والمساواة والوفاء بالعهود والمواثيق. ويختم المحور بتبيان الشرط الأساس لتحقيق الاستقلال والسيادة وهو إعداد القوة لإرهاب العدو.
الإرهاب والحرب الإعلامية
تكاد تكون حرب المصطلحات أحد أهم الأسلحة الإعلامية في أي مواجهة. وإزالة اللبس حول أي مفهوم من شأنه أن يحصن الأرضية الثقافية. هذا الأمر لم يخفَ على السيد الحوثي، فحث على ضرورة التنبه إلى خطورة هذه المسألة لا سيما إذا أراد العدو وضع لمسَاته التفسيرية على مفرداتنا العربية، ومثال ذلك مفردة الإرهاب الموجودة بصيغة الفعل في القرآن الكريم
﴿وَأَعِدواْ لَهُم ما اسْتَطَعْتُم من قُوةٍ وَمِن ربَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْو الله وَعَدُوكُمْ﴾ (الأنفال: 60). هذه الآية تتحدث عن الإرهاب المشروع؛ أي الإعداد للقوة الرادعة للعدوان كما يقول السيد الحوثي موضحاً: "نرى مصداق ذلك ماثلاً أمام أعيننا، حزب الله في لبنان... إنه مجاميع من المؤمنين تشبعوا بروح القرآن الكريم التي كلها عمل وجهاد... وذلك الحزب يعيش رافعاً رأسه... ها هي إسرائيل لا تجرؤ أن تضربهم بطلقة واحدة"(4).
ويقدم الكاتب في هذا المحور بحثاً مستوعباً لهذه المسألة من الخداع الصهيوني والغزو الثقافي إلى الإرهاب كذريعة ماكرة وجذوره في الثقافة الصهيونية. كما بين من خلال مصاديق عدة الممارسات الإرهابية لأمريكا والصهاينة المتحدية لكل المواثيق الدولية.
الاستعمار والمقاومة
في "المحور السابع" يتحدث الكاتب عن وسائل الاستعمار الجديد المتمثل بالهيمنة الاقتصادية. ومن أمثلة الهيمنة: القروض المميتة والمذلة للشعوب، والتي يسلب من خلالها قرارهم السياسي والتنموي. وأورد "السيد" مقارنةً بين اقتصاد الدول الخانعة، كحال بعض البلدان العربية وبين الدول المقاومة كإيران التي استطاعت رغم كل التهديدات الأمريكية أن تبني نفسها وتحافظ على عزتها وكرامتها.
أما مسألة النظر إلى الحكم والحكومة، فإن فيصل الشرعية فيها هو كونها تابعة للإرادة الإلهية العادلة والنافية للظلم والاستبداد، برأي السيد.
الانتفاضة الفلسطينية
إن الموقف الطبيعي تجاه الشعب الفلسطيني، برأي السيد الحوثي، هو الموقف الداعم بكل ما يلزم ليستطيع التحرر ورفع الظلم عنه، فالحقوق تُنتزع من خلال الإصرار، والمقاومة والضغط الشعبي المنظم. وبيّن "السيد" أهمية الفعل المقاوم واستنهاض الأمة من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتفهم مسؤولية الإنسان المسلم أمام الله.
لا موقعية الحركة
لقد جهد الكاتب في بيان ملامح الفكر السياسي للحركة، معتمداً في استدلاله على جناحَي النقد والتجديد في فكر مؤسسها؛ حيث قدم هذا الفكر في إطار سياسي معاصر.
وفي الحديث عن الحركة يُلاحَظ مسألة جوهرية تتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث إن هذه القضية لم تغِب عن بال اليمنيين في أشد الظروف قسوةً. وهو أمر ينبئ عن طينة هذا الشعب العظيم الذي لم تُفلح أعتى الحروب في حرفه عن البوصلة العربية الحقيقية.

الهوامش:

1- مقال "يُسجل لليمن"، للصحافي محمد نزال في جريدة الأخبار، انظر: www.al-akhbar.comode\25583
2- قراءة في الفكر السياسي لحركة أنصار الله في اليمن، عبد الوهاب عبد القدوس الوشلي، مراجعة ماجد أحمد الوشلي، ص32.
3- (م.ن)، ص200.
4- (م.ن)، ص264.

المصدر:بقية الله

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 30 يناير 2018 - 18:45 بتوقيت مكة
المزيد