المهدي...عقيدة و تكليف

الأحد 31 ديسمبر 2017 - 09:43 بتوقيت مكة
المهدي...عقيدة و تكليف

بعد التسليم بأن المهدي (عج) هو القائم المنتظر لإزالة الظلم وإقامة العدل وأن الله أعده لتطبيق هذه الأطروحة الكاملة والعادلة، وكون هذه الفكرة – المهدوية – بمجموعها فكرة إسلامية صحيحة متوقعة التطبيق في أي لحظة بظهور الإمام، إذن لابد لنا من معرفة تكليفنا تجاهها كمسلمين ندين بدين الإسلام…

عبدالرزاق النداوي

بعد التسليم بأن المهدي (عج) هو القائم المنتظر لإزالة الظلم وإقامة العدل وأن الله أعده لتطبيق هذه الأطروحة الكاملة والعادلة، وكون هذه الفكرة – المهدوية – بمجموعها فكرة إسلامية صحيحة متوقعة التطبيق في أي لحظة بظهور الإمام، إذن لابد لنا من معرفة تكليفنا تجاهها كمسلمين ندين بدين الإسلام

التكليف الأول: الإعتراف بالمهدي(ع) كأمام مفترض الطاعة وقائد فعلي للأمة، وقد يقول قائل: ما الفرق بين أن أعترف بالمهدي أو لم أعترف مادام غائباً لا يمكن الإتصال به ، وجوابـه في نقطتين:
النقطة الأولى: إن هذا- الإعتراف – في الحقيقة له أثره النفسي الكبير على المؤمنين، مثله في ذلك كمثل الجيش في المعركة إذا كان قائده معه في الميدان يوجهه ويرعاه ويشاركة الصعوبات والضغوطات فإنه يندفع نحو القتال، في حين لو كان الإحساس بوجود الإمام غير موجود أو أنه (ع) غير مولود لكان حالنا كحال جيش في معركة بلا قائد وأما الإشكال بأنه غائب ولا يمكن الإتصال به فهذا له مجال آخر ويحتاج إلى تفصيل ، فالمهم في هذا المستوى من التفكير أن يكون لدينا إحساس بوجود القائد معنا

النقطة الثانية: إن إنكار المهدي (ع) وعدم الإعتراف به يعتبر إنكارا لرسول الله (ص) كما جاء في الخبر عنه (ص):"القائم من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي وشمائله شمائلي سنته سنتي، يقيم الناس على ملتي وشر يعتي، ويدعوهم الى كتاب ربي(عز وجل)، من اطاعه فقد اطاعني ومن عصاه فقد عصاني ومن انكره فقد انكرني، ومن كذبه فقد كذبني ومن صدقه فقد صدقني"

التكليف الثاني: من التكاليف المطلوبة في عصر الغيبة (الإنتظار)، والمفهوم الإسلامي الصحيح الواعي للإنتظار هو التوقع الدائم لتنفيذ الغرض الإلهي الكبير، وحصول اليوم الموعود الذي تعيش فيه البشرية العدل الكامل بقيادة وإشراف الإمام المهدي (ع) وهذا التوقع ينتج للإنسان نتيجتين طيبتين:
الأولى: أن يكون على استعداد دائم لاستقبال الإمام والتضحية في سبيلة وتقديم أي خدمة له الى حد الشهادة في سبيل الله وبين يديه (سلام الله عليه) كما جاء في دعاء: واجعلنا من المستشهدين بين يديه.
الثانية: إن توقع الظهور في كل لحظة يجعل من المؤمن إنساناً مستقيماً على مستوى السلوك من حيث الأقوال والأفعال وسائر المواقف والرؤى. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يجعل المؤمن ينأى بنفسة بعيداً عن المعاصي و الإنحرافات حذراً منها لئلا يخرج الإمام وهو متلبساً بالمعاصي، فيكون بذلك من أعداء الامام والعياذ بالله، وليس من جنوده ومواليه، كما لا تنفع التوبة حينها ولات مناص، وقد ذكر ذلك جمع من المفسرين في قوله تعالى: (يوم لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل) حيث قالوا: إن المقصود باليوم هو يوم الظهور

التكليف الثالث: رفع درجة النشاط الإجتماعي لأجل هداية الناس، وتكثيف العمل بوظيفه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل ذلك لأجل توسيع القواعد الشعبية المناصرة الإمام (ع) ورفع روح التضحية، لأننا نسمع في الروايات أن من شرائط الظهور توفر صنفين من أنصار الامام.
الأول: ثلاثمئة وثلاثة عشر، -وهو في الحقيقة- قيادات ورموز جيش الإمام المهدي (عج).
الثاني: توفر ما لا يقل عن عشره آلاف مقاتل مخلصين مستعدين للتضحية والموت في سبيل الله بين يدي الإمام، وما لم يتوفر هذا العدد فلا يتحقق الظهور، والإسراع في إعداد هذه القاعدة يسرّع ويعجّل من لحظة الظهور.

ونختم هذا المقال بما قاله الشهيد الصدر :"إن المسؤولية القانونية ، وإن كانت متوفرة للمنحرفين في عصر الغيبة الكبرى، ولم يكن البشر معذورين في عقائدهم وأعمالهم الباطلة . إلا أن الظروف التي يعيشونها تكفكف من عمق المسؤولية وتقلل من درجتها ، بمقدار ما تقلل من درجة الاختيار ، وتجعل الحافز على الانحراف ، قوياً فعالاً .

"وإلى مثل ذلك ، وما يشبهه تشير الرواية التي أخرجها الشيخ في الغيبة بطريق صحيح عن زرارة عن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال : حقيق على الله أن يدخل الضلاّل الجنة . فقال زرارة : كيف ذلك جعلت فداك ؟ قال : يموت الناطق ولا ينطق الصامت ، فيموت المرء بينهما ، فيدخله الله الجنة .

"والشرح الأولي لهذه الرواية : ان المراد من الضلاّل بالتشديد : المنحرفين من المسلمين ، وإدخالهم الجنة إنما يكون بسبب قلة المسؤولية التي أشرنا اليها ، حتى تكاد تنعدم فينعدم العقاب بالمرة وذلك في ظرف معقد خال من التبليغ الاسلامي ، عند موت الناطق بالحق ، وصمت الموجود .

"وقد يراد بالناطق والصامت ، الأئمة المعصومين عليهم السلام . فيراد بالصامت الامام المهدي (ع) وبالناطق من قبله منهم عليهم السلام .وتكون الفترة المشار إليها ، هو عصر الغيبة الكبرى الذي نؤرخ له . كما قد يراد بالناطق والصامت أيّ مفكر ومبلغ إسلامي وداعية إلى الحق سواء كان معصوماً أو لا ."

المصدر:  montazar.net

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 31 ديسمبر 2017 - 09:21 بتوقيت مكة