السلطان قابوس بن سعيد وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كانا الوحيدين من بين قادة الخليج [الفارسي] اللذين أعلنا تلقّيهما الدّعوة رسميًّا عبر سفير الكويت في الدّوحة ومسقط، بينما تَجاهلت جميع الدول الأُخرى، وخاصّةً الثّلاث المُقاطعة لدولة قطر النبأ كُليًّا، ولم تتطرّق إليه في جَميع وسائِلها الإعلاميّة الرسميّة أو غير الرسميّة، إلا في حالاتٍ نادرة.
صُحف كويتيّة أبدتْ الكَثير من التّفاؤل، وأكّد بعضها، أن القمّة ستُعقد وستكون كاملةَ النّصاب، ولكنّها لم تُقدّم أيَّ سببٍ أو تصريحٍ رسميٍّ يُعزّز هذا التّفاؤل حتى كِتابة هذهِ السّطور على الأقل، وَسَطَ تَكتّمٍ رَسميٍّ غير مَسبوقٍ في هذهِ الحالات.
الرّد السعودي، سواء كان سَلبًا أو إيجابًا، سيكون حاسمًا في أمر هذه القمّة، فإذا كان سَلبًا، فهذا يَعني حتمًا عدم انعقادِها، وربّما تأجيلها، وإذا كان إيجابًا، فهل يكون التّمثيل على مُستوى العاهل السعودي الملك سلمان، أو وليّ عَهدِه الأمير محمد بن سلمان، أم على مُستوى وزير الخارجيّة عادل الجبير؟
حتى المَوقف القَطري نفسه يتّسم بالغُموض، فوكالة الأنباء القطريّة التي بثّت نبأ تلقّي الأمير تميم الدّعوة، لم تَقل ما إذا كان قد قَبِلها وسَيتوجّه إلى الكويت بالتّالي، وتَركت السّاحة مَفتوحةً للتكهّنات، واتّخذت سلطنة عُمان المَوقف نَفسه تقريبًا.
من المُفترض أن يوميّ الجمعة والسبت عطلة أُسبوعيّة في مِنطقة الخليج ( الفارسي )، ومن المُفترض أيضًا أن يَسبق موعد انعقاد القمّة اجتماعٌ لوزراء خارجيّة دُول المَجلس في الدّولة المُضيفة، أي الكويت، لوَضع جدول الأعمال، وإعداد البَيان الخِتامي، ولم يَصدر أيَّ تَحرّكٍ يُشير إلى هذا الاجتماع في أيٍّ من الأيّام الأربعةِ المُقبلة التي تَسبق القِمّة.
على ضُوء ما تقدّم يُمكن الاستنتاج بأنّ دولة الكويت التي “تَعِبت” من عَدم التّجاوب بشكلٍ إيجابيٍّ مع جُهود وساطَتِها في الأزمة الخليجيّة، طَفحَ كَيْلها، وقرّرت الإقدام على تَوجيهِ الدّعوات في هذهِ العُجالة لسببين رئيسيّين في اعتقادنا:
الأول: أن تكون أقدمت على توجيهِ الدّعوات وعبر السّفراء، وليس عبر وزير الخارجيّة، لأنّها قرّرت أن تُلقي بالكُرة في مَلعب الدّول الأعضاء، وتَحمّل مسؤوليّة انعقاد هذهِ القِمّة أو تأجيلِها على عاتِقها، وتُبرّيء نَفسها من أيِّ لوم.
الثّاني: أن تكون الكويت قد عَقدت صَفقةً خلف الكواليس لانعقاد القمّة بحُضورٍ قطريٍّ مُنخفض المُستوى، وبدونِ مُشاركة الأمير تميم، وبِما يُؤدّي إلى سَحبْ “الفيتو” السعودي الإماراتي البحريني، وبِما يُؤدّي إلى مُشاركتها جميعًا في القِمّة كحل وسط إكرامًا لدَولة الكويت وحكيمها الشيخ صباح الأحمد، أو أن قطر قدّمت تنازلاتٍ مُهمّة على صعيدِ التّجاوب مع جميع، أو مُعظم، مَطالب الدّول المُقاطِعة، حَملها الشيخان بن جاسم وجوعان، شقيقا الأمير تميم أثناء زيارتهما المُفاجئة للكويت قبل أُسبوع.
لا يُمكن أن نُرجّح أي من الخَيارين، أو السببين، لأن المَعلومات المُتسرّبة حول هذهِ “المُعضلة” ما زالت شحيحة، ولا تَخرج عن الاجتهادات والتّسريبات، وفي الصّحافة الكويتيّة على الأغلب، ولكن حتى نكون في مَوقع آمن مِهنيًّا، نَقول أن الثماني والأربعين ساعةً المُقبلة سَتكون حاسِمةً في هذا المِضمار، وما عَلينا، مِثل الكثيرين غَيرنا، غير الانتظار.
“رأي اليوم”
24