عطوان: هل ينجح تيرلسون في تحقيق ما عجز عنه أمير الكويت؟

السبت 21 أكتوبر 2017 - 11:19 بتوقيت مكة
عطوان: هل ينجح تيرلسون في تحقيق ما عجز عنه أمير الكويت؟

الكوثر/ مقالات- عادت الأزمة الخليجية تَحتل مكانة بارزةً في الحِراك السياسي العربي والدولي بعد فترة من الهدوء يعتبرها البَعض تسبق العاصفة، فها هو ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكي، يجرب حظه للمرة الثانية لإيجاد مخارج وحلول لها بزيارته الرياض اليوم (الجمعة) وبعدها الدوحة، مقتفيا أثر الشيخ صباح الأحمد، أمير دولة الكويت، الذي زار العاصمة السعودية للغرض نفسه الإثنين الماضي.

هل تَنجح مُهمّة تيرلسون في الرّياض والدّوحة في تَحقيقِ ما عَجزت عَنه زيارة أمير الكويت الخاطفة؟ ولماذا كان استقبال الأخير "فاترًا” في الرّياض واجتماعه مع العاهل السعودي لم يَزد عن عَشرين دقيقة؟ ولماذا غاب الأمير محمد بن سلمان عَنه؟

الدول الأربع المقاطعة لدولة قطر لا تكن الكثير من الود للوزير تيلرسون، ولا تثق بوساطته، وتعتبره منحازًا لغريمهم القطري، خاصة بعد توقيعه اتفاقا مع الأخيرة أثناء زيارته الأولى قبل شهرين لمكافحة الإرهاب، الأمر جرى اعتباره تبرئة ساحتها من تهم في هذا المضمار، ومِن المؤكد أن حالة انعدام الثقة فيه، أي الوزير تيلرسون، وعدم الارتياح لمهمته الجديدة، ستزداد حدة بعد تصريحاته التي أدلى بها الخميس ووجه فيها "انتقادات حادة" للدول الأربع، وتوجيه اللوم لها باستمرار الأزمة، عندما قال "يبدو أن هناك غيابا فعليا لأي رغبة في الدخول في حِوار من بعض الأطراف المعنية"، مضيفا "يعود الأمر إلى قادة الرباعي ومتى يُريدون الدّخول في حوار مع قطر، لأن هذا البلد عبر عن رغبته في الحِوار".

زيارة تيلرسون لكل من الرياض والدوحة لم تكن مدرجة على جدول أعمال جولته الحالية التي كانت سَتشمل باكستان والهند، وأضيفت في اللحظة الأخيرة، مما يعني أن أمرا طارئا حتم هذه الإضافة، ومن غير المستبعد أن تكون الكويت لَعبت دورًا في هذا التحول، إدراكا منها وأميرها لخُطورة المَوقف، وربما استشعاره بوجود "ترتيبات" من قِبل السلطات السعودية وحلفائها الثلاثة ضد قطر في المرحلة المقبلة، ألم يَقل في مؤتمره الصحافي الذي عقده في واشنطن على هامش زيارته الرسمية لها، أن وساطته مَنعت تدخلا عَسكريا في قطر، فهل هناك "نوايا" تُوحي بإحياء احتمال هذا التدخل في المَرحلة المقبلة؟

***

معظم التسريبات تؤكد أن زيارة الشيخ صباح الأحمد الخاطفة للرياض يوم الإثنين الماضي لم تحقق أي من أهدافها في التوصل إلى الحد الأدنى من التوافق الخليجي بِما يَسمح بانعقاد القمة الخليجية في شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل في الكويت بموعدها، وبحضور كل الدول الأعضاء، ومنع حُدوث انقسام في مجلس التعاون.

مصادر خليجية موثوقة أكدت أن اللقاء بين الملك السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وضيفه الكويتي لم يَستغرق إلا 20 دقيقة فقط، واتّسم بالفُتور، وعَكس حالةً من "العتب" السعودي تُجاه الكويت، وسياستها "الحيادية" في الأزمة، لعَدم اصطفافها خَلف الدول المقاطعة لدولة قطر، والوقوف في الخَندق السّعودي الذي يَقودها.

لُوحِظ أيضا، والحديث للمصادر نفسها، أن الملك السعودي لم يكن في استقبال الأمير الكويتي في مطار الرياض، ولا ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وجرى إيكال هذه المهمة إلى أمير الرياض فيصل بن بندر بن عبد العزيز، مِثلما لوحِظ أيضا أن الأمير بن سلمان لم يكن ضمن الأمراء والمسؤولين الذين حَضروا مأدبة الغداء التي أقامها الملك السعودي على شرف ضيفه الكويتي، وهذه كلها رسائل متعمدة للضيف الكويتي.

السعوديون، ومعهم الدول الثلاث الأخرى (الإمارات ومصر والبحرين)، لا يريدون حوارا، وإنّما استسلاما قطريا كاملا، والقبول بالشروط والتنازلات المطلوبة منهم وتنفيذها، ويعملون في إطار خطة محكمة تهدف إلى تغيير النظام في قطر وتشديد الحصار عليه، واستقطاب عناصر من شيوخ الاسرة القطريّة الحاكمة لصفها، وحققوا بعض النجاح في هذا الإطار، وكذلك تحريض بعض القبائل القطرية للتمرد، وردت السلطات القطرية بإجراءات "حازمة"، مِثل سحب الجنسيّات، واعتقال وفَرض إقامةٍ جبريّةٍ على كل من يشق عصا الطّاعة عليها، ولعل سَحب الحكومة القطرية 20 مليار دولار من احتياطاتها النقدية لسد بعض العجوزات في ميزانيتها، حسب ما ذكرته صحيفة "الفايننشال تايمز" مؤشر يَجب أخذه بعين الاعتبار.

الوزير تيلرسون، كان مصيبا عندما اعترف بأنه لا يتوقع حلا سريعا للأزمة، ولا نعتقد أنه سيجد استقبالا،  أو تجاوبا أفضل، من ذلك الذي حَي به أمير الكويت في الرياض، لأن حالة "الغضب" السعودية مِنه وسياسات بِلاده في المِنطقة، هي التي دفعت بالملك السعودي إلى زيارة موسكو قبل أسبوعين، وتقديمها على زيارته لواشنطن، وتوقيع عدة اتفاقاتٍ عسكرية مع حكومتها من بينها صفقة شراء صواريخ “إس 400″، وأُخرى ذات طابع تقني تتعلق ببناء مفاعلات نووية.

***

لن يكون مفاجئا بالنسبة إلينا أن تكون زيارة تيلرسون هذهِ لمنطقة الخليج (الفارسي) هي الأخيرة بالنسبة إليه، بسبب تعارض مواقفه مع مواقف رئيسه دونالد ترامب، الذي يفضل حصار قطر، وسحب قاعدة العيديد منها، والوقوف في خندق الدول الأربع في إطار تحالف يساند استراتيجيته الجديدة في التصدي لإيران التي عبر عنها في خطابه الأخير، وأعلن فيه عدم تصديقه على الاتفاق النووي.

عدم زيارة أمير الكويت لقَطر بعد زيارته السعودية، وإيفاده الشيخ صباح الخالد الصباح، وزير الخارجيّة، حاملاً رسالة منه إلى الشيخ تميم، أمير دولة قطر، كلها مؤشرات توحي، بأن جهود الوساطة تُراوح مكانها، وفرص الحِوار باتت شبه معدومة، أو معدومة كليّا، والقمة الخليجية المُقبلة باتت في مهب الريح، واحتمالات التأجيل، أو حتى الإلغاء، باتت الأكثر ترجيحا، والأيام والأسابيع المقبلة قد تشهد العديد من المفاجآت.. والله أعلم.

عبد الباري عطوان- راي اليوم

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

السبت 21 أكتوبر 2017 - 10:51 بتوقيت مكة