خلال 9 اشهر نفذ ترامب وعده الانتخابي “امريكا اولا” من خلال خروجه من العديد من المعاهدات والاتفاقيات والمنظمات الدولية، بعضها قائمة منذ عقود طويلة، دون اعتناء بما ستلحقه هذه السياسة بامريكا ونظرة الدول الاخرى اليها.
هناك قائمة طويلة من الاتفاقات أو المنظمات الدولية التي انسحب منها ترامب أو هدد بالانسحاب منها بدءا بالشراكة عبر المحيط الهادىء، إلى اتفاق باريس للمناخ، واتفاق التبادل الحر في أميركا الشمالية (نافتا) وأخيراً منظمة اليونسكو، واليوم الاتفاق النووي الدولي.
هذه الاجراءات غير المدروسة التي اتخذها ترامب دفعت رئيس مركز “مجلس العلاقات الخارجية” الامريكي للابحاث ريتشارد هاس واحد اعضاء ادارة الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش للقول إن “سياسة ترامب الخارجية وجدت شعارا لها ألا وهو عقيدة الانكفاء”.
منتقدو ترامب داخل امريكا اعتبروا شعار “امريكا اولا” الذي رفعه ترامب تحول الى “امريكا وحيدة” و”امريكا معزولة” بعد القرارات التي اتخذها ترامب، فهذا مساعد مستشار الأمن القومي في إدارة باراك أوباما بن رودس اكد ان اصرار ترامب على الانسحاب من الاتفاق النووي اثار الشكوك لدى الاخرين بقدرة الولايات المتحدة على الإيفاء بالتزاماتها الدولية”،”ولن ترغب دول أخرى في إبرام اتفاقات مع الولايات المتحدة، لأنها ستفكر في أننا لن نلتزم بكلمتنا”.
اما وندي شيرمان كبيرة المفاوضين الأميركيين حول الاتفاق النوي حذرت من أن سحب ترامب إقراره والتهديد بإنهاء العمل به في أي وقت، “من شأنه إضعاف وعزل” واشنطن وكذلك علاقتها مع الأوروبيين وفي المقابل، تعزيز موقف إيران وروسيا والصين.
رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الامريكي السيناتور الجمهوري بوب كوركر طلب من ترامب أن يلتزم بالاتفاق النووي والغاءه لا يعتبر مبادرة جيدة من قبل ترامب.
حلفاء امريكا في الغرب كانوا اكثر غضبا من الديمقراطيين والجمهوريين ازاء السياسة الانعزالية لترامب ، فقد اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان منطق ترامب يقوم على فرض “ميزان القوى” و”رفض” التعاون المتعدد الاطراف في القضايا الدولية الكبرى ، وقال ” من المؤكد أن دور التعاون المتعدد الاطراف وأهميته اصبحا موضع تشكيك” بسبب سياسة ترامب ، و“لدينا رؤية تختلف كثيرا عن رؤية إدارة ترامب لضمان الأمن العالمي”.
وزير الخارجية الألماني زيجمار جابرييل، فقد حذر ترامب من ان الغاء الاتفاق النووي الإيراني أو أعادت فرض عقوبات على طهران ، يبعثا ”إشارة صعبة وخطيرة“ واضاف ان ”قلقي الكبير هو أن ما يحدث في إيران أو مع إيران من منظور أمريكي لن يظل مسألة إيرانية لكن الكثيرين في العالم سيفكرون إذا ما كانوا هم أنفسهم ينبغي أن يمتلكوا أسلحة نووية نظرا لأن مثل هذه الاتفاقات تلغى”.
نفس هذه المواقف اتخذتها روسيا والصين وبريطانيا و فرنسا والاتحاد الاوروبي، وهي دول وقعت الى جانب امريكا والمانيا، على الاتفاق النووي مع ايران، اكدت ان العالم لم يعد يتحمل سياسة الاستفراد والتعالي الامريكية، الامر الذي يعتبر احد اهم منجزات الاتفاق النووي الدولي، كما ان اوروبا ستخرج من الازمة في حال تمسكت بمصالحها، كلاعب قوي ومؤثر على الساحة الدولية مثل روسيا والصين، بعد ان كانت وعلى مدى اكثر من 60 عاما تتبنى سياسات ومواقف امريكا كالظل.
*منيب السائح/ شفقنا
101/24