ومن خلال حملته الانتخابية، قال ترامب متعهداً: "سأفعل كلّ شيء في وسعي، لئلّا نجد أنفسنا في موقع نحتاج فيه لاستخدام الأسلحة النووية".
والخميس 10 اغسطس/ آب 2017، قال إنه يرغب في "إزالة الأسلحة النووية من العالم"، ولكن ريثما تتخلص بقية الدول من أسلحتها النووية "سنكون نحن أقوى دولة نووية في العالم، بمراحل عدّة".
والواقع أن ترامب إذا ما قرر ضرب كوريا الشمالية فإنه ليس بحاجة إلى موافقة مستشاريه العسكريين ولا الكونغرس الأميركي من أجل إطلاق الأسلحة النووية، فلا الجيش ولا الكونغرس في وسعهما رفض هذه الأوامر، بحسب تقييم للكونغرس الأميركي نهاية العام الماضي 2016.
والسبب بسيط: فالنظام مُعدٌّ لكي تشن الولايات المتحدة هجوماً خلال دقائق، وذلك لكي تتمكن من الرد السريع شبه الفوري في حال تعرضت هي لهجوم نووي، وفق ما نقلته صحيفة "واشنطن بوست"، الخميس، عن بروس بلير، المسؤول السابق المراقب للأسلحة النووية.
"خانة اليك"
وفي ظل مبارزة التهديدات التي تبادلها ترامب مع بيونغ يانغ، ظهرت التساؤلات عن الدوائر المؤثرة في قرار الرئيس الأميركي ومدى قدرتها على تصويب القرار، وكانت الإجابة الصريحة هي: في حال أراد الرئيس توجيه مثل هذه الضربة، فإنّ كبار مستشاريه العسكريين سيكونون كمن حُشر في "خانة اليك" (مصطلح يعني أن الخيارات صارت محدودة للغاية)، ولن يكون أمامهم سوى الانصياع والتنفيذ أو الاستقالة.
وعقب تصريحات ترامب، الثلاثاء، التي قال فيها إن أي تهديد يصدر عن كوريا الشمالية مستقبلاً سوف يواجَه بـ"النار والغضب"، بشكل لم يشهده العالم من قبل"، وتلاها بتصريحات أكثر حدّة، الخميس، رافضاً سحب الهجوم الأميركي الاستباقي من على الطاولة، وواصفاً الهجوم الاستباقي المحتمل بقوله: "لن أتحدث عنه.. سنرى ما سيحدث"، حاول مسؤولو الإدارة، ومنهم وزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، تخفيف توتّر الوضع.
لكن المسؤولين كذلك، شدّدوا على حرية ترامب وصلاحيته في استخدام اللهجة التي يراها مناسبة بصفته رئيس البلاد، حيث أكّد الوزير ماتيس للمراسلين والصحافيين الذين رافقوه يوم الأربعاء في سفره إلى الساحل الغربي الأميركي: "لم أُنتخَب أنا، بل انتخب الشعب الأميركي الرئيس، فاللهجة أمر يعود للرئيس".
ومن المفترض قبل إطلاق أي هجوم استباقي، أن يجتمع ترامب بكل من ماتيس، وكبير موظفي البيت الأبيض جون إف. كيلي، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف إف. دنفورد الابن، وكذلك المقدم إتش. آر. ماكماستر مستشار البيت الأبيض للأمن القومي، ولكن سيكون الأمر "خارجاً عن المألوف" إن حاولوا إعاقة أو إبطاء أمرِ الرئيس.
وبمقتضى "قانون قوات الحرب" الحالي الذي يرجع إلى عام 1973، فإنّ الرئيس غير ملزَم بأخذ موافقة الكونغرس على أي عمل عسكري حتى 60 يوماً من بعد بدء شن الحرب.
تمرد
أستاذ السياسة المحافظ ستيفن إف. هايوورد، قال إنّه "لو وقف مستشارو ترامب العسكريون الكبار يداً واحدة ضد تنفيذ هجوم نووي استباقي، لكان الحل الناجع الحقيقي هو الاستقالة"، وهذا نظرياً سيباشر إجراءات خلع الرئيس، وفق ما قاله هايوورد، ولكن من غير الواضح إن كان هذا سيتم بالسرعة المناسبة لوقف الرئيس عن شنّ هجوم.
يقول هايوورد: "قد يحصل ذلك، ولعله يكون درامياً، وقد يكون من غير الواضح أبداً ما سيحصل، لكنه قد يحصل. إننا بحق نسير على غير هدى في منطقة مجهولة لم نألفها".
وأما بروس أكرمان أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة "يال"، فقال إنّ "مبدأ التحكم المدني في الجيش يلوح بالأفق، حتى لو كان هذا المدني الذي يملك سلطة التحكم هو بمزاجية وعدوانية الرئيس ترامب".
وقد سارت دول أميركا اللاتينية في دساتيرها على نسق الدستور الأميركي، وتشير تجاربها إلى أن العواقب الوخيمة تكون بالانتظار عندما يتحدى جنرالات الجيش رؤساءهم، حتّى لو كان ذلك تحت ظروف قاهرة.
وختم آكرمان بالقول: "الأسوأ هو أنّه متى خرق المبدأ، فإن ذلك يصبح مثالاً وقدوة لجنرالات المستقبل؛ كي يأخذوا زمام التحكم في القانون بأيديهم. لا نستطيع السماح لهذه الدينامية بالحدوث هنا، فإن كان فريق ترامب غير قادر على إقناعه، فعليهم إطاعة أوامر رئيسهم".
ورداً على تهديدات ترامب، أعلنت كوريا الشمالية أنها تخطط لضرب أهداف عسكرية أميركية في جزيرة "غوام" بصواريخ باليستية متوسطة المدى، لأجل خلق "نار مُحدقة"، وهو ما وصفته وكالة الأنباء الكورية، بقولها: "وصلت هستيريا الحرب النووية لدى السلطات الأميركية، ومن ضمنها ترامب، لمرحلة مُتهوِّرة وطائشة إلى حدٍ مُتطرِف باتجاهِ حرب حقيقية".
هافينغتون بوست