الكوثر_ايران
قال سعيد خطيب زاده، نائب وزير الخارجية ورئيس مركز الدراسات السياسية والدولية بوزارة الخارجية، اليوم السبت خلال خطابه في حفل افتتاح المنتدى الثالث لمراكز الفكر الإيرانية الصينية: عشية الذكرى الخامسة والخمسين لبدء العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية الصين الشعبية، نبدأ من جديد مسيرة جديدة مع زملائنا الإيرانيين والصينيين.
أيها الضيوف الكرام، يُعقد المؤتمر الإيراني الصيني الثالث في ظل ظروفٍ تأثرت فيها العلاقات الثنائية بين البلدين وبيئتهما المحيطة تأثراً بالغاً، وواجهت خلالها ظروفاً جديدة. يشهد العالم إعادة تشكيل، ولا أحد منا يعلم إلى أين ستؤول هذه العملية؛ ولكن ما نحن على يقين من استمراره وسط كل هذه العقوبات والضغوط هو مبدأ واحد، ألا وهو الصداقة بين إيران والصين.
اقرأ أيضا:
وتابع قائلاً: بغض النظر عما يحدث في النظام الدولي، وبغض النظر عن التحديات التي تفرضها الولايات المتحدة على هذا النظام، فإن العلاقات الإيرانية الصينية علاقاتٌ حقيقية، راسخة، حضارية، وتاريخية. وقد دفعت هذه الظروف الاستثنائية المثقفين والنخب في البلدين إلى تركيز جهودهم وفق نهج جديد وعملي، بهدف تيسير التخطيط قصير الأجل للعلاقات الثنائية بما يتوافق مع الخطط طويلة الأجل للبلدين.
وأشار خطيب زاده إلى أن قادة البلدين، خلال الفترة بين المؤتمر الثاني واليوم، قد أظهروا إرادتهم في تطوير العلاقات الثنائية في بيئة هشة وغير مستقرة تماماً. قال: إن البيئة الهشة وغير المستقرة هي نتيجة لأفعال تُزعزع النظام والاستقرار العالمي والإقليمي من قِبل قوى مهيمنة؛ قوى حوّلت النظام العالمي القائم على القانون والنظام إلى نظام قائم على القوة.
وقد سعت إيران والصين، بوصفهما دولتين تعتبران أطر القانون الدولي هي الأطر الحقيقية التي تُشكّل النظام الدولي، إلى تعزيز العلاقات بينهما في هذه البيئة الهشة بأفضل السبل الممكنة، وتقديم دليل على الإرادة والقدرة الكامنة لدى عاصمتيهما.
وأضاف: في الوقت نفسه، استغل رئيسا البلدين مناسبات مثل قمة منظمة شنغهاي للتعاون، وقدّما مبادراتهما الخاصة للعب دور فعّال في صياغة النظام الدولي الجديد على النحو الأمثل، ووضعه على المسار الصحيح لضمان تحقيق أقصى قدر من الفوائد لجميع دول العالم، وأظهرا أن العلاقات بين البلدين لا تتعارض مع علاقات الدول الأخرى، بل تُكمّل هذا النظام الجديد؛ وهو نظام يسعى البعض، للأسف، إلى زعزعة مستقبل العالم.
وتتشابه مبادرات رئيسي البلدين في جوانب عديدة؛ تُحدد هذه النقطة مهمة مزدوجة للمفكرين المرتبطين بالسيادة والمستقلين في البلدين، تتمثل في تحديد سبل التعاون بينهما على الساحة الدولية، وتسهيل صياغة خطط تنفيذية للعلاقات الثنائية في ظل الظروف الجديدة، وذلك لخفض تكاليف تنفيذ هذه المبادرات.
وتابع نائب وزير الخارجية: يُعقد منتدى إيران-الصين الثالث لمراكز الفكر في ظل وضعٍ قدمت فيه خطة التنمية السابعة لإيران وخطة التنمية الخامسة عشرة للصين مناهج يُمكن على أساسها تحديد أطر جديدة لتشكيل وتنظيم العلاقات الخارجية للبلدين؛ مناهج يُمكن تحقيقها بالتركيز على نقاط التشابه بينهما، وخططهما التشغيلية والتنفيذية والجدول الزمني؛ برامج تُتيح، على المستوى التشغيلي، تحقيق رؤى وأهداف قادة البلدين الكبرى لمستقبل العالم والمناطق المحيطة به، من خلال العلاقات الثنائية بين إيران والصين، بتكلفة أقل وبكفاءة أعلى.
وأضاف خطيب زاده: بعد أن اتفق قادة البلدين على رفع مستوى العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة في عام ٢٠١٥، وقّعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية الصين الشعبية وثيقة التعاون الاستراتيجي بينهما، استناداً إلى هذا المستوى الجديد من العلاقات، في مطلع عام ٢٠١٧، وبدأ تنفيذ هذه الوثيقة عملياً اعتباراً من يناير من العام نفسه. واليوم، ورغم تغيير الحكومات في إيران، لا تزال هذه الوثيقة تُعتبر الوثيقة الأساسية للعلاقات الثنائية. وخلال فعاليات اليوم والغد، سيقوم مفكرون من كلا البلدين بتحليل ومراجعة وتقديم حلول في جلسات مغلقة حول كيفية المضي قدماً نحو تحقيق الأهداف المنصوص عليها في هذه الوثيقة، مع مراعاة التغيرات في البيئة المحيطة، والمتطلبات الناجمة عن مبادرات رئيسي البلدين، والمتطلبات الدقيقة والنهائية لخطط التنمية الخمسية الإيرانية والصينية.
أكد رئيس مركز الدراسات السياسية والدولية بوزارة الخارجية أن العلاقات الثنائية، مع اعتمادها على الموارد التقليدية وتعزيز كفاءتها وإنتاجيتها، تتطلب محركات جديدة لتسريع وتيرة تطويرها على مسار الشراكة الاستراتيجية الشاملة. وقال: إن إيلاء اهتمام أكبر لتطوير التعاون التكنولوجي، لا سيما في مجال التقنيات الحديثة، وتعزيز التعاون متعدد الأطراف بين إيران والصين والدول القادرة على تحديد مصالح مشتركة مع البلدين، وتوسيع نطاق التعاون في ممرات التنمية، وتعزيز التعاون في مجال السياحة كرمز للعلاقات الشعبية، والتعاون في مجال
الطاقة المتجددة والصناعات النظيفة كمؤشر على توجه البلدين نحو اقتصاد مستدام وأخضر، من بين أهم القضايا التي ستُناقش أبعادها المختلفة في اجتماع هذا العام بناءً على الخطط الموضوعة.
وأشار إلى أن اجتماع هذا العام سيُعقد بالتعاون بين مؤسسات صنع القرار ومراكز الفكر التي تضطلع بمسؤوليات متنوعة في إدارة العلاقات مع الصين، وأن وزارة الخارجية، بوصفها محور الآلية العليا للعلاقات الإيرانية الصينية، قد وفرت المساحة اللازمة لتبادل وجهات النظر بشكل مباشر من خلال هذا المنتدى الفكري. إن العلاقات الإيرانية الصينية علاقات قائمة على الاختيار لا الإكراه، وهي علاقات تتطلب بناء علاقة متعددة الأوجه ومتشابكة تصب في مصلحة البلدين.
ولا شك أن أمام إيران والصين، بوصفهما ركيزتين أساسيتين من ركائز الجنوب العالمي، مساراً هاماً لتعزيز المصالح العليا والمشتركة للبلدين، وهما أمتان عظيمتان صديقتان، وهو مسار، بإذن الله، سيُسعى إليه بوتيرة متسارعة وتقارب أكبر.