شاركوا هذا الخبر

متى تنتهي فصول المأساة في غزة؟

"قسم الطوارئ... حيث ودّعت آلاء أبناءها التسعة"

في ردهات المستشفى، حيث اعتادت الطبيبة آلاء النجار أن تنقذ الأرواح الصغيرة، خفَّ وقع الخطى ذلك الصباح، وتباطأت عقارب الزمن لتكتب واحدة من أبشع فصول المأساة في غزة.

"قسم الطوارئ... حيث ودّعت آلاء أبناءها التسعة"

الكوثر - فلسطين

كعادتها، خرجت آلاء باكرًا من منزلها في خان يونس، ترافقها نظرة وداع خاطفة من صغارها، وربما قبلة مستعجلة من أحدهم، بينما تولّى زوجها، الطبيب حمدي النجار، مهمة إيصالها إلى مجمع ناصر الطبي، حيث تمضي ساعات يومها بين أنين الأطفال وتنهيدات الأمهات.

لم تكن تدري أن هذا اليوم ليس ككل الأيام، وأنها ستستقبل فيه أبناءها التسعة، لا كمرضى بحاجة إلى حنانها، بل شهداء، ملفوفين بكفن أبيض بارد، لا يليق بحيواتهم الصغيرة المفعمة بالبراءة.

قصف إسرائيلي أتى على منزل العائلة، فخطف أرواحهم الطاهرة، من يحيى حتى سيدرا، مرورًا بركان، رسلان، جبران، إيف، ريفان، سيدين، ولقمان... أسماء تناثرت بين جدران قسم الطوارئ، كما لو أن آلاء نفسها خطّتها على ألواح الوجع.

نجا الطفل العاشر، آدم، بجسدٍ ممزق وجراحٍ غائرة، يرقد الآن قرب أبيه في العناية المركّزة، بينما أمهما تُحاول أن تظل واقفة، متماسكة، وسط المشهد الذي لا يحتمله قلب بشر.

إقرأ أيضاً:

لم تبكِ آلاء كثيرًا، لم تصرخ. اكتفت بهمهمة واحدة، كانت أبلغ من كل العويل: "كلّ أطفال غزة أطفالي... لكن هؤلاء كانوا حياتي."

في قطاع غزة، لا تقتصر الحرب على القنابل، بل تتسلل إلى أعماق القلوب، تفتك بالأحلام والأمان. الاحتلال لا يكتفي بقتل الجسد، بل يحاول اغتيال الروح.

قالها الدكتور منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة: "في غزة، لا يُستهدف الأطباء فحسب، بل يُستهدف الوجدان... هذا الوجه الحقيقي للإجرام."

وهكذا، تحوّل قسم الطوارئ إلى مزار صغير للشهداء، ومحراب صامت للوجع، تسجد فيه آلاء بقلبٍ منكسر، وتبتهل أن يحيا أطفال غيرها، بعدما ارتقى أطفالها على يد حقدٍ لا يعرف الرحمة.

أهم الأخبار

الأكثر مشاهدة