شاركوا هذا الخبر

الأمين العالم لكيانات شرق السودان لقناة الكوثر: فكر المقاومة في السودان بين الحضور النخبوي والتفاعل الشعبي شرقاً

في حوار خاص مع قناة الكوثر الفضائية، تحدّث مبارك النور عبدالله، الأمين العام للتنسيقية العليا لكيانات شرق السودان و النائب السابق في برلمان السودان عن أثر فكر المقاومة الذي تتبناه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومدى حضوره في الوعي السوداني، لا سيما في شرق البلاد كما تطرّق الحوار إلى تأثير الثورة الإسلامية بعد أكثر من أربعة عقود، وتقييم الخطاب الذي أطلقه الإمام الخميني (قدس سره)، فضلاً عن موقع محور المقاومة في وجدان النخب والشباب في السودان

الأمين العالم لكيانات شرق السودان لقناة الكوثر: فكر المقاومة في السودان بين الحضور النخبوي والتفاعل الشعبي شرقاً

خاص الكوثر_ مقابلات

فكر المقاومة وتأثيره في السودان وشرق البلاد

ورأى مبارك النور عبدالله أن لفكر المقاومة الذي تتبناه الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتقوده عبر محور المقاومة في المنطقة تأثير كبير على الوعي الشعبي والسياسي في السودان عامة، وفي شرق السودان على وجه الخصوص، خاصّة وأن المبدأ الواحد هو الذي جعل هذا التأثير ملحوظاً، مع العلم بأن أغلب المثقفين المستنيرين والنخب المؤثرة من شباب الإسلاميين، وهم يرون أن إيران تتبنى خطوطاً مشتركة تلامس اهتماماتهم.

اقرا ايضا:

تأثير الثورة الإسلامية في إيران على المزاج السوداني

في تقييمه لتأثير الثورة الإسلامية في إيران بعد أكثر من أربعة عقود، أكد عضو البرلمان السوداني السابق أن الثورة لا تزال تُذكر كحدث مفصلي في القرن العشرين، خصوصاً في السياق الإسلامي والشرق أوسطي، لكن تأثيرها على المزاج العام في السودان مر بمراحل مختلفة:في بدايات الثورة، كان لها تأثير كبير على النخب الإسلامية في السودان، التي كانت ترى في إيران نموذجاً ناجحاً في مقاومة الغرب، مثل التحرر من التبعية والعداء لكيان الصهيوني واستقلال القرار السياسي، ما ألهم الكثير من الشباب والمفكرين آنذاك.

وأردف قائلا: لكن مع مرور الزمن وتغير الأولويات السياسية في السودان والأزمات الاقتصادية المتراكمة، بدأ وهج الثورة الإيرانية يخفت إلى حدٍّ ما، وأصبحت الهموم المحلية تطغى على الإعجاب بأي تجربة خارجية. اليوم، تأثير الثورة الإيرانية على المزاج العام في السودان أقل مما كان عليه سابقاً، خصوصاً في أوساط الشباب الذين تحركهم مفاهيم الحرية والعدالة الديمقراطية أكثر من مفاهيم الثورة الإسلامية ومع ذلك، لا تزال هنالك نخب فكرية وإسلامية تستلهم جوانب من الثورة، خصوصاً فيما يتعلق بالكرامة والسيادة ورفض الهيمنة الغربية بكل الأحوال، الثورة الإيرانية لم تعد تُلهب الأغلبية كما في السابق، لكنها لا تزال حاضرة في وعي بعض النخب والمهتمين بالقضايا الفكرية والسياسية، والتأثير الآن أكثر وسط النخب لا الشعب.

خطاب الإمام الخميني في ظل ما يجري في غزة

تطرق أمين أمانه العلاقات الخارجيه بهيئه علماء السودان إلى الخطاب الذي أطلقه الإمام الخميني (قده)، حين وصف كيان الاحتلال بأنه "غدة سرطانية"، معتبراً أنه لم يكن فقط خطاباً سياسياً، بل تأسيساً لنظرية شاملة في فهم علاقة العالم الإسلامي بالقوى الكبرى وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل.اليوم يُقرأ هذا الخطاب من زاويتين:

1. ما يجري في غزة من قصف مستمر وحصار خانق واستهداف مباشر للمدنيين والبنية التحتية، جعل شعوباً عربية كانت مترددة في تبني خطاب المواجهة الشاملة تتساءل: هل كانت نظرة الإمام الخميني استشرافية؟ هل توصيفه لكيان الاحتلال كغدة سرطانية بات يعكس إجماعاً وجدانياً عند العرب والمسلمين، خاصة بعد المجازر اليومية الموثقة بالصوت والصورة؟ الجواب لدى الأغلبية الآن: نعم، أقرب للواقع من أي وقت مضى.

2.التجربة العربية مع فكرة التطبيع، حيث حاولت أنظمة عربية عديدة تسويق فكرة السلام مقابل التطبيع، لكن مشاهد غزة الأخيرة جعلت هذه المقاربة تنهار أخلاقياً وشعبياً، وبالتالي فإن الخطاب الذي تبناه الإمام الخميني، والذي كان يُوصَف أحياناً بالتطرف أو الشعبوية، بدأ يعود إلى واجهة النقاش الشعبي العربي، بل ويكتسب شرعية أخلاقية جديدة.وأضاف بالقول: خطاب الإمام الخميني بات اليوم، في ظل مشاهد الدمار والمقاومة البطولية في غزة، أقرب للوجدان العربي والإسلامي من أي وقت مضى، وهو خطاب تجاوز الطائفة والمذهب، لأنه وضع معياراً أخلاقياً: من يقف مع المظلوم ومن يبرر للجلاد.

المقاومة وإعادة تعريف مفاهيم العزة والحرية في إفريقيا

في هذا السياق، أكد "مبارك النور" أن إيران ومحور المقاومة لعبوا دوراً ملحوظاً، وإن كان غير مباشر في بعض الأحيان، في إعادة تشكيل مفاهيم العزة والحرية والسيادة لدى عدد من الشعوب الإفريقية، ومنها السودان.السبب يعود إلى خطاب المقاومة ضد الهيمنة الغربية، والذي يظهر إيران كدولة عصيّة على التطويع، ما جعل قطاعات من الشباب والمثقفين في إفريقيا يبحثون عن نموذج لا يخضع للغرب.أيضاً، نجاح قوى المقاومة في لبنان وفلسطين، رغم الفارق في القوة، أعاد للوعي الجمعي العربي والإفريقي فكرة النصر المعنوي والأخلاقي حتى في ظل ضعف الإمكانات.

و تابع النائب السابق في برلمان السودان، هناك مجتمعات محافظة ومرتبطة بالإرث الصوفي السني التقليدي، لكن في الوقت نفسه، الوجدان الشعبي يتفاعل بقوة مع مفاهيم الكرامة والتحرر من التبعية، خصوصاً في ظل التهميش التاريخي للمنطقة.أيضاً، الجامعات والمراكز الثقافية والمنابر شهدت تفاعلات كبيرة مع خطاب المقاومة، خاصة بعد استهداف غزة، وظهور رموز مثل "السيد حسن نصر الله" والمقاومة الفلسطينية كملهمين.

إيران ومحور المقاومة ساهموا في إعادة تعريف العزة والحرية كقيم مقاومة وليست فقط شعارات.

أما في شرق السودان، فهنالك تفاعل وجداني مع الفكرة لكن بحذر ثقافي وديني.هل يمثل محور المقاومة بديلاً حقيقياً للمحاور التقليدية في السودان؟في هذا المحور، رأى "مبارك النور" أن محور المقاومة تجاوز السرد التقليدي، بطرح البديل السياسي والثقافي في الوجدان السوداني، خاصة وسط نخب تعبوا من التبعية، وشباب يبحث عن معنى وهوية وموقف.محور المقاومة، الذي يضم إيران، حزب الله، فصائل المقاومة الفلسطينية، وبعض الجهات في سوريا والعراق واليمن والسودان، يطرح نموذجاً مختلفاً عن النموذج الخليجي (الفارسي) أو الغربي:

• السيادة الوطنية دون تبعية• العداء الصريح للكيان الصهيوني

• الاعتماد على النفس والتضحية من أجل الكرامة

أما من حيث القبول الشعبي والنخبوي في السودان، فالكثير من النخب السودانية، خاصة الإسلامية والقومية واليسارية المناهضة للغرب، ترى في محور المقاومة بديلاً حقيقياً، على الأقل من حيث الموقف السياسي الأخلاقي. هؤلاء النخب فقدوا الثقة في الخليج (الفارسي)، الذي كثيراً ما بدا تابعاً للقرار الأمريكي، بل وداعماً للتطبيع.أما الشباب السوداني اليوم، فهو يبحث عن مشروع متكامل يعطيه كرامة ومكانة، لا شعارات ومع مشاهد غزة والصمود، ازداد الإعجاب بنموذج المقاومة، خصوصاً أن كثيراً من الشباب يشعر بالخذلان من صمت وتواطؤ الأنظمة الخليجية (الفارسية) والغربية.

وأكد الأمين العام للتنسيقية العليا لكيانات شرق السودان،محور المقاومة يشكل بديلاً أخلاقياً يُلهم، لكن من حيث التحالفات الاقتصادية والتنموية والواقعية السياسية، لا يزال الخليج (الفارسي) والغرب أكثر حضوراً في مفاصل الدولة السودانية.أما الشباب، فيفضّلون محور المقاومة للأسباب التالية:

• الصدق في الموقف، لا مساومة في قضايا الأمة• الإحساس بالعزة، ومقاومة الصهاينة والمشروع الأمريكي تعطي شعوراً بأنك جزء من شيء كبير

• الرفض للهيمنة، وهو خطاب يتناسب مع المزاج السوداني الرافض تاريخياً للوصاية الأجنبية

محور المقاومة بات يمثل بديلاً للشباب، خصوصاً في ظل تراجع الثقة في المحاور التقليدية، لكن التحدي الماثل الآن هو تحويل هذا البديل إلى مشروع عملي يلبي الطموحات.


أجرت الحوار: الدكتورة معصومة فروزان

أهم الأخبار

الأكثر مشاهدة